Beyond South Africa: Understanding Israeli Apartheid

لمحة عامة

تركِّز الكثير من التحليلات التي تتناول الأبرتهايد أو الفصل العنصري الإسرائيلي على عقد المقارنات مع جنوب إفريقيا. غير أن مستشار السياسيات لدى الشبكة سامر عبد النور يحاجج بأن الخصائص المحددة التي تتفرد بها النسخة الإسرائيلية من الأبرتهايد تسترعي فهمًا أفضل من أجل تفكيكها بنجاح. وهو يحدد ثلاثة أبعاد متشابكة للأبرتهايد الإسرائيلي هي البعد المادي والبنيوي والأيديولوجي. وبتناول الأبرتهايد من خلال هذه الأبعاد، يكشف الكاتب أن الأبرتهايد الإسرائيلي أكثر تعقيدًا بكثير من سالفه الجنوب إفريقي، ويقترح توجهات فكرية وعملية لمناهضة الأبرتهايد الإسرائيلي.

الجذور الاستعمارية للأبرتهايد

“الأبرتهايد الإسرائيلي” هو مصطلح يُستخدم عادةً لوصف العنف والفصل العنصريين المكرسين في المؤسسات الإسرائيلية.1 ورغم أن أكثر أنصار إسرائيل تحمسًا سيواصلون مقاومة خطاب الأبرتهايد، فإن واقع الأبرتهايد في إسرائيل لا يخفى على أحد. ولكن ما هو الأبرتهايد بالضبط؟ وكيف لنا أن نفهم نظام الأبرتهايد الإسرائيلي؟

الأبرتهايد هو نظامٌ معقدٌ من ممارسات العنف والفصل والطرد القائمة على أسس عرقية. وللأبرتهايد جذورٌ استعمارية؛ فلطالما استخدم الأوروبيون ممارسات الأبرتهايد للبطش بالشعوب الأصلية التي استعمروها وبالأروبيين “غير المرغوب بهم” على حدٍ سواء. نشأت نُظم الأبرتهايد الحديثة، كالنظامين الجنوب إفريقي والإسرائيلي، من الممارسات التاريخية المتمثلة في تقييد الحركة والاحتجاز. وكما تعلم الجنوب إفريقيين ذوي الأصول الأوروبية من نظام المحميات الكندي في مطلع القرن العشرين،2 فإن إسرائيل تنتهج ممارسات تُذكِّر بجنوب إفريقيا إبان عهد الأبرتهايد.

ونظرًا للدعم القوي الذي قدمته إسرائيل لجنوب إفريقيا إبان الأبرتهايد والتشابه البيِّن بين سياسات جنوب إفريقيا العنصرية3 والسياسات الإسرائيلية في الزمن الحاضر، فإن من غير المستغرب أن تشكِّل تجربة جنوب إفريقيا منطلقًا للتحليلات التي تتناول الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. وبالمثل، فإن الناشطين المناهضين للأبرتهايد يكررون أساليب تُذكر بتلك التي استُخدمت للضغط على نظام الأبرتهايد الجنوب إفريقي، وأبرزها استراتيجيات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.

ورغم أوجه التشابه وفصول التاريخ المشتركة بين إسرائيل وجنوب إفريقيا، فإن الإفراط في الاعتماد على المقارنات قد يعوق محاولة الفهم التام للأبرتهايد الإسرائيلي. فثمة فروقٌ بارزة منها دور العمالة الأصلية ووكالتها. فجنوب إفريقيا كانت ولا تزال تعتمد على السود كيدٍ عاملة في قطاعات عدة كالتعدين وهو ما أدى في بعض الأحيان إلى نجاح التعبئة المناهِضة لسياسات الدولة. أمّا إسرائيل فقد باتت اليوم أقل اعتمادًا على اليد العاملة الفلسطينية. ورغم أن بناء المستوطنات لا يزال يوظف عددًا كبيرًا من الفلسطينيين فإن من الصعب أن يتصور المرء أن تعبئة العمالة المنخرطة في المستوطنات سيفرض تهديدًا على إسرائيل وذلك لأن المستوطنات لا تشكل مصدرًا رئيسيًا للدخل الإسرائيلي (بل إنها مدعومةٌ إلى حدٍ كبير من الدولة). بالإضافة إلى أن الأسواق الفلسطينية هي أسواقٌ أسيرة للسلع والمنتجات الإسرائيلية، وليس العكس.

وثمة فرقٌ آخر يتعلق بالحوارات والاتفاقات السياسية العديدة المبرمة بين الجنوب إفريقيين من ذوي الأصول الأوروبية وزعماء حركة مناهضة الأبرتهايد والتي وضعت حدًا لسياسات الفصل العنصري.4 أما في الحالة الفلسطينية، فإن النتيجة المتمخضة من الاتفاقات واضحة وهي الإمعان في الفصل وتشريد الفلسطينيين. والأخطر من ذلك، أن السلطة الفلسطينية أصبحت لاعبًا مهمًا في نظام الأبرتهايد كما يتجلى في التنسيق “الأمني” الإسرائيلي الفلسطيني والتهديدات الأخيرة للرئيس عباس بأنه سيسلم “مفاتيح” الضفة الغربية إلى إسرائيل. ورغم أن عباس قصدَ من ذلك إجبار إسرائيل على النهوض بمسؤولياتها كقوة احتلال، فإن ذلك يعني ضمنًا أن السلطة الفلسطينية، في ظل غياب عمليةٍ حقيقيةٍ للاستقلال الوطني، تشغل منصبًا إداريًا مركزيًا ضمن نظام الأبرتهايد الإسرائيلي.

وعلاوةً على ذلك، مارس المجتمع الدولي في حالة جنوب إفريقيا في نهاية المطاف ضغطًا شديدًا لإنهاء التمييز العنصري ضمن الدولة الواحدة. أمّا في حالة فلسطين، فإن المجتمع الدولي يبدو مستعدًا لدعم “قيام الدولة” دون التصدي جديًا للأبرتهايد الإسرائيلي. إن شعار “المشاركة البناءة” وحل الدولتين هما خرافتان تصرفان الانتباه عن القضية الأساسية وتسمحان باستمرار الاستعمار والتطهير العرقي في فلسطين. وتسمحان أيضًا للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا بالتأكيد مرارًا وتكرارًا على دعمهم للأبرتهايد من خلال الخطاب السياسي والدعم العسكري والعقود واتفاقات التجارة المبرمة مع إسرائيل والتربّح على مستوى الشركات من الاستعمار والاحتلال. وبالإضافة إلى ذلك، أقيمت البانتوستانات في ظل الأبرتهايد في جنوب إفريقيا كوسيلةٍ لحصر الأفارقة في “مَواطِن”. وبغض النظر عن أوجه التشابه المكاني، فإن الفلسطينيين اليوم محرومون من موطنهم عن قصد، لذا فإن إقامة “مَواطِن” لهم سيتناقض وأيديولوجيات الصهيونية ويحبط التوسع الاستعماري الاستيطاني اليهودي.

يزدهر الأبرتهايد اليوم في إسرائيل من خلال مؤسساتٍ بيروقراطيةٍ وسوقيةٍ وعسكريةٍ معقدةٍ تتفوق على نظيراتها الجنوب إفريقية إبان الفصل العنصري. وتحظى إسرائيل بدعمٍ غير مسبوق على هيئة دعمٍ عسكري ومساعداتٍ إنسانيةٍ من الولايات المتحدة. ولسوء الفهم عواقب كبيرة، إذ قد يعوق محاولات تقييم الاستراتيجيات القائمة (كاستراتيجية المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات) ونقدها على نحو مدروس، ويحول دون وضع استراتيجيات جديدة لنيل حرية الفلسطينيين وضمان عودتهم. ورغم المعرفة الواسعة بالأبرتهايد الإسرائيلي، فإن نظام الأبرتهايد عمومًا يظل “صندوقًا أسود” يُخفي الكثير وينطوي على كثير من سوء الفهم. وأنا أقترح ثلاثة أبعاد: مادي وبنيوي وأيديولوجي للحصول على فهم أشمل للأبرتهايد.

التجليات المادية للأبرتهايد

التجليات المادية للأبرتهايد هي العناصر الظاهرة للعيان والقابلة للقياس بسهولة. وهي تتجلى في العنف والتدمير والتقسيم المادي الخرساني والمعدني ومن ضمنه نقاط التفتيش والسجون والمستوطنات وشبكة الطرق الاستيطانية والجدران و”المناطق الأمنية” والدبابات والمحاريث الزراعية والجرافات والطائرات من دون طيار والقنابل. وعلاوةً على ذلك، فإن المظاهر المادية للأبرتهايد تعمل على التصنيف والتقسيم: التصاريح الورقية والرقمية، وبطاقات الهوية، وقواعد البيانات، وأنظمة المراقبة، والتأشيرات، وأوامر الإخلاء، والإشعارات القانونية، والطلبات، والقسائم الغذائية، وصكوك الملكية، وأساليب التصنيف ذات الصلة.

الأفراد ومنظماتهم هم مظهرٌ ملموسٌ آخر من تجليات الأبرتهايد. ومن ضمن هؤلاء القوات العسكرية والقضاة والمستوطنون والشرطة الإسرائيلية ووكالات مثل الصندوق القومي اليهودي وشركات إسرائيلية ومتعددة الجنسيات بما فيها منتجاتها وخدماتها ذات الصلة. وتشمل التجليات أيضًا صناعات إسرائيلية كصناعةِ “الأمن”، وتشمل الجامعات حين يكون تلقي التعليم في بيئة مفصولة، أو حين يُمنع الفلسطينيون من السفر للدراسة في جامعاتهم، أو حين تساهم البحوث في جرائم حرب.

تمثل هذه العناصر المادية العنفَ الذي يحكم التجربة المعاشة للفلسطينيين في ظل الاحتلال العسكري وفي المنفى. ونحن نعرف الكثير عن هذا البعد المادي للأبرتهايد لأنه يروِّعنا، ويسترعي انتباهنا، ويمكن إحصاؤه وتصنيفه، وهو محط حديث الكثيرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويحظى هذا البُعد أيضًا بالشرعنة السياسية ليس من جانب الأجهزة المختلفة في الدولة الإسرائيلية بما فيها السياسة الاستيطانية والجيش وحسب، وإنما من جانب السلطة الفلسطينية المحبَطة والعاجزة (مثل إعلانات إقامة الدولة على قطعة صغيرة من فلسطين البانتوستان). ورغم أن فهم العناصر المادية للأبرتهايد هو أمرٌ مفيد للغاية، فإن من المهم أيضًا أن نخوض في البُنية التي تنتج تلك العناصر وتستديمها.

بُنية الأبرتهايد

تعني بُنية الأبرتهايد العناصر التنظيمية والسياسية والاقتصادية للأبرتهايد. وهي تضفي الشرعية على إسرائيل كدولةٍ قومية من خلال القانون الدولي واتفاقات التجارة. وتحظى في الوقت نفسه بالشرعية من خلال الجهازين العسكري والقانوني الإسرائيليين، بما في ذلك الآليات السياسية والاقتصادية التي تعزز التهميش والفصل (مثل اقتصادات المستوطنات والدعم المقدم لها). تتسم بُنية الأبرتهايد بأنها مضلِّلة إذ تشمل قطاعات متعددة دون أن تضح في الغالب الصِّلات بين تلك القطاعات. فعلى سبيل المثال، يقترن الاقتصاد الإسرائيلي، من منظور الاقتصاد الكلي، بتطوير الأسلحة. وقد باتت صناعة “الأمن” في إسرائيل اليوم تحتل المرتبةَ السادسة عالميًا، وهي آخذة في إبرام عددٍ متزايدٍ من العقود مع الدول الأوروبية والإفريقية. ونظرًا لعِظَم انخراط إسرائيل في بحوث تطوير الأسلحة وبيعها واستخدامها (كتلك المستخدمة ضد السكان الفلسطينيين المحاصرين)، فإن اكتساب فهمٍ أفضل للصِّلات القائمة بين هذه الصناعة والعناصر المادية للأبرتهايد يغدو أمرًا حتميًا. فمن الأهمية بمكان أن نتوسع في فضح الصِّلات بين البحوث العسكرية التكنولوجية والاحتلال (مثل تكنولوجيات المراقبة والطائرات بدون طيار).

يتطلب وضع خريطةٍ شاملةٍ لبنية الأبرتهايد توضيح العلاقات القائمة بين المؤسسات والشركات ومنظمات المجتمع المدني الإسرائيلية من جهة والأبرتهايد من جهة أخرى. وثمة بحوثٌ كثيرةٌ أجريت فعلًا في إطار هذا الموضوع. فعلى سبيل المثال، بحثت حركة المقاطعة ومركز عدالة في نيويورك في المساهمات التي تقدمها الجامعات والشركات الخاصة الإسرائيلية للاحتلال، ومثل تلك البحوث ترفد الحجج والنداءات الداعية إلى المقاطعة. غير أنه يتعين على البحوث أن تسعى لإدراك فهمٍ أفضل لبُنية الأبرتهايد العامة بُغية توسيع قاعدة العمل الفعال المناهض للأبرتهايد (سواءً العمل على الصعيد القانوني أم السياسي وباتباع الأشكال المختلفة للمقاطعة).

تطرح عالمة الاجتماع النسوية دوروثي سميث مقاربةً من هذا القبيل وتطلق عليها “الإثنوغرافيا المؤسسية.”5 وتسعى من خلال مقاربتها إلى الكشف عن المؤسسات الحاكمة التي تصنف تجارب الناس المعاشة وتتحكم بها، إذ تضع خريطةً للنصوص التي يقابلونها. وفي سياق الأبرتهايد، مثلًا، تشتمل النصوص على التصاريح وغيرها من وسائل التصنيف والمراقبة والسيطرة. فبوضع خريطةٍ لحركة النصوص، والأهم من ذلك لكافة الأعمال ذات العلاقة، يتشكل فهمٌ أكمل وأشمل لبُنية الأبرتهايد. وبالمثل، قد تساعد المقاربة المستندة إلى معرفة سلسلة التوريد في الكشف عن الموردين والخدمات المسؤولة عن وجود عناصر الأبرتهايد المادية وإدامتها، كنقاط التفتيش والمستوطنات، واستخدام الأراضي ومصادرتها، والمصارف والممولين. ويمكن للمرء أن يتصور كيف أن هاتين المقاربتين وغيرهما قد تساهم في الكشف عن بُنية الأبرتهايد.

قد تكون هذه التحريات صعبةً ومزعجةً نظرًا لوثاقة التكامل والاعتماد المتبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ومع أن العناصر المادية بحكم طبيعتها تنمُّ عن الفصل والاضطهاد، فإن البُنية المنتجة والمستديمة لها قد تكشف عكس ذلك. إن استخدام الشيكل الإسرائيلي والاعتماد على السلع والخدمات الإسرائيلية (نظرًا للتدمير المتعمد الذي لحق بالقدرة الإنتاجية الفلسطينية) ليسا سوى مثالين من أمثلة كثيرة. وعلاوةً على ذلك، فإن الغموض المتأصل في بُنية الأبرتهايد يثير تساؤلات وجيهة للتأمل والعمل المناهض للأبرتهايد. فعلى سبيل المثال، إذا كان أحد المصارف الإسرائيلية منخرطٌ في تحويل الأموال أو تقديم الخدمات داخل إحدى المستوطنات، فهل يعني ذلك أن كلَّ مَن له حسابٌ في ذاك المصرف أو حتى معاملةٌ معه شريكٌ في الأبرتهايد؟ وما الذي ينبغي فعله حيال ذلك إذا كان الجواب نعم؟

يمكن طرح أسئلةٍ مماثلةٍ حول عدد لا يُحصى من العلاقات القائمة في إطار بُنية الأبرتهايد. وتلك العلاقات تتجاوز المجالين السياسي والاقتصادي إلى المجال الأيديولوجي الذي يشرعن الاستعمار والفصل العنصري والعنف.

أيديولوجيات الأبرتهايد

هناك معرفةٌ واسعة بأيديولوجيات الأبرتهايد، وهناك الكثير من المصطلحات المستخدمة لوصفها مثل العنصرية، والاستعمار، والأشكال المتعددة للصهيونية، والأصولية الدينية، والليبرالية الجديدة. وكما العناصر المادية للأبرتهايد، ترتبط الأيديولوجية ببُنية الأبرتهايد ارتباطًا وثيقًا، ولكنها غير ملموسة، بخلاف العناصر المادية، لذا يصعب قياسها، ولا سيما أن معالم الأيديولوجيات المتعددة قد تتشابك وتتداخل بسهولة؛ فعلى سبيل المثال، يعتنق المستوطنون الإسرائيليون الصهيونية الاستعمارية، والعنصرية، والأصولية الدينية، والنزعة العسكرية.

يُعطي فيلم ديفيميشن (Defamation) [التشهير] لمخرجه يواف شامير صورةً واضحةً لأهمية الأيديولوجيا في تشكيل المخيلة الإسرائيلية. وكما يوضح شامير، فإن الخوف وسيلةٌ بارزةٌ لاستغلال الضعف المتصوَّر لدى الإسرائيليين. ويتفاعل الخوف مع الأيديولوجيات المذكورة آنفًا من أجل تبرير العنف والفصل العنصري بأشكاله كافة. لذا فإن الكثير من الإسرائيليين يرون أن العنف من مقتضيات “التهديد” الوجودي الذي يفرضه الفلسطينيون. فشيطنة الفلسطينيين مغروسةٌ في أيديولوجيات الأبرتهايد بحيث يُنظَر إلى أي تعبير عن وكالة الفلسطينيين كتهديدٍ لأمن إسرائيل القومي. فتغدو المرأة الفلسطينية الحامل تهديدًا ديمغرافيًا. والانتقادات الموجهة لإسرائيل، بما فيها حملة المقاطعة وأسبوع الأبرتهايد الإسرائيلي، هي تهديدٌ أيضًا لشرعيتها. حتى إن زراعة الفلسطينيين للزعتر كانت تُعتبر ذات يوم تهديدًا بيئيًا. إن نفسية الهواس الإسرائيلي المتشكل ذاتيًا تستديم صناعة الخوف التي تكمن وراء هوس إسرائيل “بأمنها” والإخلال بأمن الآخرين.

وإلى جانب الخوف، تولد الأيديولوجية النفاق. فهناك ادعاءات منتشرةٌ على نطاق واسع تشير إلى أن الفلسطينيين قد يدفعون “الإسرائيليين إلى البحر” رغم أنه لم يسبق لفلسطيني أن فعل ذلك. بل هناك الكثيرون من مئات آلاف الفلسطينيين الذين طردتهم المليشيات المؤسِّسة لدولة إسرائيل قد دُفعوا باتجاه البحر واضطُروا إلى مغادرة شواطئها بالقوارب. وتسمح الأيديولوجية لضحايا التطهير العرقي بإيقاع ما قاسوه من رعبٍ على شعب آخر. والأيديولوجية تنفي أيضًا مسؤولية إسرائيل عن “مشكلة” اللاجئين الفلسطينيين، وتسمح بلوم العرب على استمرارها. والأيديولوجية تنزع الصفة الإنسانية كما تُبيِّن الخرافات الرائجة مثل خرافة “أرضٌ بلا شعب لشعبٍ بلا أرض” أو تصوير الفلسطينيين كطفيليات وهمجيين أصليين. وهذه الصور في أعين المستوطنين الإسرائيليين والصهاينة المسيحيين على السواء تجعل السكان الفلسطينيين الأصليين غير مستحقين لوطن. والأسوأ من ذلك هو الادعاءات المعادية للسامية التي ترى بأن الفلسطينيين مستعدون ثقافيًا للكراهية والعنف. ومن أمثلة ذلك التصريحات التي أدلى بها في الأونة الأخيرة عضو مجلس العموم البريطاني غوردون هندرسون داخل المجلس وأيدها عددٌ من أعضاء المجلس، حيث قال “إن من الواضح أن ثقافة الكراهية قد تغلغلت في كل خيط من نسيج المجتمع الفلسطيني.”

تجلت قدرة الأيديولوجية على عَمْي الشعوب إبان احتجاجات تل أبيب في شهر آب/أغسطس 2011 عندما طالب مئات آلاف الإسرائيليين بالعدالة والمساواة الاجتماعية بينما تجاهلوا تمامًا الفئة الأكثر معاناةً من التمييز في إسرائيل والتي تشمل البدو الفلسطنيين الذين يكافحون للحفاظ على أراضيهم وتقاليدهم في ظل المصادرة الجبرية، والمواطنين “العرب” (الفلسطينيين) في إسرائيل القابعين ضمن التمييز الهيكلي الممارس في إسرائيل. والأكثر إثارةً للقلق هو أن الأيديولوجية تمنع غالبية الإسرائيليين من رؤية الآخر المتمثل في الإنسان الفلسطيني. فعلى سبيل المثال، أعلن وزير الزراعة الإسرائيلي إبان العدوان الإسرائيلي على غزة 2008-2009 عن توفير خدمات طبية للحيوانات الأليفة الإسرائيلية وحيوانات الشوارع المصابة بالصدمة جراء “إطلاق الصواريخ،” في حين كان الجيش الإسرائيلي ينفذ مذبحةً بحق 1,400 فلسطيني حيث قضى العديد منهم حرقًا بقنابل الفسفور الأبيض، وذلك بتأييد غالبية الرأي العام الإسرائيلي. فأي أيديولوجية هذه التي تسمح بهذه الإنسانية العوجاء؟

ليس الفلسطينيون وحدهم مَن يُجرَّد من إنسانيته في إسرائيل ويتعرض للعنف العنصري. فهناك مسألة حديثة العهد – يُحتمل أن تُشكِّل جبهةً بارزةً للكفاح ضد الأبرتهايد الإسرائيلي تتمثل في العنف الممارس ضد المهاجرين واللاجئين الأفارقة. وهذه القضية تفضح العنصرية المغروسة في الأيديولوجيات والمؤسسات الإسرائيلية، وتُثير تساؤلات مهمة بشأن وضع اللاجئين وتعريفهم في إسرائيل.

تُفضي الأيديولوجيات المذكورة آنفًا إلى ظهور “الأبرتهايد اليومي” الاعتيادي والمسلَّم بوجوده. ولا تحظى صفة الاعتيادية هذه سوى بفهمٍ ضئيل رغم أهميتها في استدامة بُنية الأبرتهايد. كتبت أميرة هاس، مثلًا، كيف أن “مئات آلاف الإسرائيليين العاديين غير العنيفين في المنزل هم شركاء في إدارة المجتمع الآخر وترسيم حدوده وتقييده وترويضه ويقوضون في الوقت ذاته وعلى نحو تراكمي حقوق ذلك المجتمع ورفاهه ورفاهيته.” ويضع رشيد الخالدي هذا الطرح في سياق “المعادلة الاستيطانية-الصناعية”؛ التي تضم بالإضافة إلى ما يزيد على نصف مليون مستوطن يهودي في الضفة الغربية والقدس الشرقية “مئات الآلاف العاملين في الحكومة والقطاع الخاص الذين ترتبط سُبل عيشهم ومصالحهم البيروقراطية باستدامة السيطرة على الفلسطينين.” ويسمح الواقع شبه الأوروبي المعزول (أو “الفقاعة“) لغالبية الإسرائيليين بالعيش حياةً مزدهرةً في ظل جهلٍ نسبي بالاستعمار والتطهير العرقي لفلسطين. وهذا الواقع يسمح للإسرائيليين بالذهاب إلى أعمالهم والتسوق والاعتناء بأسرهم والتمتع بكماليات العالم المتقدم دون أن يشعروا بوجودهم في بُنية الأبرتهايد أو مساهمتهم في إدامته.

مقاربات تفكيك الأبرتهايد

بات الأبرتهايد اليوم، كما تُبين هذه المقالة، أكثر تعقيدًا من الأبرتهايد الذي عاشته جنوب إفريقيا وذلك بشهادة شخصيات من جنوب إفريقيا نفسها ومنهم ديزموند توتو. ولأن الجوانب المهمة للأبرتهايد لا تزال غير مستكشفة، ولا سيما بُنيتها وصفة الاعتيادية في أيديولوجياتها، فإن نجاح السياسات والاستراتيجيات الرامية إلى إنهاء الأبرتهايد الإسرائيلي قد تكون محدودةً. وما الطرح الوارد أعلاه سوى محاولةٍ أولية لتحري الطبيعة المادية والبنيوية والأيديولوجية للأبرتهايد الإسرائيلي. وقد يساعد دمج هذه الأبعاد في مقاربةٍ متكاملةٍ لفهم الأبرتهايد الإسرائيلي في وضع استراتيجية لتفكيكه.

فعند التعاطي مع أيديولوجيات الأبرتهايد، على سبيل المثال، قد يكون من الأكثر أهمية أن نفهم كيف ينأى الصهاينة الإسرائيليون بأنفسهم عمّا يُروَّج من الخوف من الفلسطينيين وشيطنتهم. وبدلًا من السعي إلى فهم التحولات المعرفية الإسرائيلية، ظل الاهتمام منصبًا إلى الآن على عمليات التلقين العقائدي التي يتبعها عملاء إسرائيل (كالتعليم، والتدريب العسكري، والزيارات الجماعية للطلاب الإسرائيليين إلى معسكرات الاعتقال في أوروبا، والبرامج من قبيل برنامج “بيرث رايت”).

ولا بد من اكتساب فهم أفضل لتجارب الإسرائيليين واليهود الغربيين الرافضين لأيديولوجيات الخوف والتفوق العنصري والمعتنقين لأيديولوجيات تدعو إلى المساواة وحقوق الإنسان. فما هي الظروف التي تُمكِّن الإسرائيليين أو اليهود الأوروبيين والأمريكيين من اختيار النأي بأنفسهم عن أيديولوجيات الأبرتهايد؟ فلربما تكفي تجربة قيمٍ أخرى، أو توفر المكان والزمان للتأمل، أو التعرض لروايات وحقائق بديلة (كالالتقاء بفلسطينيين أو إسرائيليين يرفضون خدمة الاحتلال). ولربما يكفي العثور على الوسيلة لإيصال رؤية مشتركة تضمن المساواة والحقوق الديمقراطية بغض النظر عن حل الدولة الواحدة أو حل الدولتين أو أي حل آخر. ولعله من المفيد أيضًا بالنسبة لمجتمعٍ يتشابه أفراده فكريًا أن تُبيَّن السُبل لإيجاد طُرق جديدة في التفكير. وبصرف النظر عن الآليات، فإنه لا بد من تحري الرسائل القادرة على تعطيل القاعدة الأيديولوجية للأبرتهايد ونشر تلك الرسائل على عموم الإسرائيليين. وينبغي لتلك الرسائل أن تسمح بتوجيه النقد على نطاق واسع للمُثُل التي تشرعن البعدين المادي والبنيوي للأبرتهايد دون إثارة الخوف. ويبرز هنا تحدٍ رئيسي أمام حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات وهو أن الإسرائيليين ومناصريهم الذين لا يفهمون الأبرتهايد فهمًا تامًا أو المنغمسين في أيديولوجيات الصهيونية والخوف سيتخذون موقفًا دفاعيًا دون اعتبار قيمة استراتيجيات المقاطعة وأهميتها.

إن الأعدادَ المتزايدة من الإسرائيليين واليهود النائين بأنفسهم عن سياسة إسرائيل القعمية مشجعةٌ ومهمةٌ للغاية. فهذه التوجهات البارزة توحي بأن التحولات الأيديولوجية ممكنة كليًا ولا بد أن تحظى بفهمٍ أفضل. وقد تكون المجتمعات المختلفة أكثر استعدادًا لفهم مثل هذه التغيرات والشروع في إحداثها. فعلى سبيل المثال، يعي الإسرائيليون التقدميون والمواطنون الفلسطينيون في إسرائيل الأيديولوجيات المختلفة التي يعتنقها الإسرائيليون تمام الوعي. ومن ناحية أخرى، يمكن للفلسطينيين المسيحيين والحركات المسيحية التقدمية أن تعمل من أجل تطوير بدائل للإنجيلية الصهيوينة وترويجها. وكما رأينا في السنوات الأخيرة، هناك حركاتٌ يهودية تعكف على تحدي نفوذ اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا. وتجدر الإشارة مجددًا إلى أن التحولات المذكورة عن مُثُل الأبرتهايد ممكنةٌ حين تُعرَض الأيديولوجية على النقد الواعي.

هناك بالطبع حدودٌ لإحداث التغيرات الأيديولوجية ولا سيما حين يكون الناس منغرسين في مجتمعاتٍ متماسكة أيديولوجيًا (مثل المستوطنات). وعلاوةً على ذلك، حين تعرِّف الهوية عن نفسها من خلال الأيديولوجية فإن الناس يكونون معادين لطرق التفكير البديلة. لذا فإن مناصري الأبرتهايد الإسرائيلي الذين يعتبرون الصهيونية إحدى المُثُل المسلَّم بها لن يقتنعوا بسهولةٍ بما يخالف ذلك. وفي تلك الحالات، لربما يكون من الأفضل أن تُترَك مهمة إيجاد طُرق تفكير بديلة لأولئك الذين سبق لهم أن مرّوا بالتجربة ذاتها.

ومن الضروري أيضًا أن نتحدى المعونات التي تسمح للأبرتهايد بالازدهار. ويُعتبر الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، في هذا الصدد، هو الأبرز حيث من المقرر أن تقدم الولايات المتحدة لإسرائيل ما يزيد على 30 بليون دولار أمريكي كمساعدات عسكرية في الفترة ما بين 2009 و2014. وبالإضافة إلى الدعم الأمريكي لإسرائيل، مُنحت السلطة الفلسطينية في أعقاب أوسلو مساعدات دولية تفوق قيمتها 8 بلايين دولار أمريكي. والكثير من تلك المساعدات تذهب إلى بناء قدرات السلطة الفلسطينية وتعزيز التنمية وتقديم الإغاثة الإنسانية. غير أن جزءًا كبيرًا من المعونات المقدمة للفلسطينيين تساهم في النمو الاقتصادي الإسرائيلي ممّا يخلق مستويات عديدة من الاتكالية التي تعمل على تعزيز الوضع الراهن للأبرتهايد. ورغم أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد طمأن الإسرائيليين بالحصول على دعم الولايات المتحدة غير المشروط، فلا بد للاستراتيجيات من مواصلة التصدي للمعونات المقدمة للأبرتهايد. إن حجم المساعدات الأمريكية المباشرة وغير المباشرة لإسرائيل هائل، ومن دون هذا الدعم الأمريكي لن تستطيع إسرائيل أن تبقى دولة أبرتهايد.

وفي الختام، يُشكِّل اعتناق الشعب الفلسطيني لأيديولوجيات مضادة مصدرًا رئيسيًا للقوة في التعامل مع الأبعاد الثلاثة للأبرتهايد. وتضم تلك الأيديولوجيات الأشكال المتنوعة للمقاومة، والعودة، والوطن، والقومية، والبقاء والصمود. ولأن الأيديولوجية تفرِّق بقدر ما توحِّد، فلا بد للفلسطينيين أن يواصلوا اعتناق أيديولوجيات تحتفي بالثقافة والأرض والحرية والمساواة وعدالة العودة. وتُعتبر الرواية الفلسطينية وسيلةً لنشر الأيديولوجيات الإيجابية التي تبث الحياة والتأكيد عليها، لذا لا بد من استرداد تلك الرواية والإيمان بها.

لقد مارست حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات الجنوب إفريقية التي تأسست في 1960 ضغوطًا هائلةً على نظام الأبرتهايد وعجَّلت في انهياره سنة 1994. ولكن الأبرتهايد لم يندحر في جنوب إفريقيا بفضل هذه التدابير وحدها. فقد كان التضامن الدولي والعزلة المفروضة دوليًا أحد الأركان الرئيسية الأربعة التي قام عليها الكفاح المناهض للأبرتهايد وهي المقاومة الداخلية والنضال السري والمسلح. ورغم أن الحركة الفلسطينية للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ستظل بلا شك استراتيجيةً مهمةً لهزيمة الأبرتهايد الإسرائيلي، فإنه لا بد من تعزيز الاستراتيجيات البديلة لمناهضة الأبرتهايد (مثل النضالات على المستوى الشعبي والحركات الشبابية) ولا بد من إرساء مقاربات جديدة. ومن أجل دعم هذه الإجراءات، لا بد من الحصول على فهم أفضل للمنظومة المعقدة المتكونة من العناصر المادية والبنيوية والأيديولوجية للأبرتهايدالإسرائيلي، لأن من شأن ذلك أن يُسرّع انهياره.

  1. للاستزادة حول هذا الموضوع، انظر:Ben White (2009) Israeli Apartheid: A Beginner’s Guide, London: Pluto Press
  2. Nadia Abu-Zahra and Adah Kay (2012) Unfree in Palestine: Registration, Documentation and Movement Restriction, London: Pluto Press; page 6
  3. [السياسات السبع الرئيسية المتبعة في الأبرتهايد في جنوب إفريقيا](http://newint.org/features/1986/05/05/facts/) هي: قانون مناطق المجموعات (الذي سمح للناس بالعيش في مناطق معينة استنادًا إلى فئاتهم العرقية)؛ فصل التعليم (توزيع الأطفال على المدارس بحسب فئاتهم العرقية)؛ فصل المرافق (بما في ذلك فصل وسائل النقل العام)؛ الأوطان الإفريقية (اعتُبرت الموطن الحقيقي الوحيد للأفارقة، وبالتالي عندما يكونون في مناطق “البيض” فإنهم يكونون هناك للعمل)؛ فصل سجلات الناخبين (حيث صوَّت الناخبون السود بموجبه لسلطات محدودة الصلاحية ضمن فئاتهم العرقية، ولم يتسن لهم التصويت في الانتخابات الوطنية)؛ قانون الزواج المختلط (الذي حظر الزواج بين الأشخاص المنتمين لمجموعات/مكانات مختلفة)، قانون الآداب (الذي حظر العلاقات الجنسية بين الناس المنحدرين من جماعات عرقية مختلفة).
  4. تواصلت الحملات المناهضة للأبرتهايد وغيرها في الوقت ذاته (وبنجاح) طوال الحوارات.
  5. Dorothy Smith (2005) Institutional Ethnography: A Sociology for People, Toronto: AltaMira Press
سامر عبد النور هو أكاديمي وناشط وأحد مؤسسي الشبكة في العام 2009 وعضو مجلس أمناء الشبكة منذ تأسيسها لغاية عام 2016.

أحدث المنشورات

 السياسة
بعد عام من المعاناة تحت وطأة العنف والدمار المستمرين ، يقف الفلسطينيون عند لحظة مفصلية. تتناول يارا هواري، في هذا التعقيب، الخسائر الهائلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 والفرص المنبثقة عنها للعمل نحو مستقبل خالٍ من القمع الاستعماري الاستيطاني. وترى أنّ الوقت قد حان الآن لكي تتحول الحركة من رد الفعل إلى تحديد أولوياتها الخاصة. وكجزء من هذا التحول، تحدد يارا ثلاث خطوات ضرورية: تجاوز التعويل على القانون الدولي، وتعميق الروابط مع الجنوب العالمي، وتخصيص الموارد لاستكشاف الرؤى الثورية لمستقبل متحرر.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 22 أكتوبر 2024
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 40,000 فلسطيني في غزة، وجرحت 100,000 آخرين، وشرَّدت كامل سكان المنطقة المحتلة تقريبًا. وفي ذات الوقت شرَعَ النظام الإسرائيلي في أكبر اجتياح للضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية مما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن 600 فلسطيني واعتقال 10,900 آخرين. كما وسعت إسرائيل نطاق هجومها الإبادي الجماعي في لبنان، مما أسفر عن مقتل ما يزيد على ألف شخص ونزوح أكثر من مليون آخرين. يسلط هذا المحور السياساتي الضوء على مساعي الشبكة في الاستجابة لهذه التطورات على مدار العام الماضي، من وضع أحداث السابع من أكتوبر في سياق أوسع للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، إلى استجواب آلة الحرب الإسرائيلية متعددة الأوجه، إلى تقييم العلاقات الإقليمية المتغيرة بسرعة. هذه المجموعة من الأعمال تعكس جهد الشبكة المستمر في تقديم رؤية فورية للوضع الفلسطيني.
لا تنفك شركات الأسلحة البريطانية تتربّح من بيع الأسلحة لإسرائيل من خلال التراخيص الصادرة من الحكومة البريطانية، حيث بلغ إجمالي هذه الصادرات منذ العام 2008 ما يقدر بنحو 740 مليون دولار، وهي ما تزال مستمرة حتى في ظل الإبادة الجماعية الجارية في غزة. يشعر البعض بتفاؤل حذر إزاء احتمال فرض حظر على الأسلحة بعد فوز حزب العمال في انتخابات يوليو/تموز 2024، وبعدَ أن وعدَ بالانسجام مع القانون الدولي. في سبتمبر/أيلول 2024، علقت الحكومة البريطانية 30 ترخيصاً من أصل 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ويرى الناشطون وجماعات حقوق الإنسان أن مثل هذا القرار محدود للغاية. وبناء على ذلك، تُفصِّل هذه المذكرة السياساتية الالتزامات القانونية الدولية الواقعة على عاتق بريطانيا وكذلك المناورات الحكومية الممكنة فيما يتصل بمبيعات الأسلحة لإسرائيل.
شهد الحموري· 15 سبتمبر 2024
Skip to content