مستقبل متحرر

بعد عام من المعاناة تحت وطأة العنف والدمار المستمرين، يقف الفلسطينيون عند لحظة مفصلية. يتناول هذا التعقيب الخسائر الهائلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 والفرص المنبثقة للعمل نحو مستقبل خالٍ من القمع الاستعماري الاستيطاني. ويرى بأنّ الوقت قد حان الآن لكي تتحول حركة التحرير من رد الفعل إلى وضع أولوياتها الخاصة. وكجزء من هذا التحول، يُحدد هذا التعقيب ثلاث خطوات ضرورية: تجاوز التعويل على القانون الدولي، وتعميق الروابط مع الجنوب العالمي، وتخصيص الموارد لاستكشاف الرؤى الثورية لمستقبل متحرر.1

تقييم الوضع: عام من الدمار اللامعقول

تغيَّرت فلسطين على مدار العام الماضي تغيرًا لا رجعة فيه، ولم يكن يتصوره الكثيرون منا. فمنذ بداية الإبادة الجماعية، قتل النظامُ الإسرائيلي ما يزيد على 50،000 فلسطيني في غزة ــ بحسب تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية، ومن ضمن هؤلاء ما يزيد على 6،000 جثة مجهولة الهوية لدى الوزارة، بالإضافة إلى 10،000 جثة أخرى يُفتَرض أنها ما تزال مدفونة تحت الأنقاض. وما يبعث على الأسى أن بعضها لن يتم انتشاله أبدًا. نشرت مجلة لانسيت الطبية مقالاً في تموز/يوليو 2024 حول أهمية الوقوف على أعداد القتلى في غزة، أشارَ إلى أن التقديرات المتحفظة لإجمالي الوفيات في سيناريوهات الصراع تعادل “أربع وفيات غير مباشرة لكل وفاة مباشرة”. وانطلاقًا من هذا الحساب، فمن المرجح أن تكون الإبادة الجماعية الإسرائيلية قد أسفرت عن إزهاق ما يزيد على 250,000 روح فلسطينية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.

إضافةً إلى ذلك، تنوء غزة الآن بما يزيد على 42 مليون طن من الركام وأنقاض المنازل والمحال التجارية المدمرة ومرافق البنية التحتية العامة الأساسية. وأطلق القصف الإسرائيلي المستمر مئات آلاف الأطنان من الأغبرة السامة في الجو، ولذلك تداعيات مميتة بعيدة الأجل. فضلًا على أن 80% من المدارس والجامعات إمّا تضررت أو تدمرت، ولأول مرة منذ النكبة، لم يلتحق الأطفال الفلسطينيون في قطاع غزة بالمدارس هذا العام.

في الوقت نفسه، سرقَ النظام الإسرائيلي ومستوطنوه مساحات واسعة من الأراضي في الضفة الغربية على مدار الأشهر الاثني عشر الماضية. واقترنت تلك السرقات بمستويات عنف متزايدة ضد الفلسطينيين، حيث قُتلَ ما يزيد على 700 فلسطيني وجُرِحَ 5،000 آخرين، واعتُقلَ الآلاف، ووصلَ عدد المعتقلين السياسيين الفلسطينيين نحو 10،000.

وفي لبنان، شمالًا، وسَّعَ النظامُ الإسرائيلي عدوانه وشرَّدَ أكثر من مليون إنسان في غضون أيام، وقتلَ ما يزيد عن  1800، بمن فيهم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. واستمرَ القصف الجوي الإسرائيلي مستهدفًا أحياءَ مختلفةً ومخيماتٍ للاجئين الفلسطينيين، بينما بدأت قوات الاستعمار اجتياحًا بريًا في مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2024. 

لم يكن التواطؤ في يومٍ من الأيام أشدَّ وضوحًا مما هو عليه في خضم هذا العنف الوحشي، حيث واصلت النُظم الموالية، بما فيها الولايات المتحدة وألمانيا، دعمَها لإسرائيل بلا انقطاع وزادت حزم المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة. ولم تتأثر معظم علاقات النظام الإسرائيلي الدبلوماسية والتجارية، ليس فقط في العالم الغربي وإنما في العالم العربي أيضًا. وهذا التعاون ينتهك القانون الدولي الذي يقتضي من الدول الثالثة أن تبذل كل ما بوسعها لكي تمنع جريمة الإبادة الجماعية وألا تتواطأ في جرائم الحرب. وفي الوقت نفسه، تكشف التغطية الإعلامية للإبادة الجماعية في وسائل الإعلام الغربية السائدة نمطًا متجذرًا في تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم.

كثيرًا ما صوَّرَ النقاد وصناع القرار إسرائيلَ كقوة لا يمكن إيقافها خلال العام الماضي، ولكنها في الواقع ليست كذلك على الإطلاق، بل ذلك ناجم عن تقاعس أقوى حلفاء إسرائيل عن اتخاذ خطوات ملموسة للضغط عليها لكبح جماح عنفها المستمر والمتنامي في المنطقة، وعن تواطؤهم معها عن رغبة واستعداد منهم. إنّ تصوير الإقدام الإسرائيلي على هذا النحو يتستر على تواطؤ وتقاعس الدول الأخرى التي تستمر في تمكين التطاول والوقاحة الإسرائيلية.

من الجدير بالذكر أن الطريق نحو الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة ونحو تصعيد عدوانها في أماكن أخرى كان مُمَهدًا إلى حدٍ كبير من خلال تنامي التطبيع العربي. لقد دأبت إسرائيل على تصوير نفسها منذ زمن على أنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة يحيطها أعداء من جميع الجهات، غير أن هذا الوصف خاطئ تمامًا، سواء في الماضي أو في الوقت الحاضر. بل إنها تمتعت، منذ تأسيسها في 1948، بعلاقات سرية وعلنية مع أنظمة عربية مختلفة. وتوسعت هذه العلاقات في مستوى التعاون الأمني والاستخباراتي في العقد الماضي، وبلغت ذروتها في توقيع اتفاقات آبراهام 2020. لقد أدت العلاقات الرسمية بين إسرائيل ودول عربية عدة إلى انقسام حاد في أنحاء المنطقة – وهو الانقسام الذي تستغله إسرائيل لتأجيج الفكرة العنصرية المتمثلة في وجود محورين متعارضين في جنوب غرب آسيا: المحور المتماشي مع القيم الغربية “المتحضرة”، والمحور الذي لا يتوافق مع تلك القيم، والذي وصفه نتنياهو مؤخرا بأنه “اللعنة”.

كثيرًا ما صوَّرَ النقاد وصناع القرار إسرائيلَ كقوة لا يمكن إيقافها خلال العام الماضي، ولكنها في الواقع ليست كذلك على الإطلاق Share on X

تَظهر على المستوى الشعبي صورةٌ مغايرة تمامًا، حيث تَشهدُ التعبئةُ الشعبية لملايين البشر حول العالم على الفجوة الهائلة بين السياسات الحكومية والشعوب. بل بات واضحًا تمامًا أنَّ هنالك إجماعًا متزايدًا على دعم النضال الفلسطيني من أجل التحرر من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني. فقد شهدت المدن في مختلف أنحاء العالم مظاهرات مستمرة، ووقفات، ومسيرات، واعتصامات، وحالات عصيان مدني احتجاجًا على الإبادة الجماعية المستمرة. وتُعدّ الجامعات أيضًا مواقعَ للمواجهة، حيث دعا الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الإدارات إلى قطع العلاقات مع المؤسسات المتواطئة وسحب الاستثمارات المتواطئة. 

شهدت البلدان المجاورة لفلسطين أيضًا تعبئةً شعبية متواصلة ــ تحدت السلطات المحلية في كثيرٍ من الأحيان. ففي الأردن، مثلًا، اكتظت الشوارع بالمتظاهرين تضامنًا مع الفلسطينيين واحتجاجًا على تواطؤ الدولة مع النظام الإسرائيلي، انطلاقًا من اتفاقية وادي عربة للسلام الموقعة عام 1994، ووصولًا إلى العلاقات الاقتصادية القائمة مع إسرائيل والدعم العسكري من الولايات المتحدة. وفي مصر، اندلعت مظاهرات صغيرة ولكن قوية أدانَ فيها المتظاهرون مشاركةَ الحكومة مباشرةً في حصار غزة. وأخذت الشعوب في العالم العربي على نحو متزايد تربط بين الوجود الإمبريالي الأميركي في المنطقة وبين تنامي الاستبداد والقمع الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.

ماذا بعد؟ تصور مستقبل متحرر

إنّ الوقوف على حجم هذا الدمار الهائل يشكل تحديًا في حد ذاته، ولا سيما في ظل استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة واستمرار هجومها على لبنان، وفي ظل ما يبدو على أنه حربٌ إقليمية وشيكة. ولكن ثمة مهمة أثقل ولكن ضرورية، بصرف النظر عن الماضي والحاضر، تتمثل في التفكير فيما هو أبعد من الظرف الراهن، في زمنٍ لا يعود فيه القمع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني سمةً من سمات الحياة الفلسطينية، وتتمثل في تصور السبل الكفيلة بجَسرِ الهوةِ بين الحاضر وبين هذا المستقبل المختلف جذريًا.

غير أنّ هناك عقباتٍ كثيرةً تعترض هذه المهمة. ولعل استمرار المآسي والعنف الذي يقاسيه الفلسطينيون يوميًا هو أحد أعظم العوائق التي تَحُول دون تصور المستقبل، حيث لا يزال سكان غزة يعانون وطأة العنف الاستعماري الاستيطاني الصهيوني. وبالطبع فإن البقاء على قيد الحياة هو الأولوية بالنسبة إلى الكثيرين، ويبدو التفكير في تصورات لمستقبل فلسطيني متحرر مهمةً مستحيلة.

ثمة عقبة أخرى تعترض هذا المسعى وتتمثل في أنَّ معايير ما هو ممكن وما هو قابل للتنفيذ للمستقبل الفلسطيني ظل يحددها منذ زمن بعيد أولئك الذين تتعارض سياساتهم وقيمهم مع التحرر الفلسطيني. فقد طُلبَ من الفلسطينيين على مدى العقدين الماضيين أن يتخيلوا مستقبلهم في إطار حل الدولتين، الذي يختزل حقوقَهم الجمعية والفردية، ويمنحهم شكلًا مبتورًا من الحكم الذاتي على أنه سيادة. أمّا القيادة الفلسطينية فقد استسلمت لهذه المعايير في مقابل فتات من السلطة، وحوّلت ما كان نضالًا تحرريًا مناهضًا للاستعمار إلى مشروع بناء دولة. وبالنسبة إلى العديد من الدول الثالثة، كان الحديث عن حل الدولتين بمثابة غطاءٍ ملائم مكَّن إسرائيل فعليًا من الاستمرار في استعمار الأراضي الفلسطينية.

تشكلت معايير ما هو ممكن وقابل للتنفيذ للمستقبل الفلسطيني منذ زمن بعيد بواسطة أولئك الذين تتعارض سياساتهم وقيمهم مع التحرر الفلسطيني Share on X

في مطلع العام 2020، تجدّدت الدعوة للعمل في أوساط الفلسطينيين وحلفائهم وأكدت في طياتها على الحاجة الملحة إلى تخيل التحرير والشروع في رسم المسار نحو مستقبل مختلف جذريًا. وانطلاقًا من التقاليد والمعارف لدى الشعوب الأصلية الأخرى التي تواجه المحو الاستعماري، سعت هذه الجهود إلى إيجاد مساحة لوضع مخطط لمستقبل خالٍ من الهيمنة الاستعمارية. ومنذ ذلك الحين، توجَبَ على الفلسطينيين أن يتغلبوا على وباء عالمي، وعلى الجهود المبذولة لسحق الحركات الشعبية الداعية للوحدة، والإبادة الجماعية المستمرة في غزة. 

غير أنَّ مهمة التخيل تظل ملحة كما كانت على الدوام. فالعام الماضي يقتضي إعادةَ ترتيب أولويات الحركة لكي تعود إلى وضع تصورات للمستقبل، علمًا بأنَّ هذا الجهد يشكل التزامًا بعيد الأجل وليس له ثمار في الأجل القريب، وبناءً على ذلك تعكس الخطوات التالية اتجاهات قد تساعد في فتح أٌفق الخيال الفلسطيني:

عدم التركيز على القانون الدولي

على مدى العقدين الماضيين، وضعت قطاعات كبيرة من المجتمع المدني الفلسطيني وحركة التضامن الأوسع القانونَ الدولي في صميم عملها. غير أن الإبادة الجماعية المستمرة في غزة أثَّرت بشدة على نظرة الكثيرين لقوة نظام القانون الدولي وعرَّت تحيزاته المؤسسية العميقة. 

دأبت إسرائيل على انتهاك بنود اتفاقات جنيف المتعلقة بالحرب والاحتلال انتهاكًا ممنهجًا، وخلُصت محكمة العدل الدولية إلى أنها ارتكبت أعمال الإبادة جماعية محتملة في غزة في العام الماضي. ولم تكتف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وغيرهما من الدول بالتقليل من شأن هذه الانتهاكات وتجاهلها، بل اجتهدت أيضًا في إحباط المساعي الرامية إلى تحميل إسرائيل المسؤولية عن تلك الانتهاكات من خلال القنوات القانونية المتاحة. وهكذا أكّدت الإبادة الجماعية في غزة ما اعتقده الكثيرون منذ زمن وهو أن القانون الدولي يتطلب الإرادة السياسية من الدول لإنفاذه وتطبيق آليات المساءلة. وعلاوةً على ذلك، فإن الهيمنة الغربية في الأمم المتحدة تعني أن حياةَ البعض تُعدّ أكثرَ قيمةً من حياة الآخرين. وقد تجلى هذا بامتياز في الاستجابة الدولية لأوكرانيا عند الغزو الروسي مقارنةً بالاستجابة لقطاع غزة. 

ورغم أن الناشطين القانونيين قد يحققون بعض المكاسب للنضال الفلسطيني من داخل النظام القانوني الدولي، إلا أن من الواضح أنّ الشعب الفلسطيني لن يظفر بالمساءلة ولا التحرير من خلال قرارات الأمم المتحدة. وبالتالي، لابد من التوقف عن التركيز على القانون الدولي كإطار واعتباره وسيلةً من الوسائل العديدة المتاحة في صندوق أدوات المقاومة وليس صندوق الأدوات نفسه. 

التوجه نحو شعوب الجنوب العالمي

لا يَعدُّ الكثيرون في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط وسائر الجنوب العالمي انخراطَهم في النضال الفلسطيني ممارسة نظريةً أو خطابية، وإنما ممارسة عملية تنبع من الاعتقاد بأن تحرير فلسطين عنصرٌ ضروري للتغيير الجذري في جميع أنحاء العالم.

فكان الناشطون إبان الثورة المصرية، مثلًا، يرددون إن الطريق إلى القدس تمر عبر القاهرة. ومنهم علاء عبد الفتاح، الكاتب المصري والسجين السياسي، الذي ينتمي إلى جيلٍ من المصريين نشأ على صور الفلسطينيين وهم يقاومون الاحتلال في الانتفاضة الثانية. وفي نهاية المطاف، رفدت المظاهرات الطلابية الداعمة للانتفاضة الفلسطينية الحركةَ الاحتجاجية التي قادت الثورة المصرية في عام 2011. وفي 2021، كتب عبد الفتاح أن جذور الثورة، بالنسبة إليه وإلى الكثيرين من جيله، كانت ضاربةً في فلسطين.

تعكس رؤى عبد الفتاح فكرةً مشتركة لدى شعوب المنطقة عمومًا مفادها أنّ الحرية الفلسطينية ترتبط ارتباطًا جوهريًا بحرية جميع المجتمعات الخاضعة للحكم الاستبدادي من أنظمة تخدم المصالح الاستعمارية والإمبريالية في المقام الأول. فالنضال من أجل أحدهما يعني النضال من أجل الآخر. يمتد هذا الارتباط في المقاومة المشتركة إلى ما وراء العالم العربي ليطال مجتمعات أخرى في الجنوب العالمي، من الجزائر إلى جنوب إفريقيا إلى الشعوب الأصلية في جزيرة السلحفاة. وعلى سبيل المثال، رفعت حكومة جنوب إفريقيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية في كانون الأول/ديسمبر 2023 تتهم النظام الإسرائيلي بارتكاب إبادة جماعية. وفي نيسان/أبريل 2024، وسَّعت نيكاراجوا المعركة القانونية ورفعت دعوى قضائية ضد ألمانيا تتهمها بتيسير الإبادة الجماعية. 

لقد بات من الضرورة بمكانٍ الآن أن نبادرَ إلى إرساء النضال الفلسطيني في إطار جديد يتمحور حول الجنوب العالمي. ويتطلب ذلك الابتعاد عن إيلاء الأولوية لجهود التضامن مع مَن هم في مواقع القوة التفوقية والتوجه بدلاً من ذلك نحو بناء القوة الجمعية مع المجتمعات المستعمَرة والمهمَّشة الأخرى.

تهيئة البنية التحتية لتصور إنهاء الاستعمار 

لكي تزدهر تصورات إنهاء الاستعمار على نطاق واسع، يحتاج المجتمع الفلسطيني إلى بنية تحتية تستوعب وتقدِّر مثل هذه العملية الجمعية، إلى جانب المبادرة بتجريب تلك الرؤى المستقبلية في الزمن الحاضر.

للفلسطينيين تاريخ عريق في هذه الممارسة – أي الجمع بين التصور والتجريب، حيث ضربت انتفاضة الوحدة في عام 2021 مثالًا على التغلب على التجزؤ وتجسيد نسخة من الوحدة التي دأبَ قطاع كبير من المجتمع الفلسطيني على المطالبة بها. وتجسَّد ذلك في بيان الكرامة والأمل الذي دعا إلى تحقيق الهدف الأوحد المتمثل في “إعادة توحيد المجتمع الفلسطيني بكافة مركَّبات ومجالات الحياة. وإعادة توحيد الإرادة السياسية والسُبل النضالية في مواجهة الصهيونية في كل فلسطين.” أي أن البيان دعا إلى عدم التقسيم باعتباره الإطار الوحيد لتحدي معايير الاستعمار لِما هو ممكن. 

بات من الضرورة بمكانٍ الآن أن نبادرَ إلى إرساء النضال الفلسطيني في إطار جديد يتمحور حول الجنوب العالمي Share on X

أظهرت اعتصامات الخيام الاحتجاجية في الجامعات على مدار العام الماضي الدورَ الحيوي لتلك المساحات في تحقيق هذا المسعى. فقد أظهر الطلاب كيف يمكن أن يبدو نموذج تبادل المعرفة التشاركي الرامي إلى إنهاء الاستعمار وكيف ينبغي أن يكون، متميزًا عن نماذج المعرفة السائدة المتجذرة في التفوق الأبيض ومحو السكان الأصليين. 

واليوم، بات لِزامًا أن تبني الحركة على هذه الإنجازات السابقة، وأن تُخصِّصَ الموارد للمبادرات التي تُمكِّن التفكير الراديكالي والاستكشاف الاستباقي. ويمكن أن يحدث هذا على مستويات مختلفة، مثل التنظيم الشعبي وإعادة النظر في السياسات ووضع مقاربات تعليمية جديدة، وهذا من شأنه أن يساعد في توسيع أُفق الفهم الجمعي لِما هو ممكن، وتهيئة الأرضية لمستقبل محرَّر، وشحذ المهارات اللازمة للوصول إلى هذه الغاية.

  1. لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية، اضغط/ي هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.
يارا هواري هي مديرة الشبكة بالمشاركة. عملت سابقًا كزميلة سياساتية للشبكة في فلسطين وكمحللة رئيسية في الشبكة. نالت درجة الدكتوراه في سياسة الشرق الأوسط من...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 40,000 فلسطيني في غزة، وجرحت 100,000 آخرين، وشرَّدت كامل سكان المنطقة المحتلة تقريبًا. وفي ذات الوقت شرَعَ النظام الإسرائيلي في أكبر اجتياح للضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية مما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن 600 فلسطيني واعتقال 10,900 آخرين. كما وسعت إسرائيل نطاق هجومها الإبادي الجماعي في لبنان، مما أسفر عن مقتل ما يزيد على ألف شخص ونزوح أكثر من مليون آخرين. يسلط هذا المحور السياساتي الضوء على مساعي الشبكة في الاستجابة لهذه التطورات على مدار العام الماضي، من وضع أحداث السابع من أكتوبر في سياق أوسع للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، إلى استجواب آلة الحرب الإسرائيلية متعددة الأوجه، إلى تقييم العلاقات الإقليمية المتغيرة بسرعة. هذه المجموعة من الأعمال تعكس جهد الشبكة المستمر في تقديم رؤية فورية للوضع الفلسطيني.
لا تنفك شركات الأسلحة البريطانية تتربّح من بيع الأسلحة لإسرائيل من خلال التراخيص الصادرة من الحكومة البريطانية، حيث بلغ إجمالي هذه الصادرات منذ العام 2008 ما يقدر بنحو 740 مليون دولار، وهي ما تزال مستمرة حتى في ظل الإبادة الجماعية الجارية في غزة. يشعر البعض بتفاؤل حذر إزاء احتمال فرض حظر على الأسلحة بعد فوز حزب العمال في انتخابات يوليو/تموز 2024، وبعدَ أن وعدَ بالانسجام مع القانون الدولي. في سبتمبر/أيلول 2024، علقت الحكومة البريطانية 30 ترخيصاً من أصل 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ويرى الناشطون وجماعات حقوق الإنسان أن مثل هذا القرار محدود للغاية. وبناء على ذلك، تُفصِّل هذه المذكرة السياساتية الالتزامات القانونية الدولية الواقعة على عاتق بريطانيا وكذلك المناورات الحكومية الممكنة فيما يتصل بمبيعات الأسلحة لإسرائيل.
شهد الحموري· 15 سبتمبر 2024
في مختبر السياسات هذا، تنضم الينا ريتا أبو غوش وصالح حجازي مع الميسّر فتحي نمر لمناقشة التضامن التاريخي بين الجنوب العالمي والقضية الفلسطينية وسبل تطويرها.
Al-Shabaka Fathi Nimer
صالح حجازي،فتحي نمر· 11 سبتمبر 2024
Skip to content