ملخص تنفيذي
قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات: محرك التنمية المكبّل في فلسطين
النقاط الرئيسية
- تنتهك إسرائيل القانون الدولي إذ تعوق تنمية قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، ممّا يترك آثارًا وبيلة على النشاط الاقتصادي الفلسطيني.
- يعاني الفلسطينيون من القيود المفروضة على خدمات الهاتف المحمول، وعدم توفر المعدات الأساسية، وقبضة إسرائيل على خدمات الإنترنت وسيطرتها على البوابات الدولية.
- تستفيد شركات الاتصالات الإسرائيلية من تفوق قوة إسرائيل كسلطة احتلال ومن السوق الفلسطينية الحبيسة على حساب الشركات الفلسطينية.
- يجب على المجتمع الدولي أن يقوم بتنمية قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفلسطيني من خلال المحافل الدولية واستثمارات القطاع الخاص المستهدفة، ومن خلال تعزيز الإطار التنظيمي والإدارة الاستراتيجية من طرف البلديات.
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، دورها الحاسم وإطارها القانوني
قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هو ركيزة تستند إليها القطاعات الأخرى كافة، وهو بالتالي يتيح التنمية الاجتماعية والاقتصادية بأبعادها المختلفة ويعزِّزها. فقد ساعدَ هذا القطاع في النهوض بالتنمية المحدودة الممكنة في فلسطين في ظل الاحتلال العسكري الجاثم. وبلغت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني 5.6% تقريبًا. غير أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ما انفك يخضع لقيودٍ إسرائيلية صارمة.
ووفقًا لقواعد لاهاي واتفاقية جنيف الرابعة، فإن إسرائيل ملزمةٌ بالسماح بتنمية الأرض المحتلة - ولا يحق لها تحت أي ظرف من الظروف أن تنتفع من الاحتلال. وقد باتت تكنولوجيا الاتصالات في الوقت الحاضر ضرورية جدًا للتنمية البشرية لدرجة أنها صارت تُعتبرُ حقًا من حقوق الإنسان.
تقييد الاستفادة من الطيف الكهرومغناطيسي
بالرغم من التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي، فإنها تفرض قيودًا صارمة تعوق استفادة الفلسطينيين من الطيف الكهرومغناطيسي. فشركة جوال الفلسطينية للهاتف المحمول تخدم ما يزيد على 2.5 مليون مشترك من خلال طيف ترددات يعادل ثمنَ الطيف الذي تستخدمه شركة سيلكوم الإسرائيلية لخدمة نحو 3 مليون مشترك.
ولا تزال إسرائيلُ لغاية الآن ترفض إتاحة ترددات إضافية ضمن نطاق الجيل الثاني (2G) لشركتي الهاتف المحمول الفلسطينية، شركة جوال وشركة الوطنية، ناهيك عن إطلاق الترددات المطلوبة لأنظمة وخدمات الجيلين الثالث والرابع (3G و 4G). وفي المقابل، أتاحت إسرائيل ترددات الاتصالات اللاسلكية على النطاق العريض للجيل الرابع (بما فيها الترددات التي تغطي الضفة الغربية وقطاع غزة) لستِّ شركات إسرائيلية في كانون الثاني/يناير 2015.
لقد تسبَّب حظر الوصول إلى هذه الخدمات على مدى عقود في إعاقة الشركات الفلسطينية وتخلفها تكنولوجيًا. وهكذا فإن تطبيقات من قبيل نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس) وخدمة باي بال وغيرها من تطبيقات الهاتف المحمول التي يعتبرها المستخدمون في بلدان أخرى من المسلَّمات غير متاحة للمستخدم الفلسطيني على شبكة المشغلين الفلسطينيين.
المشغلون الإسرائيليون يحصدون ما يزرع الفلسطينيون
يستطيع المشغلون الإسرائيليون توفير خدمات أفضل جودة للمستخدمين الفلسطينيين على حساب المشغلين الفلسطينيين. فعلى سبيل المثال، شيَّد المشغلون الإسرائيليون أبراج الجيل الثالث في المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية، في حين أن المشغلين الفلسطينيين مستبعدان إلى حدٍ كبير من بناء أبراج الخدمة في المنطقة (ج).
وعلاوةً على ذلك، يبيع المشغلون الإسرائيليون شرائح الجيلين الثالث والرابع في الضفة الغربية، ممَّا مكَّنهم من الاستحواذ على حصة من سوق الإنترنت الفلسطيني. وتشير التقديرات إلى أن حصة المشغلين الإسرائيليين في سوق الاتصالات الفلسطينية تبلغ ما بين 20% و40%. وقد قدَّر البنك الدولي في تقرير أصدره في 2008 خسارةَ إيرادات السلطة الفلسطينية بنحو 60 مليون دولار سنويًا بسبب المشغلين الإسرائيليين غير المرخصين.
إحكام السيطرة على البنية التحتية
الفلسطينيون محرمون من حقهم في إنشاء بوابة دولية في فلسطين، في مخالفة لقرارات الاتحاد الدولي للاتصالات 12 و18 و125. فقد سمحت إسرائيل بمد ثلاثة كابلات ألياف ضوئية ووصلتين اثنتين فقط للموجات الدقيقة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ممّا يصعب من إنشاء شبكة اتصالات فلسطينية مستقلة.
تعتمد البنية التحتية في غزة اعتمادًا كليًا على إسرائيل. فكابل الألياف الضوئية الوحيد الذي يربط غزة بالعالم يوجد في إسرائيل. وبالتالي، فإن جميع المكالمات تمر حتمًا عبر إسرائيل. وهكذا باتت البنية التحتية للاتصالات في غزة فضاءً للمراقبة والسيطرة، كما تبرهن المكالمات والرسائل النصية التي أرسلها الجيش الإسرائيلي إبان هجومه على قطاع غزة صيف 2014.
تقييد الحصول على المعدات الأساسية
تفرض إسرائيل على مستوردي معدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفلسطينيين عمليةً طويلةً مضنية للتأكد من مطابقة المواصفات والمعايير وإجراء التفتيش الأمني. وتمثل هذه العملية عقبة كُبرى أمام التنمية. والمستوردون الفلسطينيون مقيدون أيضًا بقائمة "المواد ذات الاستخدام المزدوج" التي تحددها إسرائيل وتحظر بموجبها أو تعوق استيراد المعدات المستخدمة في الاتصالات أو البنية التحتية للشبكات.
ثمة عقبةٌ رئيسية أخرى تعترض تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الأرض الفلسطينية المحتلة وتتمثل في القيود الإسرائيلية المشددة المفروضة على حرية الحركة والتنقل من خلال نظام محكم من الحواجز المادية والمؤسسية والإدارية. و تؤثر هذه القيود في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إذ تُصعِّب حركة العاملين فيه داخل الأرض الفلسطينية المحتلة وتعوق سفرهم منها وإليها، ممّا يؤثر في القدرة على الوصول إلى الجامعات والتواصل مع الخبراء في الخارج، وغيرها من الأمور.
مستقبل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في فلسطين
- ينبغي لمنظمة التحرير الفلسطينية/السلطة الفلسطينية استخدامُ مكانة فلسطين كدولة مراقبة واستخدام قرارات الاتحاد الدولي للاتصالات للضغط من أجل حرية الاستفادة من طيفها الترددي الكامل، وإنشاء بوابة دولية فلسطينية مستقلة عن البوابة الإسرائيلية. وبوسع أعضاء المجتمع الدولي أن يستخدموا مبدأ المعاملة بالمثل كأداة لدعم فلسطين في سعيها لتأمين حقوقها من خلال الاتحاد الدولي للاتصالات وغيره من المحافل الدولية.
- يمكن للشركات حول العالم أن تضطلع بدورٍ حيوي في تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفلسطيني وذلك بالاستعانة بفلسطينيين من أجل تنفيذ مشاريعها، ودعم المبتكرين والشركات الناشئة، والاستثمار في المهارات والمعارف الفلسطينية في مجال تكنولوجيا النانو، وتقنيات أمن تكنولوجيا المعلومات، والطباعة ثلاثية الأبعاد.
- ينبغي إنشاء هيئة فلسطينية لتنظيم الاتصالات من أجل تنظيم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإدارته بكفاءة أكبر. وهناك أيضًا حاجة ملحة لتحديث القانون الأساسي الذي يحكم القطاع، لأن تاريخه يعود إلى العام 1996 ولا يأخذ في الاعتبار التطور التكنولوجي العالمي.
- بالإمكان أيضًا إطلاق مبادرات على مستوى البلديات دون انتظار الجهات الفاعلة الخارجية، بما في ذلك مد كابلات الألياف الضوئية الأساسية وتركيب وصلات الموجات الدقيقة، وألواح الطاقة الشمسية على أعمدة إنارة الشوارع، وإنشاء شبكات انترنت لاسلكية تغطي المدن. وعلاوةً على ذلك، يمكن للبلديات الاستفادة من الشبكات العروية اللاسلكية وهي وسيلة واعدة لا تعتمد على الأبراج المركزية.