تواجه فلسطين أزمة مياه من صنع الإنسان. ومع ذلك، يصور المسؤولون الحكوميون والمجتمع الدولي والوكالات المانحة وحتى الأدبيات الأكاديمية نقصَ الموارد المائية في فلسطين كنتيجة للظروف المناخية السائدة في المنطقة. وما لا تتطرق إليه هذه الروايات هو أن شُحَّ المياه في فلسطين مُركَّبٌ اجتماعي وسياسي يحجب الأبصار عن رؤية المساعي الإسرائيلية لترسيخ هيمنتها على الموارد المائية بدعم من الجهات المانحة، مما يؤدي إلى إجحاف شديد بحق الفلسطينيين في المياه.
تستغل إسرائيل حاليًا 85% من موارد المياه المشتركة في الضفة الغربية، وتضطر الأرض الفلسطينية المحتلة إلى الاعتماد على إسرائيل باعتبارها المورِّد الرئيسي للمياه. وبالرغم من هذا الواقع، تتعاطى اتفاقات إسرائيل مع السلطة الفلسطينية مع قضية المياه كمسألة عملية. وتتجاهل الحلول التكنولوجية المقترحة العناصر الاجتماعية والسياسية والثقافية للمياه. فضلًا على أن عمليات التحويل والحصص والمبادلات المتبعة لا تعترف بحقوق الفلسطينيين المائية.
يفاقم مجتمع المانحين الدوليين انعدام المساواة في المياه بين إسرائيل وفلسطين. ويبين الفشل في تحسين ظروف معيشة الفلسطينيين رغم ملايين الدولارات المحوَّلة لقطاع المياه في الأرض الفلسطينية المحتلة كيف تضر المساعدات بالاعتراف بالحقوق الفلسطينية. يواصل المانحون نهجهم المعتاد الذي يطبّع الاحتلال بالانخراط في التعاون البحثي والعلمي مع إسرائيل وتمويله، والاستثمار في تطوير البنية التحتية للمياه بتوجيه من إسرائيل.
تعزز الرواية الزائفة المشار إليها أعلاه الفصلَ الجغرافي والسياسي لقطاع غزة عن الضفة الغربية، حيث تعامل غزة ككيان قائم بذاته يحتاج إلى منشأة كثيفة لاستهلاك الطاقة خاصة به من أجل توفير المياه. وهذه الادعاءات تتجاهل حقيقة أن المياه في الضفة الغربية - الخاضعة بالكامل تقريبا للسيطرة الإسرائيلية - يمكن أن تلبي احتياجات غزة.
توصيات سياساتية
المانحون
- إبراز النهج الذي تتبعه الجهات المانحة في تطوير قطاع المياه وكيف أنه يصرف الانتباه في أحسن أحواله، ويضر الكرامة الفلسطينية والاستقلال والنجاح عمومًا في استعادة الحقوق المائية.
- مطالبة مشاريع تطوير قطاع المياه الممولة من المانحين بأن تتبع خطة إقليمية وشاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة.
- تعزيز المؤسسات البحثية والجامعات الفلسطينية كمراكز للمعرفة في سياسات الموارد الطبيعية وإدارتها، حيث يتم إنتاج التكنولوجيات الملائمة والبحوث التطبيقية لتعكس الأوجه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لإدارة الموارد الطبيعية في ظل الاحتلال.
السلطة الفلسطينية
- المطالبة بمزيد من الشفافية من مؤسسات السلطة الفلسطينية لضمان أنها تحمي حق الشعب الفلسطيني في الموارد الطبيعية بالانضمام إلى الحملات المحلية والدولية المدافعة عن الحقوق المائية ومؤازرتها، وتوفير منصة مسموعة لمنظمات المجتمع المدني للتعبير وطنيًا ودوليًا عن الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون في مجال المياه.
- بناء تحالفات مع الحركات الدولية والعابرة للحدود الوطنية لمواصلة فضح الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق المائية.