
ملخص تنفيذي
أُطلق مشروع إستر من قبل مؤسسة هيريتج في أكتوبر 2024، وهو من أشرس محاولات قمع مناصرة القضية الفلسطينية في الولايات المتحدة، وذلك تحت ذريعة مكافحة معاداة السامية.
يُعد هذا المشروع جزءًا من تحوّل سلطوي أوسع في السياسة الأمريكية، يتصاعد بشكل ملحوظ خلال الولاية الثانية لدونالد ترامب، ويعتمد على الرقابة، واستغلال النظام القانوني، والتخويف لاستهداف حركات التضامن مع فلسطين.
يصنّف مشروع إستر بشكل زائف المنظمات المؤيدة لفلسطين ضمن ما يُسمى بـ"شبكة دعم حماس"، ويعتمد على أدوات قانونية ومالية لتجريم أنشطتها.
يشكّل هذا المشروع اعتداءً مباشرًا على المبادئ الديمقراطية، ويعمل كنموذج لمشروع قمعي يُراد تعميمه لاستهداف حرية التعبير، والحريات المدنية، والحركات التقدمية على نطاق أوسع.
ردًّا على هذا الهجوم، ينبغي على المنظمات المؤيدة لفلسطين أن:
- تبني صلابة تنظيمية وتضامنًا تقاطعيًّا لمواجهة محاولات العزل والتفتيت.
- تعيد صياغة مناهضة الصهيونية كقضية حقوق إنسان ومصلحة عامة قائمة على العدالة والمساءلة.
- تعزز الدفاعات القانونية من خلال استخدام قوانين مكافحة الدعاوى القضائية الكيدية والاستعداد لمواجهة تجريم نشاطها تحت قوانين الإرهاب والعمل لصالح جهات أجنبية.
- تُنوِّع وتؤمِّن مصادر التمويل لمواجهة حملات التجفيف المالي وضمان استمرارية التنظيم الداعم للقضية الفلسطينية.
- توثِّق القمع وتفضحه لحشد الدعم الشعبي والتأكيد على أن مناصرة فلسطين جزء أساسي من النضال من أجل الديمقراطية.
مقدمة
في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2024، وبعد مرور عام على عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حماس، طرحت مؤسسة هيريتج ومقرها العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، مشروعَ إستر، وهو أحدث مساعيها وأكثرها شراسة لسحق التضامن مع الفلسطينيين. يقتصر المشروع المروَّج بوصفه مبادرة مناهضة لمعاداة السامية على استهداف الأصوات والمجموعات المنتقدة لإسرائيل، ويدعو إلى تعاون الجهات الحكومية والخاصة إلى توظيف أساليب الرقابة والترهيب والدعاوى القضائية لنزع الشرعية عن المنظمات المدافعة عن الحقوق الفلسطينية وتصفيتها. غير أن مشروع إستر -والمساعي الأعم المناصرة لإسرائيل والهادفة إلى التصدي للتضامن المتنامي مع القضية الفلسطينية- لم يبدأ مع بداية الإبادة الجماعية في غزة.
ما برح الصهاينة وحلفاؤهم يسعون منذ عقود سعيًا منهجيًّا إلى قمع المعارضة الشعبية للدعم الأمريكي المطلق للنظام الإسرائيلي، فاستهدفوا الأفراد والمجموعات المدافعة عن حقوق الفلسطينيين. فمحاولات إسكات الناشطين المدافعين عن فلسطين ليست جديدة، ولكنها ازدادت بشدة مع تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة لولاية ثانية، فسرعان ما وقَّع أمرًا تنفيذيًّا يضيِّق الخناق على أي مناصرة للقضية الفلسطينية بذريعة مكافحة معاداة السامية. وكثّفت إدارته حملة القمع المدعومة من الحزبين من خلال أساليب عدة منها إلغاء تأشيرات الطلاب، واعتقال الناشطين وترحيلهم، وتعزيز الرقابة الفيدرالية على الجامعات لمراقبة التنظيمات الطلابية والسيطرة عليها.
وفي هذا السياق، يغدو مشروع إستر أكثر من محاولة مستميتة لإنقاذ الرواية الصهيونية المتداعية، بل هو جزء من تحوُّلٍ أوسع نطاقًا نحو السلطوية في سياسات الولايات المتحدة، حيث تشهد البلاد بأسرها هجمات على المعارضة وحرية التعبير والمجتمعات المهمَّشة، أخذت تعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني. فقد صار الهجوم على حركة التضامن مع فلسطين بمثابة نقطة مركزية في جهدٍ أوسع لتقويض القيم الديمقراطية، وهو ما يبرز هشاشة الحقوق التي طالما اعتبرها الأمريكيون من المُسلَّمات.
يناقش هذا الموجز السياساتي موقع مشروع إستر في سياق حملة القمع المدعومة من الحزبين، التي تستهدف الحركة المناصِرة للقضية الفلسطينية، والتي تأتي نتيجةَ فشل الحركة الصهيونية المتنامي في كسب الرأي العام. فلا ينظر الموجز إلى ذلك القمع بوصفه هجومًا على الفلسطينيين وحركات التضامن فحسب، وإنما كاختبار حاسم للديمقراطية الأمريكية. يقدم الموجز أيضًا خارطة طريق لمقاومة هذا التحوُّل السلطوي، بما يحافظ على المكانة المحورية لنضال التحرير الفلسطيني في الجهود الأوسع لتحقيق العدالة والمساواة.
تحولات في الموقف الداعم للقضية الفلسطينية
هيمنت الروايات الداعمة لإسرائيل على الخطاب السائد في الولايات المتحدة لعقودٍ طويلة، ولكنها أخذت تفقد مصداقيتها تدريجيًّا محدثةً تحوُّلًا في الرأي العام، وهو ما أثار قلق داعمي إسرائيل. وبينما لا تنفك وسائل الإعلام الحكومية تصوِّر إسرائيل على أنها “ديمقراطية منكوبة” تدافع عن نفسها ضد “الإرهاب”، تعلو الأصوات الإعلامية المعارضة لتدحض هذه الرواية. فقد وفرت المنصات الإخبارية المستقلة ومنصات التواصل الاجتماعي مساحةً للفلسطينيين لسرد قصصهم ورواياتهم وتحدي الخطاب الإعلامي السائد الداعم لإسرائيل. وفي الأوساط الأكاديمية، باتت الأصوات المهيمنة الموالية لإسرائيل تواجه تحديًا متناميًا من الطلاب والباحثين والناشطين المدافعين عن حرية فلسطين. ويتجلى هذا التحوُّل في الحركة الطلابية ضد الإبادة عبر أنحاء الولايات المتحدة، والتي تحاول المؤسسة الأمريكية إخمادها باستمرار.
يغدو مشروع إستر أكثر من محاولة مستميتة لإنقاذ الرواية الصهيونية المتداعية، بل هو جزء من تحوُّلٍ أوسع نطاقًا نحو السلطوية في سياسات الولايات المتحدة Share on X
على نحوٍ مماثل، حققت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) انتصارات عديدة متنوعة مثل امتناع فنانين وموسيقيين مرموقين عن تقديم عروض داخل أراضي 1948، ومحاولة شركات عملاقة مثل بن آند جيري وقف مبيعاتها في الضفة الغربية المحتلة، ما يشير إلى تحوّل في الوعي العام يجعل من الصعب على المدافعين عن إسرائيل تبرير الدعم غير المشروط لنظام يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره نظامًا إباديًّا. وهذا التحوُّل في الوعي العام هو جلُّ ما يخشاه مؤيدو إسرائيل لِما يمثله من تهديدٍ للدعم المطلق الذي تعتمد عليه إسرائيل لمواصلة مشروعها الاستعماري الاستيطاني القائم على العنف. ونظرًا إلى تجذُّر التعاطف مع إسرائيل في المجتمع الأميركي، فإن التحوّلات الراهنة في الرأي العام تجاه فلسطين تُعد لافتة جدًّا.
لا تحكي استطلاعات الرأي القصةَ الكاملة، ولكنها تُعطي دلالاتٍ رئيسية بشأن تحوُّل التوجهات وأثره الملموس في جهود المناصرة وصناعة السياسات. فبينما لا يزال الأمريكيون يتعاطفون مع الإسرائيليين أكثر من الفلسطينيين عمومًا، فإن الدعم للنظام الإسرائيلي ينهار بشكل متسارِع. بحسب استطلاع مؤسسة غالوب لعام 2025، انخفض التعاطف مع إسرائيل إلى ما دون 50% لأول مرة في تاريخ هذه الاستطلاعات، ليصل إلى 46% فقط. وقد أظهرت استطلاعات المؤسسة نفسها أن التعاطف مع الفلسطينيين ارتفع من 25% في عام 2021 إلى 33% في عام 2025.
ساهم ازدياد الاستقطاب الحزبي والانقسامات الجيلية في تغذية هذه التوجّهات، حيث وجدت غالوب أن 59% من الديمقراطيين يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين، بينما أعرب 21% فقط عن تعاطفهم مع الإسرائيليين. ولا ينطبق الأمر نفسه على الجمهوريين، إذ لا يزال تعاطفهم يميل بقوة إلى صالح إسرائيل، حيث يفضّل 75% منهم الإسرائيليين، مقابل 10% فقط يدعمون الفلسطينيين. ومع ذلك، بدأ عدد متزايد من المعلّقين المحافظين البارزين في توجيه انتقادات متزايدة إلى إسرائيل، ويعارضون اليوم الدعم الأميركي غير المشروط لها.
وفي غضون ذلك، أدى تزايد الدعم للفلسطينيين وارتفاع وتيرة انتقاد إسرائيل بين الشباب الأميركي إلى خلق فجوة جيلية حادّة، ما يحمل دلالات كبيرة على مستقبل السياسات الأميركية. في شباط/ فبراير 2024، وجد استطلاع رأي أجراه مركز بيو البحثي أن 33% من الأمريكيين في سن 18 إلى 29 سنة من مختلف الأطياف السياسية يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين، في حين تعاطف 14% منهم فقط مع الإسرائيليين. وتتباين هذه النسب تباينًا حادًّا مع نسبة 47% من المشاركين فوق سن 65 عامًا ممن تعاطفوا أكثر مع الإسرائيليين.
لا تعكس هذه الأرقام الصورة الكاملة بالتأكيد، فالتعاطف لا يؤثر دائمًا في الأولويات السياساتية أو خيارات التصويت. غير أن العدوان الإسرائيلي على غزة سرَّع حدوث هذه التحوُّلات، ودفع أعدادًا متزايدة من الأمريكيين إلى رفض سياسة واشنطن المعهودة في تقديم الدعم المطلق إلى إسرائيل. أظهر استطلاع رأي حديث أجرته شبكة سي بي أس نيوز أن نحو 61% من الأمريكيين -بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية- يرفضون تقديم مزيد من الدعم العسكري الأمريكي إلى إسرائيل. وهذا يعني أن عددًا متزايدًا من الأمريكيين أخذوا يعيدون تقييم وجهات نظرهم إزاء إسرائيل وتعاطفهم مع النضال الفلسطيني، ويُسائلون حكومتهم عن استخدامها أموال دافعي الضرائب لدعم جرائم الحرب الإسرائيلية.
بالرغم من تنامي التعاطف مع الفلسطينيين وتراجع تأييد الدعم المطلق لإسرائيل، لم تنعكس هذه التغيرات بعد على السياسة الأمريكية المتعلقة بالقضية الفلسطينية. بل إن دعم واشنطن لإسرائيل بلغ مستويات غير مسبوقة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وهو ما أتاح استمرار حرب الإبادة. ولكن، ورغم زيادة الدعم الأمريكي، ما زال داعمو إسرائيل قلقين حيال التحوُّل المشهود في الرأي العام. فهم يخشون أن عدم التصدي للتعاطف المتزايد مع الفلسطينيين وتراجع التأييد للدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل قد يُفضي في النهاية إلى تغيرات في السياسات تضعف ذلك الدعم. ولذا، يلجأ داعمو إسرائيل إلى تصعيد الممارسات السلطوية لإسكات صوت المعارضة وقمع أي مناصرة لحقوق الفلسطينيين.
قمعٌ طال الإعدادُ له
إن الإجراءات الاستبدادية المتزايدة ضد الحراك الداعم لفلسطين الذي نشهده اليوم يستند إلى إرث سياسي مشترك بين الحزبين يعود إلى عدة عقود. فقمعُ مناصرة حقوق الفلسطينيين وتحرير فلسطين متأصلٌ في التشريعات الأمريكية لمكافحة الإرهاب، وقد رسم ملامح تطورها. وَرَدَ أول نص تشريعي فيدرالي يشير إلى “الإرهاب” في قانون المساعدات الخارجية الأمريكي لعام 1969، الذي فرض على وكالة الأونروا ضمان عدم تحويل أي مساعدات أمريكية إلى “أي لاجئ يحصل على تدريب عسكري من أحد أعضاء جيش التحرير الفلسطيني، أو يرتكب أي عمل إرهابي.” لم يورد القانون تعريفًا واضحًا للإرهاب، ولكنه صوَّر الفلسطينيين، ولا سيما اللاجئين منهم، على أنهم الجناة المفترَضون، وهو ما رسَّخ تحيزًا ما برح يؤثر في سياسة الولايات المتحدة وخطابها السائد حتى يومنا هذا. كما حافظت جميع الإصدارات الجديدة من قوانين “مكافحة الإرهاب” على ثابتٍ واحد، وهو الغموض المتعمَّد في تعريف “الإرهاب” الذي يسمح للحكومة الفيدرالية باستخدامه بما يتناسب وأهدافها الخاصة.
أصبح الربط بين الفلسطينيين والإرهاب تحيزًا قانونيًّا متأصلًا، أسهم في صياغة مجموعة واسعة من القوانين والسياسات الأمريكية المصممة لقمع مناصرة القضية الفلسطينية Share on X
أصبح الربط بين الفلسطينيين والإرهاب تحيزًا قانونيًّا متأصلًا، أسهم في صياغة مجموعة واسعة من القوانين والسياسات الأمريكية المصَمَّمة لقمع مناصرة القضية الفلسطينية. وهي تشمل تشريعات “الدعم المادي” بإصداراتها المختلفة التي تحظر على الحكومة الأمريكية تقديم أي دعم مالي أو لوجستي أو ما سواه إلى “المنظمات الإرهابية الأجنبية”. وعليه، استخدمت الحكومات الأمريكية المتعاقبة هذا الحظر المتأصِّل في قانون مكافحة الإرهاب وتنفيذ عقوبة الإعدام لعام 1996، وقانون باتريوت الأمريكي لعام 2001، وغيرهما من السوابق القانونية الرئيسية، لتجريم مناصرة الفلسطينيين وتقديم المساعدات الإنسانية إليهم. وفي أعقاب أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، استغلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة قوانين مكافحة الإرهاب لتقليص الحريات المدنية على نحو متزايد، ولمراقبة عمل المنظمات التي اُتُّهمت -دونما دليل في الأغلب- بارتباطها بالإرهاب، والتحقيق معها ووقف عملها. وأسهمت هذه الإجراءات مجتمعةً في خلق مناخٍ لم تعد فيه مناصرة تحرير فلسطين أمرًا مثيرًا للجدل فحسب، بل صارت تؤطَّر باعتبارها فعلًا إجراميًّا أو هدَّامًا يمكن أن يعاقب عليه القانون أيضًا.
وسَّعت المجموعات الموالية لإسرائيل أيضًا ترسانتها من الأدوات القانونية التي تهدف إلى قمع الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية. على سبيل المثال، تعريف معاداة السامية الذي أصدره التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، الذي اعتمدته مؤسسات وهيئات حكومية عديدة، يخلط عمدًا بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية لإسكات الانتقادات الموجهة إلى إسرائيل. وهو يغفل كذلك الاعتراف بالجذور التاريخية المتأصلة لمعاداة السامية في نزعة تفوُّق العرق الأبيض في الغرب. إن هذا التعريف المغلوط لمعاداة السامية لا يُسهم في حماية اليهود بقدر ما يقمع الدعم الشرعي لتحرير فلسطين ويُقيِّدُ حرية التعبير.
يتمثل جانب آخر من جوانب هذا القمع والتضييق على جهود مناصرة القضية الفلسطينية في الزيادة الكبيرة للتشريعات المناهِضة للمقاطعة التي تجتاح الولايات المتحدة. فمنذ عام 2014، سنَّت عشرات الولايات الأمريكية قوانين تجرِّم الأفراد والشركات التي تقاطع الكيانات المتواطئة مع الاحتلال الإسرائيلي أو ترفض التعامل معها في إطار حركة المقاطعة، وتصل إلى حرمانها من ممارسة الأعمال التجارية مع الدولة. وعلى سبيل المثال، أقرت محكمة استئناف الدائرة الثامنة في عام 2022 قانونًا في ولاية أركنساس يُلزم المتعاقدين مع الدولة بتقديم إقرار بعدم المشاركة في أي حملة مقاطِعة لإسرائيل. يقوِّض هذا القرار الحماية الدستورية، إذ يقيِّد المقاطعة التي تعتبرها المحكمة العليا في الولايات المتحدة تعبيرًا سياسيًّا حرًّا محميًّا بموجب التعديل الأول للدستور. ورغم أن المحاكم الفيدرالية في عدة ولايات أبطلت مثل هذه الإجراءات المناهضة للمقاطعة باعتبارها غير دستورية، فما زالت هناك محاولات قائمة أوسع نطاقًا لقمع حركة مقاطعة إسرائيل، في الوقت الذي تسعى فيه إدارة ترامب إلى تكثيف إجراءاتها لقمع مناصرة القضية الفلسطينية.
مشروع إستر: القضاء على المعارضة وليس معاداة السامية
منذ عودته إلى رئاسة الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2025، كثّف ترامب وحلفاؤه الداعمون لإسرائيل جهودهم لقمع أي دعم للقضية الفلسطينية. على عكس نظرائهم من الديمقراطيين الذين غالبًا ما يبرّرون مثل هذه الإجراءات باعتبارها ضرورية لمكافحة معاداة السامية، يستخدم قادة الجمهوريين من أقصى اليمين الأساليب الاستبدادية دون تبرير، ليس فقط لإسكات المدافعين عن حقوق الفلسطينيين، بل أيضًا لدفع أجندة أوسع تهدف إلى تقويض الحريات المدنية واستهداف أصوات المعارضة. يمثِّل مشروع إستر نموذجًا للأجندة السلطوية التي ينتهجها المحافظون، مستهدفين قضية يتهاوى فيها باستمرار التزام الليبراليين بصون الحقوق المدنية وحرية الرأي، ألا وهي قضية مناصرة الحقوق الفلسطينية.
أصدرت مؤسسة هيريتج مشروع إستر في 7 تشرين الأول/أكتوبر، بوصفه “إستراتيجية وطنية للتصدي لمعاداة السامية”. إلا أن المشروع، في الواقع، يخلط بين مناهضة الصهيونية وانتقاد إسرائيل من جهة، ومعاداة السامية من جهة أخرى، ويستهدف تسخير قوة الولايات وموارد القطاع الخاص لتفكيك حركة التضامن مع فلسطين في الولايات المتحدة عبر حملة منظمة من الترهيب والتجريم وقطع التمويل.
يستخدم قادة الجمهوريين من أقصى اليمين الأساليب الاستبدادية دون تبرير، ليس فقط لإسكات المدافعين عن حقوق الفلسطينيين، بل أيضًا لدفع أجندة أوسع تهدف إلى تقويض الحريات المدنية واستهداف أصوات المعارضة Share on X
تتمثل إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها مشروع إستر في وصف حركة التضامن مع فلسطين بأكملها أنها “شبكة دعم حماس”، ووصف المنظمات المكونة لها بـ”منظمات دعم حماس”. وفي ضوء هذا التوصيف، تُعدُّ أي مجموعة تدافع عن حقوق الفلسطينيين متحالفةً مع منظمة صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية أجنبية. يُتيح هذا التوصيف التضليلي لمشروع إستر اعتماد آليتين متوازيتين لتقويض الحراك الداعم لفلسطين، عبر المزج بين أدوات القوة الناعمة والخشنة: الأولى لتشويه صورة الحركة لدى الرأي العام، والثانية لتجريم أنشطتها من خلال ملاحقات قانونية وضغوط مالية.
- أساليب القوة الناعمة: يسعى مشروع إستر إلى تشويه سمعة الحراك الداعم لفلسطين وعزله والتشكيك فيه في أعين الأمريكيين من خلال الترويج للرواية الكاذبة بأن المنظمات الداعمة لفلسطين مرتبطة بحركة حماس أو تتلقى توجيهات منها، وهي حركة صنفتها الحكومة الأمريكية منظمةً إرهابية.
- أساليب القوة الخشنة: يؤدي تصنيف هذه المنظمات على أنها داعمة للإرهاب إلى تهديد قدرتها على جمع التبرعات والعمل بشكل قانوني وممارسة أنشطتها الداعمة للقضية الفلسطينية، ما يشل قدرتها على التنظيم.
يهدف مصممو مشروع إستر من خلال توظيف هذه الإستراتيجيات إلى تنفيذ هجوم ثلاثي يتمثل في حرب مالية وقانونية وإعلامية لتقويض حركة التضامن مع فلسطين وإعاقة أنشطتها.
- الإنهاك المالي: يهدف مشروع إستر إلى جعل المنظمات المدافعة عن حقوق فلسطين -مثل طلاب من أجل العدالة في فلسطين، أمريكيون مسلمون من أجل فلسطين، ومنظمة صوت اليهود من أجل السلام- عاجزة ماليًّا من خلال تجفيف منابع التمويل التي تعتمد عليها، ما يجبرها على التوقف عن العمل أو تقليص نطاق أنشطتها بشكل كبير. وتتضمن هذه الإستراتيجية ممارسة الضغوط على المؤسسات المانحة والمؤسسات الأكاديمية، لكي تتراجع عن دعمها وتمويلها لتلك المنظمات خشية تشويه سمعتها أو تحميلها مسؤوليات قانونية.
- الحرب القانونية: يسعى مشروع إستر إلى استخدام النظام القانوني كسلاح لتجريم مناصرة فلسطين، حيث تدعو المبادرة إلى استخدام قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة الابتزاز لاستهداف الجماعات والأفراد المشاركين في تنظيم الأنشطة أو جمع التبرعات لصالح القضية الفلسطينية على أساس مزاعم بانتمائهم إلى جماعات مثل حماس أو دعمهم إياها. وللمضي قدمًا في هذه الخطة، يعتمد مشروع إستر على الدعاوى القانونية المصممة إستراتيجيًّا لإنضاب موارد الجماعات الداعمة للقضية الفلسطينية تحت ذريعة الحفاظ على الأمن القومي، وتتضمن تلك الجهود أيضًا ترحيل الناشطين الأجانب. تهدف هذه الإجراءات في نهاية المطاف إلى إضفاء صبغة غير قانونية على الحراك الداعم لفلسطين، وليس إلى نزع الشرعية عنه فحسب.
- الإضرار بالسمعة: يهدف مشروع إستر إلى تقويض الثقة وتعزيز الانقسامات في أوساط الحراك الواسع لدعم الحقوق الفلسطينية. ففي محاكاة مخيفة لحقبة المكارثية، تدعو إستراتيجية مشروع إستر إلى إجراء “بحث وتحقيق” بهدف الكشف عمَّا يُزعم أنه “سلوك إجرامي” داخل المنظمات المستهدَفة، ما يلمِّح إلى وجود نوايا بمراقبة هذه المجموعات وربما اختراقها لجمع معلومات استخبارية، تتبعها حملات إعلامية علنية تتهم أفرادًا ومنظمات بوجود صلات لهم بمعاداة السامية أو بمعاداة الولايات المتحدة. وبذلك، فإن تلك الإستراتيجية تعيق قدرة المجموعات الأخرى على التعاون مع تلك المنظمات خشية الإضرار بسمعتها أو مواجهة عواقب قانونية. هذا وتلعب منظمات مثل كناري ميشن (Canary Mission) دورًا محوريًّا في حملة “التشهير والإدانة” هذه، حيث تُعِدُّ قوائمَ سوداء بالطلاب والعاملين والأكاديميين الداعمين للقضية الفلسطينية وتكشف عن بياناتهم الخاصة وتُخوفهم.
تتضافر إستراتيجيات القوتين، الناعمة والخشنة معًا، لتحقيق هدف واحد، ألا وهو تقويض التقدم الذي أحرزه الحراك المناصر لفلسطين في تغيير الرأي العام الأمريكي. تهدف الحرب القانونية إلى نزع الشرعية عن ممارسات المناصرة المحمية بموجب الدستور، بينما تصور حملات التضليل الإعلامي أن حركة التضامن مع فلسطين على أنها مدفوعة بقوى خارجية، في محاولة لإلغاء جذورها الشعبية. لا يستهدف مصممو مشروع إستر المنظمات والأفراد المدافعين عن حقوق فلسطين فحسب، بل يسعون أيضًا إلى إعادة صياغة المجتمع الأمريكي من خلال إقصاء الآراء المخالفة من المناهج التعليمية وإخماد الاحتجاجات الطلابية والقضاء على الخطاب المنتقد للصهيونية في الأوساط العامة والأكاديمية. فلا تتمثل غايتهم النهائية في ألَّا تصبح مناصرة الحقوق الفلسطينية موضع خلاف فحسب، وإنما غير قانونية. وإذا نجح المشروع، فسيكون لدى مهندسيه نموذج ينطلقون منه من أجل توسيع دائرة الاستهداف.
من الضروري النظر إلى مشروع إستر ليس فقط بوصفه هجومًا على حركة التضامن مع فلسطين، بل كجزء من الهجوم الأوسع الذي تشنّه إدارة ترامب على الديمقراطية. إذ تعمل مؤسسة هيريتج وغيرها من الجهات النافذة في التيار اليميني المتطرف على استخدام مبادرات مثل مشروع إستر، لتوسيع نطاق الآليات القانونية المؤثرة التي لطالما اُستُخدمت جورًا ضد الفئات المهمشة والناشطين اليساريين وتعزيزها. وتشمل تلك الآليات ما يلي:
- قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا): يهدف داعمو مشروع إستر إلى توسيع نطاق قانون فارا ليشمل تصنيف المنظمات والناشطين الداعمين لفلسطين كوكلاء أجانب، في سابقةٍ خطيرة تتيح استخدامه على نطاق أوسع ضد أي حركة تنتقد السياسة الأمريكية.
- قانون المنظمات الفاسدة والمتأثرة بالابتزاز (ريكو): من خلال تصنيف الجماعات المتضامنة مع فلسطين على أنها جزء مما يسمى “شبكة دعم حماس”، يُرسي مشروع إستر الأسس لملاحقتها قضائيًّا بموجب قانون ريكو. ويمكن استخدام هذه الإستراتيجية بسهولة كسلاح ضد الاتحادات العمالية وناشطي البيئة والحركات الأخرى التي يطمح اليمين المتطرف إلى تقويضها.
- أطر مكافحة الإرهاب: يُستغل الخلط المتعمد بين معاداة الصهيونية والإرهاب لتبرير توسيع نطاق المراقبة والإجراءات القانونية والممارسات القمعية خارج نطاق القضاء، بما يعزز ترسيخ السياسات المستخدمة تاريخيًّا لتجريم حراك المسلمين وذوي البشرة السوداء والسكان الأصليين.
- قوانين الهجرة: من خلال الدعوة إلى ترحيل الناشطين الأجانب، يَسنّ مشروع إستر إجراءاتٍ قمعيةً غير مسبوقة وواسعة النطاق، ما يُفضي إلى تكثيف استهداف المعارضين وخاصة اللاجئين وطالبي اللجوء وغيرهم من الفئات المستضعفة.
إلى جانب هذه الآليات القمعية، يعتمد مشروع إستر على حملات تضليل إعلامي ورسائل قائمة على التخويف للتأثير في السياسات.
استخدام عصا الترهيب
يرتكز مشروع إستر على التضليل والتخويف والأصولية المحافظة. فقد اُختير اسم المشروع تيمنًا بشخصية إستر المذكورة في الكتاب المقدس، التي يُحتفى بها في التراث اليهودي لأنها أنقذت شعبها من الإبادة في بلاد فارس القديمة. فمن خلال توظيف قصة إستر، تسعى المبادرة إلى خلق توازٍ أخلاقي بين نجاة اليهود عبر التاريخ والأهداف الصهيونية المعاصرة. لذا فإنها تصوِّر معارضي إسرائيل كخطر وجودي على سلامة اليهود، وتستعمل هذا الخطاب لتبرير الاستبداد المتزايد.
يخلط مشروع إستر بين مناهضة الصهيونية وانتقاد إسرائيل من جهة، ومعاداة السامية من جهة أخرى، ويستهدف تسخير قوة الولايات وموارد القطاع الخاص لتفكيك حركة التضامن مع فلسطين في الولايات المتحدة عبر حملة منظمة من الترهيب والتجريم وقطع التمويل Share on X
وفي واقع الأمر، ليس الدافع وراء مشروع إستر الحرص على سلامة اليهود، بل هو وليد أجندة قومية مسيحية يمينية متطرفة. فقد أفادت تقارير بأن مؤسسة هيريتج واجهت صعوبات في إيجاد “شركاء” رسميين لها من المنظمات اليهودية. ونفت عدة منظمات ما زعمته المؤسسة بأنها شاركت مباشرةً في تأسيس المبادرة، ومنها المؤتمر اليهودي العالمي والتحالف اليهودي الجمهوري. غير أن هذا النفي لا يعني أن تلك المنظمات تنأى بنفسها عن قمع الانتقادات الموجهة إلى إسرائيل، ولكنها ربما ترددت في الانضمام إلى حملة حزبية يقودها المسيحيون الإنجيليون أو أرادت ببساطة الاستئثار بملكية “الحرب على معاداة السامية”. بصرف النظر عن الدوافع، تكمن الإشكالية الجوهرية في ما إذا كان هدف مشروع إستر هو بالفعل مكافحة معاداة السامية.
لو كانت مكافحة معاداة السامية هي الهدف الأساسي لمشروع إستر، لكان واضعو المشروع قد قدّموا خطة لمعالجة المصدر الرئيسي لأكثر تجلياتها عنفًا: اليمين المتطرف. في حقيقة الأمر، تجاهل المشروع التصدّي لأخطار معاداة السامية من قبل اليمين المتطرف، ولم يتطرّق إطلاقًا إلى سُبل التعامل مع مخاطر مناصري تفوّق العِرق الأبيض. بل إنه يُصوِّر معاداة السامية على أنها شكل من أشكال التمييز التي يمارسها فقط اليسار السياسي المؤيد لفلسطين. كما يُدرج المشروع تقريبًا كل عضو ديمقراطي سبق وأن وجّه حتى أبسط انتقاد إلى إسرائيل في قائمة أسماها “تكتل حماس”، في حين يتجاهل تمامًا أسماء جمهوريين، مثل راند بول وتوماس ماسي، وهما من أبرز المعارضين لاستمرار الدعم العسكري المطلق لإسرائيل.
لا يذكر تقريرمشروع إستر، الذي يحدد إستراتيجيته لمكافحة معاداة السامية، اسم جمهوري واحد، رغم وجود وقائع فعلية لمعاداة السامية صدرت عن الحزب الجمهوري في الأعوام القليلة الماضية. ولم يستنكر مؤسسو مشروع إستر كذلك استخدام ترامب لشبهة “الولاء المزدوِج” عبر تلميحاته المتكررة بعدم ولاء اليهود الأمريكيين الذين ينتخبون الديمقراطيين لإسرائيل ولعقيدتهم. ولم يُشِر التقرير أيضًا إلى مارجوري تايلور غرين، التي صوتت ضد قانون التوعية بمكافحة معاداة السامية لعام 2023، زاعمةً أنه يتعارض مع “الإنجيل”. يكشف هذا التغافل حقيقةَ مشروع إستر، فهو مخطط يهدف إلى قمع أي معارضة للدعم غير المشروط لإسرائيل، وإسكات المناصرين لحقوق الفلسطينيين، وترسيخ الأجندات المحافظة المتطرفة، وليس معنيًّا على الإطلاق بالقضاء على معاداة السامية.
يستغل مشروع إستر الصدمات التي تعرّض لها اليهود لخدمة أهدافه. فهو يُقلل من شأن المساعي الصادقة للقضاء على معاداة السامية في حين ينحاز إلى دعاوى تفوُّق العِرق الأبيض التي ما انفكت تمثل الخطر الأكبر على المجتمعات اليهودية على مر التاريخ. إنّ استخدام سلامة اليهود كحجةٍ لتقويض المكتسبات الديمقراطية التي تحققت بشق الأنفس، مثل حرية الرأي، لا يؤدي في الواقع إلا إلى ترسيخ القوالب النمطية نفسها التي تؤجج معاداة السامية.
استهداف مباشر للديمقراطية
يأتي مشروع إستر بوصفه توسعًا لمشروع 2025، وهو خطة يمينية متطرفة متكاملة كان ترامب قد تنصل منها مبدئيًّا في أثناء حملته الانتخابية للرئاسة الثانية، ثم طبَّق معظم بنودها عبر مجموعة من القرارات التنفيذية فور عودته إلى الحكم. يمثّل مشروع إستر تتويجًا لحملة القمع الأوسع ضد التضامن مع فلسطين، ويأتي في لحظة تستعد فيها بعض أكثر القوى القمعية والمؤمنة بتفوق العرق الأبيض في الولايات المتحدة لتشديد قبضتها على مفاصل السلطة.
على غرار حملة القمع الأوسع ضد التضامن مع فلسطين، يُعدّ مشروع إستر في جوهره محاولة لاستعادة السرديات التي لطالما برّرت الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل. ويعكس المشروع حالة ارتداد أوسع في أوساط المحافظين داخل الولايات المتحدة، حيث يرى كثيرون في اليمين أن القصص والأساطير التي تستند إليها امتيازاتهم آخذة في التآكل في مجتمع يزداد تنوعًا ووعيًا سياسيًّا. وعلى الرغم من أن مشروع إستر يقدّم نفسه كمبادرة تطلّعية، فإنه في حقيقته محاولة رجعية للحفاظ على الوضع القائم.
يُقاتل مخطّطو مشروع إستر بشراسةٍ تنامي الدعم للفلسطينيين وتصاعد الانتقادات للنظام الإسرائيلي، وهما نتاج مباشر للعملية الديمقراطية نفسها. فباعتبارهما من ركائز الديمقراطية، أتاح تداول المعلومات بحرية وحرية التعبير للفلسطينيين إيصال رواياتهم، ما ساهم في خلق شكوك متزايدة تجاه استمرار الدعم الأميركي غير المشروط للنظام الإسرائيلي. ومن خلال السعي إلى إسكات الأفراد والمجموعات التي تدافع عن حقوق الفلسطينيين أو تنتقد سياسات إسرائيل، يعمل أنصار النظام الإسرائيلي على تقويض العملية الديمقراطية نفسها.
ولمواجهة آلة القمع التي أطلقتها مبادرات مثل مشروع إستر والهجوم الأوسع نطاقًا على حركة التضامن مع فلسطين، تغدو الحاجة إلى جهود إستراتيجية موحدة واستباقية أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. وفيما يلي توصيات للأفراد والمنظمات المعنية بمناصرة القضية الفلسطينية وإعلاء قيم العدالة والمساواة وحرية التعبير تهدف إلى تعزيز مناصرة القضية الفلسطينية بما يضمن الصمود والوحدة والفعالية في مواجهة القمع المتصاعد.
توصيات
تعزيز صمود الحراك وبناء تضامن تقاطعي:
يتمثل الخطر الأكبر على دعم القضية الفلسطينية في العزل، إذ تهدف إستراتيجية مشروع إستر إلى تفتيت حركة التضامن مع فلسطين وفصلها عن قضايا حقوق الإنسان الأخرى. وللتصدي لذلك التهديد، يتعين على الحركة توطيد تحالفاتها وتأسيس ائتلاف موحد كبير.
- تعزيز التلاحم الداخلي بين أطراف الحركة: إقامة منصات مشتركة للتواصل والدعم المتبادل في داخل الحراك الداعم لفلسطين، بهدف التصدي لمحاولات بث الفرقة وانعدام الثقة.
- التشديد على أهمية الترابط المتبادل: الربط بين جهود مناصرة القضية الفلسطينية وبين حركات أخرى (مثل: جهود حماية البيئة وحقوق الشعوب الأصلية وتحقيق العدالة بين الأعراق)، من أجل توسيع دائرة الدعم وتعزيز بناء الائتلافات.
- تسليط الضوء على التهديد الذي تتعرض له الحريات الدستورية: التأكيد على أن مشروع إستر يشكّل انتهاكًا للحقوق التي يكفلها التعديل الأول للدستور الأميركي، بما يؤثر في جميع الأميركيين وليس فقط على داعمي فلسطين، وذلك بهدف توسيع دائرة الرفض للهجمات القمعية التي تستهدف المعارضين والحريات المدنية.
الانتصار في الحرب المعلوماتية:
يشكّل الرأي العام ساحةً أساسية في هذه المعركة، ومن خلال الرسائل المؤثّرة وإعادة تأطير مناصرة القضية الفلسطينية، يمكن التصدي لحملات التضليل التي يروّج لها أنصار الصهيونية.
- اعتبار مناهضة الصهيونية قضية حقوق إنسان: ربط الحديث عن المعارضة لسياسات إسرائيل بمبادئ العدالة والمساواة، والتأكيد على الاستخدام المسؤول لأموال دافعي الضرائب في الولايات المتحدة.
- فضح استحواذ اليمين على جهود التصدي لمعاداة السامية: توضيح كيف يؤدي الخلط بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية إلى تقويض الجهود الصادقة الرامية إلى التصدي للكراهية الحقيقية وحماية المجتمعات اليهودية.
- توثيق صور القمع والكشف عنها: رصد تأثيرات مشروع إستر والمبادرات المشابهة، وإبراز الثمن الذي تدفعه البشرية والديمقراطية بسبب هذا القمع، وذلك بهدف إقامة حُجةٍ قوية من أجل التضامن.
تعزيز الدفاعات القانونية وموارد التمويل:
لمواجهة الحرب القانونية التي يستخدمها مشروع إستر لإسكات المعارضة، لا بد من تبني إستراتيجيات قانونية قوية وتنويع مصادر التمويل لدعم هذا المَسعى.
- الاستفادة من قوانين مكافحة الدعاوى القضائية التعسفية: يجب الاستعانة بقوانين مكافحة الدعاوى القضائية التعسفية ضد المشاركة العامة (Anti-SLAPP Laws)، التي شُرِّعت في الأصل لحماية الناشطين والمنظمات من الدعاوى القضائية التي تسعى إلى تقويض حرية التعبير.
- تنويع مصادر التمويل الشعبي: بناء قاعدة من صغار المانحين والداعمين الدوليين لضمان الاستقلال المالي والحدِّ من تأثيرات حملات حجب التمويل.