ملخص تنفيذي
القدس 2050: وجهةٌ سياحية متقدمة تكنولوجيًا ذات أغلبية يهودية تقطنها أقلية فلسطينية. هذه رؤية إسرائيل للمدينة، وهي عاكفةٌ على تحقيقها من خلال ثلاثة مخططات رئيسية لا يزال مخططان منها غير معروفين نسبيًا. تقدِّم الزميلة السياساتية للشبكة، نور عرفة، تحليلًا موجزًا للمخططات الثلاثة وكيف يتسنى للفلسطينيين مواجهتها وإبطالها.
النقاط الرئيسية
- وضعت إسرائيل ثلاثة مخططات رئيسية لمدينة القدس. أشهرها خطة القدس 2020 المنشورة في 2004. المخططان الآخران غير معروفين بالدرجة نفسها وهما: خطة ماروم الحكومية، وخطة القدس 5800 (المعروفة أيضًا باسم "القدس 2050") المنبثقة من القطاع الخاص.
- تعزز هذه المخططات بعضها تحقيقًا لهدفها المشترك المتمثل في زيادة عدد اليهود وتقليل عدد الفلسطينيين في القدس من خلال الاستعمار والتهجير وسلب الممتلكات.
- تركز هذه المخططات بوجه خاص على تطوير قطاعات السياحة والتعليم العالي والتكنولوجيا المتقدمة في المدينة. وتسعى باستخدام التخطيط الحضري والقانون وأساليب أخرى إلى ضمان أغلبية يهودية في القدس وتكبيل التوسع الحضري الفلسطيني.
- يتطلب دحضُ استعمار القدس إنشاءَ لجان شعبية تدافع عن حقوق المقيمين في القدس الشرقية، وتشكِّل بمجموعها هيئةً تمثل المقدسيين على المستويين المحلي والدولي.
وجهةٌ يهودية للسياحة والتعليم العالي والتكنولوجيا المتقدمة
يقع تطوير القطاع السياحي في القدس في صلب مخططات التنمية الثلاثة، إذ يعتبر محركًا للتنمية الاقتصادية لجذب اليهود إلى المدينة وأداةً للسيطرة على الرواية وتصوير القدس للعالم الخارجي "كمدينة يهودية."
تقترن هذه المخططات الرامية إلى ترويج السياحة الإسرائيلية بقيود إسرائيلية على تنمية صناعة السياحة الفلسطينية في القدس الشرقية. يتضرر قطاع السياحة الفلسطيني أيضًا بسبب الافتقار إلى رؤية واستراتيجية ترويجية فلسطينية واضحة، ما يعوق قدرته بشدة على رفد التنمية الاقتصادية المحدودة الممكنة في ظل الاحتلال.
تشترك المخططات الثلاثة في هدفٍ آخر وهو جذب اليهود من شتى أنحاء العالم إلى القدس من خلال تطوير التعليم العالي والتكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك بناء جامعة عالمية في وسط المدينة. تسعى المخططات إلى جعل القدس مدينةً أكاديمية رائدة جذابة للطلاب اليهود والدوليين الذين سيُشجَّعون على الاستقرار في القدس بعد تخرجهم. وتهدف المخططات كذلك إلى ترويج القدس كمركزٍ للبحث والتطوير في مجال التكنولوجيا البيولوجية.
طرد الفلسطينيين بالتخطيط العمراني و”القانون”
تطبق إسرائيلُ تدابير لضمان أغلبية يهودية في القدس واستدامة حدود المدينة السياسية المفروضة بحكم الواقع، ومن تلك التدابير جدار الفصل والتخطيط العمراني وإنفاذ القانون.
التخطيطُ الحضري هو عنصرٌ جوهري في خطة 2020 التي تشجع الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية وتهدف إلى الحد من الهجرة السلبية. ورغم أن خطة 2020 تُقر بأزمة السكن التي يعانيها الفلسطينيون وتقدم توصيات لتخفيفها، فإن توصياتها تظل تمييزية في الواقع.
فعلى سبيل المثال، 55.7% من المساكن الإضافية المخصصة للفلسطينيين ستتأتى من خلال البناء ضمن المناطق الحضرية القائمة، بينما 62.4 % من الإعمار اليهودي الإسرائيلي سيتحقق من خلال توسيع المناطق الحضرية. وفي حين تُخصِّص الخطة مساحة 2,300 دونم فقط للإعمار الفلسطيني، فإنها تخصص 9,500 دونم لليهود الإسرائيليين. وهي تدعم أيضًا الفصل المكاني بين سكان المدينة، أي تقسيم القدس إلى مناطق تنظيمية على أساس الانتماء العرقي بحيث لا تجمع أي منطقة بين الفلسطينيين واليهود الإسرائيليين.
تستخدم إسرائيلُ القانونَ أيضًا كوسيلة لطرد الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم، مثل قانونَ أملاك الغائبين الذي يخوِّل إسرائيل مصادرة عقارات فلسطينيي القدس الشرقية القاطنين في الضفة الغربية على اعتبار أن ممتلكاتهم في القدس الشرقية "أملاك غائبين". وهناك قانون آخر هو قانون الجيل الثالث الذي ينص على إعادة الممتلكات التي استأجرها الفلسطينيون قبل 1968 إلى مُلاكها الأصليين عند وفاة الجيل الثالث من المستأجرين الفلسطينيين، ومعظم هؤلاء الملاك من اليهود الذين تملَّكوا تلك العقارات قبل 1948.
إنقاذ القدس
يتفق ممثلون لمنظمات، وهيئات رسمية، وجمعيات محلية فلسطينية عديدة على أن دحض استعمار القدس وتهجير سكانها الفلسطينيين يتطلب اتخاذ خطوات لإنشاء لجان شعبية في كل حي من أحياء القدس الشرقية.
تستطيع هذه اللجان أن توعّي سكان القدس الشرقية بحقوقهم وبخطط إسرائيل للمستقبل، وأن تشكل بمجموعها هيئةً ممثلةً للقدس على المستوى الوطني، بحيث تعمل كقناةٍ للتواصل بين الفلسطينيين في القدس الشرقية والسلطة الفلسطينية والمجتمعين العربي والدولي والمجتمعات الفلسطينية في فلسطين والشتات.
نظرة عامة
العام هو 2050 وقد حققت إسرائيل رؤيتها للقدس كمركزٍ متقدمٍ تكنولوجيًا، ذي أغلبية يهودية، تؤمه أفواج من السياح، وتقطنه قلة فلسطينية. وفي سبيل ذلك، تعكف إسرائيل على تنفيذ ثلاثة مخططات رئيسية، أحدها معروف جيدًا، والآخرين غير معروفين.2لقد حذَّر إدوارد سعيد بالفعل في 1995 من أن “إسرائيل ستطرح تصورًا للقدس أولًا، وبذلك فقط ستستطيع أن تنتقل إلى إحداث تغييرات على الأرض تتوافق والصور والتوقعات.” إن “التصور” الإسرائيلي للقدس، كما تبين المخططات، ينطوي على زيادة عدد اليهود وتقليل الفلسطينيين تدريجيًا من خلال الاستيطان والتهجير والطرد (انظر الموجز السياساتي المنشور على الشبكة حول الأساليب المستخدمة، وانظر كذلك هذا التحديث الأخير).
مواضيع مرتبطة
خطة القدس 2020 هي أشهر المخططات الإسرائيلية الثلاثة للمدينة، ورغم أنها منشورة منذ العام 2004 فإنها لم تُحَل إلى المراجعة العامة حتى الآن. المخططان الثاني والثالث غير المعروفين هما خطة ماروم التي كلفت الحكومة بإعدادها لتطوير القدس، وخطة القدس 5800، المسماة أيضًا باسم القدس 2050، وهي منبثقة من مبادرة للقطاع الخاص ومطروحة باعتبارها “خطة ستغير ملامح القدس” (انظر الإطار).بينما تخطط إسرائيل لعام 2050، فإن “تصور” السلطة الفلسطينية للقدس يعود إلى عام 2010 حين نشرت الخطة الاستراتيجية للتنمية متعددة القطاعات بالقدس الشرقية للأعوام 2011-2013. أمّا خطة التنمية الوطنية الحالية لعامي 2014-2016 الصادرة من السلطة الفلسطينية فترجع ببساطة إلى خطة عام 2010. وفي حين تتحدث القيادة الفلسطينية عن القدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل وضمتها بشكل غير قانوني سنة 1967، باعتبارها عاصمة دولة فلسطين ومنطقة تنمية ذات أولوية، فإن 0.44 % فقط من ميزانية السلطة الفلسطينية لعام 2015 قد خُصِّصت لوزارة شؤون القدس ومحافظة القدس.تُحلل الزميلة السياساتية للشبكة، نور عرفة، في هذا الموجز السياساتي المخططات الإسرائيلية الكبرى للقدس، وتبيِّن كيف أنها تهدف إلى جعل المدينة مقصدًا سياحيًا ومركزًا للتكنولوجيا المتقدمة، وكيف توظف التخطيط العمراني لإعادة توزيع المدينة ديموغرافيًا. وتسلِّط الكاتبة الضوء على القوانين الجديدة والوبيلة التي فعَّلتها إسرائيل أو سنَّتها للتوسع في استعمار المدينة – وتحديدًا قانون أملاك الغائبين و”قانون الجيل الثالث”. وتتناول كذلك دور السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني، وتعدد تدابير قابلة للتحقيق يمكن أن تنفذها الجهات المعنية بمصير القدس.قبل الحديث عن المخططات الثلاثة، وتحليل كيف يعزز أحدهما الآخر، يجدر الذكر أن الضم الإسرائيلي للقدس الشرقية غير قانوني بموجب القانون الدولي، ولا يعترف به المجتمعُ الدولي. فضلًا على أن إعلانَ إسرائيل القدسَ عاصمةً لها، بشطريها الشرقي والغربي، ليس له وضعٌ قانوني دولي، وهذا يفسر انعدام التمثيل الدبلوماسي فيها، حتى من جانب الولايات المتحدة.
1. وضعت لجنةُ تخطيط وطنية “خطةَ القدس 2020” وأعلنتها في آب/أغسطس 2004. وهي أول مخطط مكاني شامل ومفصَّل يختص بالقدس الشرقية والغربية منذ احتلال إسرائيل القدسَ الشرقية سنة 1967. وبالرغم من أن الخطة لم تحظَ بالمصادقة بعد لأنها ما أُحيلت إلى المراجعة العامة حتى اللحظة، فإن السلطات الإسرائيلية ماضية في تنفيذ رؤيتها. تستهدف الخطة مجالات عديدة للتنمية بما فيها التخطيط الحضري والآثار والسياحة والاقتصاد والتعليم والنقل والبيئة والثقافة والفنون. والخطة متاحة على شبكة الإنترنت باللغة العبرية وأيضًا باللغة العربية عند مؤسسة الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس، ويستند هذا الموجز السياساتي إلى “المخطط الهيكلي المحلي” – التقرير رقم 4.
2. خطة ماروم هي خطة حكومية ستنفذها سلطة تطوير القدس التي تهدف إلى ترويج القدس “كمدينة عالمية ورائدة في التجارة ونوعية الحياة،” وتُعتبر هيئةَ تخطيطٍ رئيسية لبلدية القدس ومديرية الأراضي ومنظمات أخرى عاملة في مجال الإسكان والتشغيل، إلخ.
يعكف معهد القدس للدراسات الإسرائيلية على إجراء مشاورات وبحوث ورصد لخدمة خطة ماروم. والمعهد هو مركزٌ بحثي متعدد التخصصات يضطلع بدور ريادي في صنع سياسات التخطيط والتطوير في القدس في مجالات التخطيط الحضري والديموغرافيا والبنية التحتية والتعليم والإسكان والصناعة وسوق العمل والسياحة والثقافة، إلخ.
3. خطة “القدس 5800”، المعروفة أيضًا باسم “القدس 2050،” هي مبادرة خاصة أطلقها كيفن بيرميستر المبتكر التكنولوجي والمستثمر العقاري الأسترالي. تشمل الخطةُ رؤيةً ومقترحات مشاريع للقدس حتى عام 2050، وهي بمثابة “خطة تحول رئيسية للقدس” يمكن تنفيذها من خلال العمل مع البلديات والوكالات الحكومية الوطنية الأخرى. تنقسم الخطة إلى عدة مشاريع مستقلة، يمكن تنفيذ كلٍ منها على حِدة. ويُقال إن الفريق المسؤول عن تنفيذ الخطة يضم “أفضل المخططين الإسرائيليين في مجالات السياحة والنقل والبيئة والتراث والأمن.”
وجهةٌ يهودية للسياحة والتعليم العالي والتكنولوجيا المتقدمة
يقع تطوير القطاع السياحي في القدس في صلب مخططات التنمية الثلاثة التي يتناولها هذا الموجز السياساتي. ففي خطة العام 2020، مثلًا، تسعى بلدية القدس إلى تعزيز قطاع السياحة ولا سيما الجوانب الثقافية في القدس. وهي عاكفةٌ على التخطيط لحملة تسويقية لرفع إمكانات التطوير العقاري، ودعم السياحة الدولية والحضرية، والاستثمار في البنية التحتية السياحية لضمان تنمية هذا القطاع.تهدف خطة ماروم أيضًا إلى تطوير القدس كمدينة سياحية. وقد أجرى معهد القدس للدراسات الإسرائيلية في عام 2014 وحده 14 دراسة حول قطاع السياحة من أصل 18 دراسة أجراها في ذاك العام، وقدمها إلى بلدية القدس، ووزارة شؤون القدس ويهود الشتات، وسلطة تطوير القدس. وكجزء من خطة ماروم، خصَّصت الحكومة الإسرائيلية نحو 42 مليون دولار لدعم القدس كوجهة سياحية دولية، في حين يُتوقَّع أن تخصِّص وزارة السياحة نحو 21.5 مليون دولار لبناء فنادق في القدس. تقدم السلطة كذلك حوافزَ محددة لأصحاب المشاريع والشركات لإنشاء فنادق جديدة أو توسيع فنادق قائمة في القدس، وتنظيم الفعاليات الثقافية لجذب السياح مثل مهرجان أوبرا القدس، والفعاليات الخاصة بصناعة السياحة، مثل اتفاقية القدس للسياحة الدولية.يكمن تعزيز القطاع السياحي أيضًا في صميم خطة القدس 5800، التي ترى القدس “مدينةً عالمية، ومركزًا سياحيًا وبيئيًا وروحيًا وثقافيًا بارزًا،” يجذب 12 مليون سائح (10 ملايين أجنبي ومليوني زائر محلي) وما يزيد على 4 ملايين مقيم.ولجعل القدس “مصدرًا سياحيًا رئيسيًا في الشرق الأوسط،” تهدف خطة القدس 5800 إلى زيادة الاستثمار الخاص وبناء الفنادق، وتشييد الحدائق على أسطح البنايات والمتنزهات، وتحويل المناطق المحيطة بالمدينة القديمة إلى منطقة فنادق يُحظَر فيها سير المركبات. ترتئي الخطة أيضًا بناءَ طرق عالية الجودة للمواصلات، بما فيها “خط سكك حديدية وطني عالي السرعة، وشبكة شاملة من الحافلات ووسائل النقل العام، واستحداث العديد من الطرق السريعة وتوسيع الطرق القائمة، وطريقًا “فائقة السرعة” تقطع البلاد من الشمال إلى الجنوب.” وتقترح الخطة أيضًا إنشاء مطار في وادي هوركانيا بين القدس والبحر الميت لخدمة 35 مليون مسافر سنويًا. وسيرتبط هذا المطار بطرق وسكك حديدية موصلة إلى القدس ومطار بن غوريون ومدن أخرى.يسعى واضعو خطة القدس 5800 لإظهارها بأنها خطة غير سياسية تروج إلى “السلام من خلال الرخاء الاقتصادي،” بيد أن لها أهدافًا ديموغرافية تقول خلاف ذلك. فهي تتوخى أن يُفضي تنفيذ الخطة إلى جني 120 مليار دولار إضافية، واستحداث 75,000-85,000 فرصة عمل بدوام كامل في الفنادق، و300,000 وظيفة إضافية في الصناعات ذات الصلة، وهذا سيؤدي إلى تقليل نسب الفقر وجذب المزيد من اليهود إلى القدس، وزيادة عدد اليهود القاطنين في القدس، وترجيح كفة الميزان الديموغرافي اليهودي الفلسطيني لصالحهم.
خطط إسرائيل لتعزيز قطاع السياحة
42 مليون دولار: لتعزيز مكانة القدس كوجهة سياحية عالمية (خطة ماروم)
21.5 مليون دولار: لبناء فنادق في القدس.
12 مليون سائح سنويًا: هدفٌ تسعى له خطة القدس 5800.
ومع ذلك، لا يعتبر قطاع السياحة محركًا للتنمية الاقتصادية لجذب اليهود إلى المدينة وحسب، بل إن إسرائيل تستخدم تطوير قطاع السياحة في القدس والهيمنة عليه كأداةٍ للسيطرة على الرواية وضمان إبراز القدس للعالم الخارجي “كمدينة يهودية” (انظر مثلًا الخريطة الرسمية التي وضعتها وزارة السياحة للمدينة القديمة). تطبِّق إسرائيلُ قواعدَ صارمةً على مَن يمكنه العمل كمرشد سياحي، وعلى الرواية والمعلومات التاريخية التي يحكونها للسُّواح. أما المرشدون السياحيون الفلسطينيون الذين لا يلتزمون بالرواية والأوصاف الإسرائيلية الزائفة، ويحاولون تقديم تحليل بديل وناقد للوضع فيمكن أن تُسحَبَ منهم رخصُهم.تقترن هذه المخططات الرامية إلى ترويج صناعة السياحة الإسرائيلية بقيود إسرائيلية على تنمية صناعة السياحة الفلسطينية في القدس الشرقية. ومن تلك العراقيل الإسرائيلية عزُل القدس الشرقية عن باقي الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا سيما بعد بناء الجدار، وقلة الأراضي المتاحة وارتفاع أسعارها، وضعف البنية التحتية المادية، وارتفاع الضرائب، والقيود المفروضة على إصدار تراخيص بناء الفنادق أو تحويل المباني القائمة إلى الفنادق، وصعوبة إجراءات ترخيص الشركات السياحية الفلسطينية. ومع ضخ ملايين الدولارات في سوق السياحة الإسرائيلية، فإن هذه العراقيل تقتل أمل صناعة السياحة الفلسطينية في منافسة نظيرتها الإسرائيلية.يتضرر قطاع السياحة الفلسطيني أيضًا بسبب الافتقار إلى رؤية واستراتيجية ترويجية فلسطينية واضحة، ما يعوق قدرته بشدة على دعم التنمية الاقتصادية المحدودة الممكنة في ظل الاحتلال. وعلى الرغم من مساهمة منظمات المجتمع المدني في تعزيز هذا القطاع، فإن جهوده “مجزأة وتعاني ضعف التنسيق” كما يصفها تحليلٌ نشرته مجلة فلسطين هذا الأسبوع (This Week in Palestine).تشترك المخططات الثلاثة في هدفٍ آخر وهو جذب اليهود من شتى أنحاء العالم إلى القدس من خلال تطوير صناعتين متقدمتين: التعليم العالي والتكنولوجيا المتقدمة. فمن أجل الارتقاء بصناعة التعليم العالي، تهدف خطة 2020 إلى بناء جامعة دولية في وسط المدينة، تعتمدُ اللغةَ الإنجليزية لغةً رئيسيةً للتدريس فيها. أما خطة ماروم فتسعى إلى جعل القدس “مدينة أكاديمية رائدة” جذابة للطلاب اليهود والدوليين الذين سيُشجَّعون على الاستقرار في القدس بعد التخرج. وفي السياق نفسه، ترى خطة القدس 5800 فرصةً مواتية لاستحداث الوظائف وفرص العمل وتحقيق النمو الاقتصادي من خلال “الإقامة المطوَّلة لغرض السياحة التعليمية.”يرتبط تطوير صناعة التعليم العالي ارتباطًا وثيقًا بتطوير التكنولوجيا المتقدمة، والمعلومات البيولوجية، وصناعة التكنولوجيا البيولوجية. لذا تدعو خطة 2020 إلى إنشاء جامعة للإدارة والتكنولوجيا في مركز مدينة القدس، وإلى مساعدات حكومية للبحث والتطوير في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والتكنولوجيا البيولوجية. وبالمثل، تهدف خطة ماروم إلى ترويج القدس كمركز بحث وتطوير في مجال التكنولوجيا البيولوجية.وفي هذا السياق، أنشأت سلطة تطوير القدس مركزَ القدس البيولوجية لتعزيز الشركات الطبية البيولوجية في القدس كمحركٍ محتمل للتنمية الاقتصادية. ولجذب هذه الشركات إلى القدس، تعرض السلطة مزايا سخيةً جدًا كالتخفيضات الضريبية، والمِنح لتوظيف عمال جدد في القدس، والمِنح الخاصة للشركات العاملة في مجال البحث والتطوير أو في تشييد البنية التحتية المادية. ومن المتوقع أيضًا أن تكون صناعة التكنولوجيا المتقدمة وصناعة الرعاية الصحية من أكثر المستفيدين من خطة “القدس 5800”.
طرد الفلسطينيين بالتخطيط العمراني و”القانون”
في الوقت الذي تعكف فيه إسرائيل على تحويل القدس إلى مركزٍ تجاري يجذب اليهود ويؤمِّنهم بفرص عمل، تستشري المشاكل التي تواجهها القدس الشرقية. ومنها انكماش قطاع الأعمال والتجارة الفلسطيني، وضعف قطاع التعليم، ووهن البنية التحتية. ومن نتائج التضييق على إمكانات القدس الشرقية ارتفاعُ معدلات الفقر، حيث كان 75% من مجموع الفلسطينيين في القدس الشرقية وقرابة 84% من الأطفال – يعيشون تحت خط الفقر في 2015. وبالإضافة إلى ذلك، ثمة أزمةُ هويةٍ متنامية في القدس الشرقية، ولا سيما في أوساط الشباب، بسبب عزلتها عن سائر الأرض الفلسطينية المحتلة، والفراغ القيادي والمؤسسي، وفقدان الأمل في إمكانية التغيير نحو الأفضل.الجدارُ هو أحد أبرز التدابير الديموغرافية التي تستخدمها إسرائيل لضمان أغلبيةٍ يهودية في القدس، وتفعيل حدود القدس السياسية التي تفرضها إسرائيلُ بحكم الواقع، وتجعل بذلك القدسَ أكبرَ مدينة في إسرائيل. شيَّدت إسرائيل الجدار بحيث تتمكن من ضم 160 كم2 إضافية من الأرض الفلسطينية المحتلة، وفصل ما يزيد على 55,000 مقدسي عن وسط مدينتهم. أمّا التخطيط والتنمية في الأحياء الواقعة وراء الجدار فهي سيئةٌ جدًا، وتكاد تغيب فيها الخدمات الحكومية والبلدية رغم أن الفلسطينيين القاطنين في تلك المناطق يدفعون ضريبة العقارات أو الأرنونا.التخطيط الحضري هو أداةٌ جيوسياسية واستراتيجية رئيسية أخرى ما فتئت إسرائيلُ تستخدمها منذ 1967 لإحكام قبضتها على القدس، وتقييد التوسع العمراني الفلسطيني، سعيًا لتهويد المدينة. يكمن التخطيط الحضري في صميم خطة 2020 التي تعتبر القدس كوحدة حضرية واحدة، ومدينة حاضرة، وعاصمة لإسرائيل. ومن أهداف الخطة “الحفاظ على أغلبية يهودية راسخة في المدينة” من خلال تشجيع المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية والحد من الهجرة السلبية. ومن بين ما تصبو إليه الخطة بناءُ وحدات سكنية بأسعار معقولة في بعض الأحياء اليهودية القائمة، وبناء أحياء جديدة. وترتئي الخطةُ أيضًا ربطَ المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية بالقدس وتل أبيب جغرافيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.تعترف خطة 2020 بأزمة السكن التي يعانيها الفلسطينيون، وعدم كفاية البنية التحتية في الأحياء الفلسطينية، وشُح الخدمات العامة المقدمة. وهي تهدف إلى تمكين التكثيف في القرى الريفية والأحياء الحضرية القائمة، وترميم مخيم شعفاط للاجئين، الواقع داخل حدود بلدية القدس كما رسَّمتها إسرائيل، وتنفيذ مشاريع البنية التحتية.ورغم أن الخطة تبدو في ظاهرها معنية بتنمية المناطق الفلسطينية على قدم المساواة، إلا إنها تمييزية في الواقع. فهي لا تراعي معدل النمو الفلسطيني في القدس الشرقية، والندرة المتراكمة في المساكن. وهي تُخصِّص مساحة 2,300 دونم فقط (2.3 كم2) للإعمار الفلسطيني مقابل 9,500 دونم لليهود الإسرائيليين. وعلاوةً على ذلك، فإن معظم الوحدات السكنية الجديدة المقترحة للفلسطينيين تقع في المناطق الشمالية والجنوبية من القدس الشرقية، وليس في البلدة القديمة، حيث تشتد أزمةُ السكن، ويشتد كذلك النشاط الاستيطاني.
طرد الفلسطينيين
2,300 دونم مخصصة للإعمار الفلسطيني مقابل 9,500 دونم لليهود الإسرائيليين.
55.7% من المساكن الإضافية للفلسطينيين ستتأتى من خلال البناء داخل المناطق الحضرية القائمة أصلًا، في حين أن 62.4% من الإعمار اليهودي الإسرائيلي سيتأتى من خلال توسيع المناطق الحضرية (بما فيها المستوطنات).
30,000 دولار: الكلفة التقريبية لإصدار رخصة البناء في القدس. (المصدر: مقابلة مع الكاتبة)
وعلاوةً على ذلك، 62.4% من الزيادة في الإعمار اليهودي الإسرائيلي ستتحقق من خلال بناء مستوطنات جديدة وتوسيع مستوطنات قائمة، ممّا يعزز السيطرة الإقليمية اليهودية. وفي المقابل، فإن أكثر من نصف المساكن (55.7%) الإضافية المخصصة للفلسطينيين ستتأتى من خلال التكثيف، أي البناء في المناطق الحضرية القائمة، بما في ذلك من خلال التوسع الرأسي. وفي حين أن الفلسطينيين يتفوقون في كثافة المقيمين ويبنون على الدونم الواحد استنادًا إلى كثافة مقيمين أدنى من المتوسط، فإن الإسرائيليين في المناطق اليهودية أقل في كثافة المقيمين ويبنون استنادًا إلى كثافة مقيمين أعلى من المتوسط.سوف تبقى مقترحات الخطة لمعالجة أزمة السكن في القدس الشرقية حبرًا على ورق على الأرجح بسبب العراقيل الجسيمة التي تحول دون تنفيذها. فلا بد من استيفاء شروط مسبقة قبل أن تصدر السلطات الإسرائيلية تراخيص البناء، ومن تلك الشروط توفر ما يكفي من الطرق (لترخيص بناء مكوَّن من ستة طوابق، مثلًا، لا بد أن يكون البناء مُشرفًا على شارعٍ لا يقل عرضه عن 12 مترًا)، ومساحات لاصطفاف السيارات، وشبكات الصرف الصحي والمجاري، والمباني والمؤسسات العامة. وليس للفلسطينيين سلطة على هذه الشروط، التي تندرج تحت مسؤولية البلدية. وغني عن القول إن هذه الشروط تجعل من الصعب جدًا على الفلسطينيين بناء منازل جديدة. كما تتجاهل الخطة أيضًا النقصَ في الغرف الصفية والمرافق الصحية والمناطق التجارية والمؤسسات العامة اللازمة لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من السكان الفلسطينيين.إن الوجود الفلسطيني في القدس وتطوير الأحياء الفلسطينية يخضعُ لقيودٍ شديدة بسبب التزام الخطة “بتطبيق قوانين التخطيط والبناء بصرامة… لمنع ظاهرة البناء غير القانوني.” غير أن نصيب الفلسطينيين من تراخيص البناء الصادرة في القدس في السنوات القليلة الماضية بلغ 7% فقط. وهكذا فإن التمييز الإسرائيلي في إصدار تراخيص البناء بالموازاة مع ارتفاع كلفة هذه الرخص (حوالي 30,000 دولار وفقًا لمعلومات اطلعت عليها الكاتبة) يضطَّر العديدَ من الفلسطينيين إلى البناء بشكل غير قانوني.يواجه الفلسطينيون التمييز أيضًا عند إنفاذ اللوائح. فوفقًا لتقرير أصدره مركز التعاون والسلام الدولي، ارتُكبت 78.4% من مخالفات البناء في القدس الغربية بين عامي 2004 و2008، مقارنة بنسبة 21.5% في القدس الشرقية. ومع ذلك، صدرت أوامر هدم قضائية بحق 27% فقط من جميع المخالفات المرتكبة في القدس الغربية، مقارنةً بالقدس الشرقية التي شهدت أوامر هدم قضائية بحق 84% من المخالفات فيها. وبالإضافة إلى التأثير النفسي وعدم الاستقرار الناجم عن هدم منازل الفلسطينيين وضياع استثماراتهم وممتلكاتهم، يُضطر الفلسطينيون أيضًا إلى دفع رسوم “البناء غير القانوني” للبلدية الإسرائيلية لتغطية تكاليف هدم منازلهم، ممّا يُدرُّ عائدًا كبيرًا على البلدية الإسرائيلية. يُقدِّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن البلدية جَنت في الفترة 2001-2006 مبلغًا سنويًا قدره 25.5 مليون شيكل (حوالي 6.6 مليون دولار) من عوائد رسوم “البناء غير القانوني.”وهكذا فإن خطةَ 2020 هي خطةٌ سياسية تَستخدم التخطيط العمراني كأداة لضمان السيطرة الديموغرافية والإقليمية اليهودية في المدينة، وتدعم “الفصل المكاني بين الفئات السكانية المتنوعة في المدينة”، وتعتبره “ميزةً حقيقية.” وتسعى إلى تقسيم القدس إلى مناطق تنظيمية عديدة على أساس الانتماء العرقي بحيث لا تجمع أي منطقة بين الفلسطينيين واليهود الإسرائيليين.ومن الجدير بالذكر أن مؤسسات الدولة ليست وحدها المنخرطة في تهويد القدس. فهناك منظمات غير حكومية ومنظمات دينية تشارك أيضًا في إعادة تشكيل الحيز الحضري. ومنها، على سبيل المثال، منظمة إلعاد اليمينية التي كرست هدفها الرئيسي لتوطين اليهود في حي سلوان الفلسطيني، وتشغيل المواقع السياحية والأثرية، ولا سيما في حي سلوان – التي يسمونها “مدينة داود.” تسعى إلعاد إلى إعادة إنشاء القدس كمدينة يهودية يغلب عليها التاريخ والتراث اليهودي من خلال محو الوجود الفلسطيني المادي والتاريخي. وبحسب صحيفة هآرتس، كان يعمل في إلعاد 97 موظفًا بدوام كامل في العام 2014، وتلقت تبرعات تنوف على 115 مليون دولار بين عامي 2006 و2013، ممّا يجعلها إحدى أغنى المنظمات غير الحكومية في إسرائيل. ومن المنظمات الأخرى المنخرطة في تغيير التركيبة الديمغرافية بالقدس منظمة عطيرت كوهانيم التي تسعى إلى إيجاد أغلبية يهودية في البلدة القديمة وفي الأحياء الفلسطينية بالقدس الشرقية.تستخدم إسرائيلُ القانونَ أيضًا كوسيلة لطرد الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم بهدف ضمان سيادتها وسيطرتها على القدس. فقد فعَّلت المحكمة العليا الإسرائيلية بتاريخ 15 آذار/مارس 2015 قانونَ أملاك الغائبين الذي صدر في 1950 بهدف مصادرة ممتلكات الفلسطينيين الذين طُردوا إبان نكبة 1948، واستخدمته دولة إسرائيل الوليدة “كسندٍ قانوني” لوضع يدها على ممتلكات الفلسطينيين المهجَّرين. وفي العام 1967، طبَّقت إسرائيلُ القانون على القدس الشرقية وصادرت بموجبه ممتلكات المقدسيين المقيمين خارج فلسطين. والتفعيل الأخير للقانون في 2015 يمكِّن إسرائيلَ من مصادرة ممتلكات أهالي القدس الشرقية الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية على اعتبار أن ممتلكاتهم في القدس الشرقية “أملاك غائبين”.وفي حين لا يستطيع الفلسطينيون المطالبة بممتلكاتهم المسلوبة في 1948 أو 1967 فيما بات يعرف الآن بالقدس الغربية، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية لمصلحة مطالبات المستوطنين الإسرائيليين “باستعادة” المنازل التي أعطتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) للفلسطينيين الذين فروا من القدس الغربية وإسرائيل في 1948. أي أن المحكمة العليا مارست التمييز لأنها طبَّقت القانون على اليهود الطامحين في العودة إلى ممتلكاتهم التي كانت تحت أيديهم قبل العام 1948 ولم تطبِّقه على الفلسطينيين.قانون الجيل الثالث هو قانونٌ وبيلٌ آخر يستهدف الممتلكات المستأجرة قبل 1968 والتي يُفتَرض أن تكون محميةً بموجب القانون. فهو يُنهي مدةَ الحماية بوفاة الجيل الثالث من المستأجرين الفلسطينيين، وبعدها تعود الملكية إلى أصحابها الأصليين، ومعظمهم من اليهود الذين امتلكوا تلك العقارات قبل 1948. ووفقًا لخليل تفكجي، يواجه أكثر من 300 فلسطينيًا خطرَ الطرد من منازلهم. وفي سلوان وحدها صدرَ 80 أمرًا قضائيًا يهدد مئات الفلسطينيين بالإخلاء.
إنقاذ القدس
أغلقت إسرائيلُ منذ العام 2001 ما لا يقل عن 31 مؤسسةً فلسطينية، من بينها بيت الشرق، المقر السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية، والغرفة التجارية الصناعية. وتحظر على محافظة القدس ووزارة شؤون القدس العملَ في القدس، وتُضطرهما إلى إدارة أعمالهما من أحد المباني في بلدة الرام الواقعة إلى الشمال الشرقي من القدس خارج حدود بلدية القدس التي تفرضها إسرائيل.وبالنظر إلى الفراغ القيادي والمؤسسي الذي أوجدته إسرائيل في القدس الشرقية، بات إيجادُ السُبلِ لدحض استعمارها المدينةَ وتهجيرِ سكانها الفلسطينيين أمرًا أكثر عُسرًا. لقد أُتيحت لي الفرصة، في سياق البحث لإعداد هذا الموجز السياساتي، أن أتحدثَ إلى ممثلين من منظمات، وهيئات رسمية، وجمعيات محلية عديدة. واتفقَ معظمهم على أن إحدى الخطوات الأكثر إلحاحًا الواجب اتخاذها هي تشكيل لجان شعبية في كل حي من أحياء القدس الشرقية، حيث إن بوسع هذه اللجان أن توعّي سكان القدس الشرقية بشأن حقوقهم كمقيمين، وبشأن خطط إسرائيل للمستقبل، وأن تشجِّعَ العملَ التطوعي، وتثني الفلسطينيين عن بيع أراضيهم لليهود الإسرائيليين وترصد حالات البيع، وتمثِّل الحي في المحافل الوطنية، وتتعاون فيما بينها لتعزيز جهودها في الدفاع عن الأرض الفلسطينية.متى ما تأسست هذه اللجان في كل الأحياء، فإنها ستشكل هيئةً ممثلةً للقدس على المستوى الوطني، وهي حاجةٌ ملحة بحسب المنظمات المقدسية، إذ ستكون هيئةً شاملة للكافة تضم محافظة القدس، وممثلين لمنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وأعضاءَ مستقلين. سوف تكون هذه الهيئة قناةً للتواصل بين الفلسطينيين في القدس الشرقية والسلطة الفلسطينية وبقية العالم. ويمكن لهذه الهيئة التمثيلية أن تنشط على ثلاث جبهات رئيسية:1. السلطة الفلسطينية/ منظمة التحرير الفلسطينية. تستطيع هيئة تمثيل القدس أن تضغطَ على السلطة الفلسطينية / منظمة التحرير الفلسطينية لكي تُولِي القدسَ الصدارةَ في التزامات الحكومة الفلسطينية، وتضمنَ حصولها على مخصصات الميزانية وغيرها من أشكال الدعم التي تحتاجها في مواجهة سياسات التهويد الإسرائيلية.2. المجتمعان العربي والدولي. ينبغي لهيئة تمثيل القدس أن تتصدر جهود الدعوة والمناصرة والضغط وحملات كسب التأييد على المستوى الإقليمي والدولي بالتنسيق مع الشتات الفلسطيني. وعلى سبيل المثال، يجب حشد الجهود الأردنية باعتبار الأردن وصي على الأماكن المقدسة في القدس للمساعدة في استدامة بيئة آمنة للفلسطينيين في القدس الشرقية. وينبغي كذلك حشد دعم الدول العربية الأخرى، ولا سيما المغرب والمملكة العربية السعودية نظرًا لعلاقتها الخاصة بالقدس.وينبغي بذل المزيد من الجهود للتواصل مع البلدان التي أظهرت تضامنها فعلًا مع الفلسطينيين، كالسويد وبلدان أمريكا اللاتينية، ودول البريكس وغيرها، عسى أن تُسخِّر مساعيها الحميدة مباشرةً وبالتعاون مع دول أخرى لمحاسبة إسرائيل على ضمِّها القدسَ الشرقية دون سندٍ قانوني واستعمارها. فغالبًا ما يُغفِل الخطابُ الرسمي حقيقةَ أن القدسَ الشرقية جزءٌ من الضفة الغربية المحتلة، وهذه الحقيقة ينبغي توكيدها.ينبغي لهذه الدول كذلك أن توظِّفَ مساعيها الحميدة بالعمل مع منظمة التحرير الفلسطينية / دولة فلسطين وفي الأمم المتحدة على جميع المستويات، بما فيها مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان وبرامج الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة لفضح السياسات الإسرائيلية في القدس الشرقية، ودعوة الدول الأعضاء إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية. وعلى وجه الخصوص، ينبغي للدول الأعضاء أن تفعِّلَ قرار مجلس الأمن رقم 478 لعام 1980 الذي أعلن أن “جميع التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، والتي تستهدف تغيير المركز القانوني أو الطبيعة الديمغرافية للمدينة المقدسة، تعتبر لاغية وباطلة ويجب إلغاؤها فورا.”الاتحاد الأوروبي أيضًا مُلزمٌ بالامتثال التام لمبدأ عدم الاعتراف بسيادة إسرائيل على القدس الشرقية. وينبغي للاتحاد الأوروبي أن يترجمَ خطابه إلى أفعال من خلال وقف كل الأنشطة الاقتصادية والمالية والمصرفية والاستثمارية والأكاديمية والتجارية المباشرة وغير المباشرة في المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية وسائر الأرض الفلسطينية المحتلة.بوسع منظمة التعاون الإسلامي أن تضطلعَ بدورٍ رئيسي في الحفاظ على الحقوق الفلسطينية في القدس الشرقية من خلال تقديم الدعم المباشر والضغط على الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لتقديم الدعم واتخاذ التدابير اللازمة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية وجبر أضرارها. ومن التدابير الممكن اتخاذها أن تقوم الأمم المتحدة و/أو الاتحاد الأوروبي بإنشاء سجلٍ للانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان والأضرار التي يتكبدها الفلسطينيون بسبب سياسات التهويد الإسرائيلية والتوسع الاستيطاني في القدس الشرقية وسائر الأرض الفلسطينية المحتلة.من المهم أيضًا إنشاءُ هيئة تمويلية أو مصرف إنمائي للتغلب على نقص التمويل وهو أحد المشاكل الرئيسية التي تواجه المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية. ويمكن أن يضطلع المصرفُ الإنمائي بوظائف عديدة مثل تقديم التسهيلات الائتمانية بما أن معظم القروض متاحة فقط بأسعار فائدة مرتفعة جدًا، والمساعدة في تمويل تطوير قطاع الإسكان، وتوفير الحوافز لتشجيع الاستثمار والمساعدة في إنعاش القطاع التجاري. وينبغي للقطاع الخاص الفلسطيني والمصارف الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها أن تضطلع بمسؤولياتها، وأن تكون جزءًا من المصرف الإنمائي المقترح.3. المجتمعات المحلية الفلسطينية في فلسطين والشتات. ينبغي لهذه المجتمعات أن تساعد في بلورة رؤية واضحة واستراتيجية تشغيلية للقدس وإبرازهما. فينبغي تحديد التدابير العملية لمواجهة سياسات التهويد الإسرائيلية، وتعزيز القدرة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني في القدس الشرقية وتوطيد ارتباطه باقتصاد الضفة الغربية والعالم العربي، وتعزيز قطاع السياحة لدعم التنمية الاقتصادية المحدودة الممكنة في ظل الاحتلال، وإحياء المكانة الثقافية والاقتصادية للمدينة القديمة، وتعزيز قطاعي التعليم والصحة، وتعزيز التكامل بين الفلسطينيين في القدس الشرقية وسائر الأرض الفلسطينية المحتلة.ولا بد من تنسيق الجهود التي تبذلها الهيئات القانونية العاكفة على تقديم المساعدة القانونية لفلسطينيي القدس الشرقية فيما يتعلق، على سبيل المثال، بإلغاء هويات الإقامة، ولمّ شمل الأسر، ومصادرة الأراضي، وهدم المنازل، والتخطيط العمراني.وللمجتمع المدني الفلسطيني، ولا سيما حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، دورٌ حيوي في استهداف المخططات التي أعدتها إسرائيل للسياحة والتكنولوجيا المتقدمة في القدس، وذلك من خلال حملات مقاطعة المؤسسات الأكاديمية والثقافية الإسرائيلية والشركات المتورطة في تهويد القدس.الحاجةُ ملحةٌ أيضًا لصياغة استراتيجية إعلامية منسقة لإعلاء الأصوات الفلسطينية تحديًا لقوة إسرائيل الخطابية وعرضها للقدس مجردةً من تاريخها. وللأكاديميين والمحللين السياسيين أيضًا دورٌ حيوي نظرًا لندرة البحوث حول التنمية الاجتماعية والاقتصادية في القدس الشرقية والمخططات الإسرائيلية الكبرى للقدس وقلة مراكز البحث العاملة في القدس الشرقية. وينبغي للبحوث المستقبلية أن تتجاوز مرحلة تشخيص المشاكل إلى اقتراح الحلول المبتكرة، باتباع نهج مُبادرٍ واستباقي بدلا من نهجٍ يعتمدُ ردَّ الفعل. ولا بد من جَسر الهوة بين الأكاديميين وصناع السياسات لضمان اتحاد الجهود كافة وتوجيهها نحو إعمال تقرير المصير ونيل الكرامة والحرية والعدالة.
- تتوفر كافة إصدارات الشبكة باللغتين العربية والانجليزية (اضغط/ي هنا لمطالعة النص بالإنجليزية). لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية أو باللغة الإيطالية، اضغط/ي هنا أو هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.