اقرأ/ي الورقة كاملةً
ملخص تنفيذي
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في فلسطين: تحدي قيود وديناميات القوة
بالنظر إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وتخلُّف الاقتصاد الفلسطيني، يعتقد الكثيرُ من الفلسطينيين بأن النمو في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يُعدُّ وسيلةً ممكنة لتحقيق الازدهار الاقتصادي وتقرير المصير الوطني. ومع ذلك، فإن ديناميات القوة التي تحدد معالم هذا القطاع، والمتمثلة في الدولة الإسرائيلية ومجتمع المانحين الدولي والسلطة الفلسطينية والرأسماليين الفلسطينيين المغتربين، تقيِّدُ قدرَته على التنمية وإحداث تغييرٍ اقتصادي مستدام في حياة الفلسطينيين.
يتناول هذا الموجز الصعوبات التي يواجهها الفلسطينيون القاطنون في الضفة الغربية – حيث تنطلق معظم مبادرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات – في تطوير هذا القطاع بسبب الاحتلال الإسرائيلي العسكري والرقمي المستمر. ويتحرى مبادرات السلطة الفلسطينية وجهودَها في سبيل تطوير هذا القطاع في فلسطين من خلال تعاونها مع الرأسماليين الفلسطينيين المغتربين كوسيلة للتغلب، ولو جزئيًا، على القيود الإسرائيلية المكبِّلة.
ومع أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفلسطيني لن يزدهر طالما واصلت إسرائيلُ احتلالَها العسكري والرقمي للفلسطينيين، فإن هذا الموجز السياساتي يقترحُ على السلطة الفلسطينية توصياتٍ حول سُبل تعزيز المكتسبات الماضية وتمكين الاستثمارات الاستراتيجية في القدرات الإنتاجية.
حلَّت فلسطين في المرتبة 123 من أصل 174عالميًا، والمرتبة 14 من أصل 19 إقليميًا على مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الخاص بالاتحاد الدولي للاتصالات للعام 2017، وبفارق كبير عن لبنان (المرتبة 64) والأردن (المرتبة 70). يُعزى التطور الحاصل في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفلسطيني إلى البنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية التي أُنشئت منذ إبرام اتفاقات أوسلو في 1993. وفي العام 1997، مُنحت شركة الاتصالات الفلسطينية، التي أصبحت الآن جزءًا من مجموعة الاتصالات الفلسطينية، تراخيص حصرية مدتها 5 و10 سنوات لإنشاء وتشغيل نُظم الاتصالات السلكية واللاسلكية واتصالات الهاتف المحمول. وباتت خدمات مجموعة الاتصالات الفلسطينية تصل اليوم إلى ما يزيد على 98% من الفلسطينيين القاطنين في المنطقتين (أ) و(ب) من خلال مشغل الهاتف المحمول، جوال، التابع لها مقارنةً بـ 2% فقط في العام 1997 عند انطلاقها.
غير أنّه لا ينبغي لهذا النجاح في إنشاء البنية التحتية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن يطغى على حقيقة أن الفلسطينيين يعانون التدني الشديد في معدلات نقل البيانات، وطول زمن الانتقال عبر الشبكة، وارتفاع رسوم الاشتراك، وتقادم التكنولوجيا المستخدمة، حيث بلغَ متوسط سرعات التنزيل والتحميل الخلوية 7.7 و2.2 ميجابت في الثانية في العام 2021، وهي ثالث أبطأ سرعة على مؤشر سرعة الإنترنت العالمي.
يُعزى تخلف البنية التحتية لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفلسطيني، برغم المنشآت الأخيرة، إلى الحظر الإسرائيلي المفروض على مدّ الألياف الضوئية لمنازل الفلسطينيين، وتقييد الاستخدام الخلوي لترددات الجيل الثاني في غزة والجيل الثالث في الضفة الغربية. أي أن إسرائيل حريصةٌ على أن تكون وظيفة خطوط الاتصالات الفلسطينية المنشأة مؤخرًا بمثابة امتداد للشبكات الرئيسية الإسرائيلية التي تجوب الضفة الغربية لربط المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية.
تتولى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المسؤولية عن تنظيم السوق، ولكنها لا تستطيع ممارسة صلاحياتها التنفيذية والتشريعية التي أُنشئت لأجلها في 2008 لأنها تفتقر بشدة إلى التمويل وإلى الموظفين وتعاني الانقسام الجغرافي بين غزة والضفة الغربية. ونتيجةً لذلك، لا تتلقى الشركات الفلسطينية الدعمَ المؤسسي اللازم لبناء قدراتها التنظيمية والتسويقية التنافسية لكي تنجح في ظل ضغوط السوق الدولية.
على الرغم من ضعف الموقف التفاوضي للسلطة الفلسطينية إزاء إسرائيل، إلا أنها في أواخر التسعينات وعندما لم تتمكن من فرض حقوق الملكية أو توفير الاستقرار اللازم لتدفق رأس المال من القطاع الخاص إلى فلسطين استجابت لدعوة من الفلسطينيين المقيمين في بلدان الخليج الذين تعهدوا، في البداية، بممارسة دور فعال في تشييد البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفلسطينية. وبموجب الاتفاق، مُنح الرأسماليون الفلسطينيون المغتربون الحقَّ المشروط في الريوع الاحتكارية الحصرية (أي، التراخيص) مقابل استثمارات طويلة الأجل في تنمية القدرة الإنتاجية.
على عكس شبكات التنفيع التقليدية، لا يملك الرأسماليون الفلسطينيون المغتربون ما يدفعهم لتجاوز السلطة الفلسطينية، والانخراط مباشرة مع إسرائيل طمعًا في الحصول على ريع أعلى. وبالنسبة إلى إسرائيل، فإن تعاونها مع الرأسماليين الفلسطينيين المغتربين ضمن لها النفوذ والسيطرة على التنمية في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية الفلسطينية. ونتيجةً لذلك، يتم الترويج لخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحكومية بطريقة لا تشكل أي تهديد مباشر لتدفقات الريع الكبيرة التي تنتفع منها إسرائيل.
بالرغم من محدودية قدرة السلطة الفلسطينية على تعزيز تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والاستثمار فيها، إلا أنه ينبغي لها:
- مواصلة الضغط السياسي على إسرائيل لكي تُخفِّف قيود الاستيراد، ولا سيما المفروضة على تكنولوجيا الجيلين الرابع والخامس.
- إنشاء منصة تُمكِّن أصحاب المصلحة من التواصل ومواءمة جهودهم في تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وتحقيقًا لذلك، ينبغي للسلطة الفلسطينية أن تُكلِّف جهة مستقلة بإجراء دراسات لتقييم السوق كي تضمن اتخاذ قرارات مبنية على الأدلة.
- تحديث وتوطيد السياسات التعليمية لتعزيز المعارف المتصلة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
- تركيز سياساتها التنموية على مأسسة قنوات توزيع التمويل، بحيث تكون الاستثمارات في مرافق التعليم العالي أكثر كفاءة وشفافية. وينبغي أن تستحدث هيئةً مسؤولة عن تنسيق هذه التدفقات المالية.
- تعزيز العلاقات مع الشركاء الإقليميين والعالميين للارتقاء بتبادل المعرفة وصادرات خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.