The UN Database on Business in Israeli Settlements: Pitfalls and Opportunities

بينما تُسارع إسرائيلُ في بناء المستوطنات على الأرض الفلسطينية المحتلة تحت غطاء إضافي من إدارة ترامب، ينبغي أن نتذكر أن بناء المستوطنات واستدامتها ليس وحده ما ينتهك القانون الدولي، بل أيضًا جميع المعاملات الخاصة والتعاملات التجارية المبرمة داخلها أو بخصوصها، وهذه المستوطنات قد أدمجتها إسرائيل فعليًا في اقتصادها الوطني. إن قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة رقم 2334 الصادر في كانون الأول/ديسمبر 2016 ينص على أن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة “ليس له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكًا صارخًا بموجب القانون الدولي”، ولكنه لا يوضح طبيعة العواقب والمخاطر القانونية التي قد تطال أي جهةٍ حكومية أو خاصة تنخرط في أعمال تجارية داخل المستوطنات أو ذات علاقة بها.

غير أن المئات من مؤسسات الاعمال ما تزال تعمل بحرية ودون أي تبعات في حوالي 250 مستوطنة أنشأتها إسرائيل. قررت الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في آذار/مارس 2016 أن تتحرك حيال هذه القضية، فكلَّفت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بموجب قرار مجلس الأمن رقم 31/36 بإنشاء قاعدة بيانات تضم تلك المؤسسات، وبمراجعتها وتنقيحها سنويًا. وفي تقرير نشرته المفوضية في كانون الثاني/يناير 2018 أعلنت أنها وضعت قائمة بأسماء 206 شركة تعتزم الكشف عنها “في تحديث مُقبل.”

قاعدةُ البيانات هي أداةٌ فريدة لتحقيق الشفافية، وآليةٌ لإنفاذ القانون بقوة الإقناع، بوسعها أن توفر خدمةً للدول والمؤسسات التي تحمل جنسيتها والتي قد تنخرط في أنشطةٍ تجارية غير قانونية. تدرك دولٌ عديدة أن هذه المبادرةَ فرصةٌ لوضع آلية لمراقبة بيئات الأعمال التجارية عالية المخاطر، ليس في المستوطنات الإسرائيلية وحسب، وإنما في سياقات الاحتلال والضم الأخرى. سوف تُعين هذه الآليةُ الدولَ على حماية نُظمها القانونية ومجتمعات الأعمال التجارية التابعة لها من مغبة انتهاك القانون الدولي وعواقب انتهاكات القانون الدولي التي تنطوي عليها التعاملات التجارية في المستوطنات.

يَشرع تقرير المفوضية الصادر في كانون الثاني/يناير 2018 في وضع المنهجية وإجراءات العمل الخاصة بهذه الآلية. وقد أقرَّ مجلس حقوق الإنسان في جلسته المنعقدة في آذار/مارس 2018 أهميةَ هذا العمل، والحاجة إلى مواصلة دعم المفوضية في مسعاها. وأكدت الدول الأعضاء الحاجةَ إلى ضمان نزاهة هذا العمل وتوفير “فضاء سياسي آمن” لتطوير الإطار المعياري السليم للآلية وإجراءاتها العملية.

تواجه الجهود المبذولة للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في سياق الاحتلال الإسرائيلي هجماتٍ غيرَ مستغربة. تدَّعي إسرائيلُ والولايات المتحدة ودولٌ أخرى أن قاعدةَ البيانات “قائمةٌ سوداء” تقصر الانتقادات على إسرائيل، وتشجع على تبني العقوبات والمقاطعة ضد الكيانات الإسرائيلية كافة. وتنتقد تلك الدولُ الأممَ المتحدة لإنفاقِها المواردَ الشحيحة، وخروجها عن نطاق سلطتها والعملِ كهيئةٍ قضائية.

يرى بعض مسؤولي الأمم المتحدة وبعض الدول حاجةً في استصدار قرارٍ آخر من مجلس حقوق الإنسان يخصص الموارد المالية والبشرية اللازمة لإنشاء قاعدة البيانات واستدامتها. إن أهمية تزويد مؤسسات الاعمال بالتوجيهات والمعلومات القانونية المتعلقة بأنشطة المؤسسات التجارية الأخرى ينبغي أن يدفع الدول لكي تضمن قدرة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على العمل بنزاهة وأن تكون جميع الموارد الضرورية تحت تصرفها.

إن من الأهمية بمكان أن تقدَّمَ قاعدةُ البيانات في النقاش العام والأوساط الدبلوماسية على أنها الآلية الوحيدة التي استطاعت الأمم المتحدة والدول الأعضاء الخروج بها بما يتماشى والقانون الدولي، وهي آلية لضبط الامتثال والشفافية. غير أنها ظلَّت لغاية الآن تُقدَّم خطأً على أنها “قائمة سوداء”. وحدها المقاربة التي تعي مساهمة هذا التفسير في حكم القانون الدولي يمكن أن توفر الأسس للمفوضية لتنفد الانتقادات الموجهة لهذه المبادرة، وتمكنها من حشد دعم الدول لهذا المشروع في مواجهة الضغوط المبذولة لعرقلته.

الأضرار المتعذِّر تخفيفها

تتطلب مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان من مؤسسات التجارية أن تقيِّم ما إذا كان لعملياتها آثارٌ مضرة بحقوق الإنسان، وأن تخففَ الأضرار بأساليب من قبيل العمل مع المجتمعات المحلية وإحداث تغييرات في خطوط الإنتاج أو الإمداد. وتطالب المؤسسات التجارية أيضًا بالامتناع عن العمل في البيئات التجارية التي يتعذر فيها التخفيف من تلك الأضرار. يؤكد قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 31/36 أن المؤسسة التجارية العاملة في المستوطنات الإسرائيلية لا تستطيع أن تخففَ الأثرَ السلبي الذي تخلِّفه أنشطتها على شدة انتهاكات حقوق الإنسان ووتيرتها.

السبب في ذلك هو أن التعاملات مع الكيانات القائمة أو العاملة في المستوطنات الإسرائيلية تساهم في الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان الناجمة عن الاستيلاء غير القانوني على حقوق ملكية الأرض والموارد الطبيعية الأخرى وعن تخصيصها والانتفاع بها بوجه غير مشروع. وبالتالي فإن المؤسسة التجارية القائمة أو العاملة في المستوطنات تساهم في التدفقات المالية غير المشروعة الناتجة عن التمتع غير المشروع بحقوق الملكية هذه. ولكي تضمن المؤسسات التجارية امتثالها للمعايير الدولية، يجب عليها أن تُنهي أنشطتها التجارية التي تمتد إلى المستوطنات. وإذا امتنعت المؤسسة التجارية عن ذلك، وجَبَ على السلطة المعنية في دولتها أن تضطلع بعبء تنظيم الأنشطة التجارية لتلك المؤسسة، وأن تحمي الرعايا المحليين.

تساهم المؤسسات التجارية القائمة أو العاملة في المستوطنات في التدفقات المالية غير المشروعة Share on X

إن المفوضية، في سياق إنشاء قاعدة بيانات، مكلفةٌ بتقديم توجيهات توضيحية حول السُبل التي قد تساهم بها الشركات والأفراد كمشترين ومستثمرين ومستهلكين في انتهاكات القانون الدولي في ظل الاحتلال وحول السُبل التي قد يتربحون بها من تلك الانتهاكات. وفي حين أن العديد من تلك الحالات قد لا ترقى إلى حد المسؤولية المدنية والجنائية لجريمة التواطؤ، إلا أن المؤسسة التجارية المعنية قد تكون معرضة لمخاطر قانونية بموجب أحكام القانون المحلي المعمول به في موطنها. وقد تعود أيضًا بالضرر على النظام القانوني النافذ في دولة المؤسسة التجارية المعنية التي لا تضع لوائح لتنظيم أنشطة المؤسسات. وبعبارة أخرى، قد تواجه الشركة التي تخرج أنشطتها عن الإطار الدولي عواقب بموجب القانون المحلي النافذ في دولتها.

توفر قاعدةُ البيانات فرصةً لضبط تطبيق مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان في بيئات الأعمال التجارية في سياقات الاحتلال بطريقة تنمي وعي المؤسسات التجارية ودولِها بمسؤولياتها والمخاطر التي تواجهها حين تنخرط في أنشطة تجارية معينة في المستوطنات المقامة على أرض محتلة. وسوف تستفيد الدول الملتزمة بتطبيق المبادئ التوجيهية في قانونها المحلي وسياساتها، حيث ستضمن أن سلطاتها التنظيمية المحلية مستعدة وجاهزة لوضع اللوائح التنظيمية الكافية لتنظيم الأنشطة في المستوطنات وأنواع معينة من المعاملات المتعلقة بها.

إن التوجيهات التي ينبغي أن تتطلع إلى توفيرها قاعدة البيانات سوف تُحدِثُ تأثيرًا رادعًا. وسوف تساعد الدولَ الثالثة في حماية نُظمها القضائية ورعاياها من الانخراط غير المقصود في انتهاكات القانون الدولي. وهكذا فإن دول المؤسسات التجارية ليست ملزمة بالقانون الدولي وحسب، بل لها مصلحة ذاتية أيضًا في توفير التوجيهات والحوافز التنظيمية الضرورية في القانون المحلي التي من شأنها أن تمكِّن رعاياها من الشركات من إصدار أحكام موضوعية. ومن المرجح أن تشجع التوصيفات القانونية أيضًا المؤسسات التجارية الأكبر على تحري شركائها التجاريين المحتملين تحسبًا لأي مساهمة منهم في انتهاكات حقوق الإنسان في الأرض المحتلة.

قاعدة البيانات ليست “قائمةً سوداء”

إن مهمة إنشاء قاعدةِ البيانات لَمبادرةٌ من المبادرات المتوقعة من مفوضية حقوق الإنسان من أجل توجيه وتعزيز احترام الدول والمؤسسات التجارية للقانون الدولي في البيئات المتطلبة. وبموجب قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 31/36، عَهِدت الدولُ إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتحري نوع الأنشطة التجارية التي “ساعدت بشكل مباشر وغير مباشر على بناء المستوطنات ونموها ويسرته واستفادت منه.”

وبالرغم من أهمية هذه المبادرة، فإن مؤيدي قاعدة البيانات ومعارضيها على حدٍ سواء يسمونها “قائمة سوداء” – وهو تحريفٌ دلالي يهدف إلى تصوير هذه الآلية الإقناعية المختصة بالتوثيق والإبلاغ والعمل مع الأطراف المهتمة كأداةٍ قسرية تفضح المخالفين حتى يمتثلوا. وهذا التصور لوظيفة قاعدة البيانات وغايتها عارٍ عن الصحة ويهدف إلى تضليل الدول والمؤسسات التجارية بشأن غايتها الصحيحة التي تتفق وولاية مفوضية حقوق الإنسان. إن قاعدة البيانات غير مكلفة بالبت في مسؤولية الأطراف المعنية، وغير مهيئة مؤسسيًا للعمل مع أنشطة إنفاذ القانون.

إن النظرة لقاعدة البيانات كأداة عقابية قد أدت بالفعل إلى تنفير فئات رئيسية مستهدفة. وينبغي لقاعدة البيانات أن تتبنى نهجًا تعاونيًا وغيرَ عدائي إزاء مراقبة الامتثال وذلك من أجل توفير خدمة حقيقية للدول والمؤسسات التجارية باعتبارها صاحبة المسؤولية. يعتمد هذا النهج على شرعية الآلية، ولا سيما مصداقية عملية صنع القرار فيها إزاء الكيانات أو الأفراد المشمولين في قاعدة البيانات. وهذا يعتمد على قدرتها على وضع منهجية قوية واتباعها، ووضع إطار معياري لتوعية الدول ومجتمعات الأعمال فيها بمسؤولياتها بموجب القانون الدولي.

إطار معياري مُحكَم

يجب على المفوضية أن تُثبتَ التزامها بجعل قاعدةِ البيانات آليةَ مراقبةٍ شفافةً واستباقية تهدف إلى تعزيز الامتثال للقانون الدولي. وفي سبيل ذلك، ينبغي أن تضطلع المفوضية بعرض تفصيلي للإطار المعياري والمعايير والمنهجية التي ستتبعها في اتخاذ قرارات بشأن أنواع العلاقات التجارية التي ستهدف إلى إدراجها ضمن قاعدة البيانات. ويجب على المفوضية أن تجيب على الأسئلة التالية بوضوح وشفافية: لماذا تُعدّ المستوطنات بيئةَ أعمال يؤثرُ كلُّ ما يجري فيها من علاقات تجارية تأثيرًا سلبيًا في حقوق الإنسان؟ ما هي المؤسسات التجارية وأنواع المعاملات التي تساهم بصورة غير مشروعة في المستوطنات وتستفيد منها؟

وينبغي للمفوضية أن تُعلن عن قواعدها الإجرائية بما فيها سُبل المؤسسات التجارية في مخاطبة الآلية، واستئناف قراراتها، وتقديم معلومات محدثة حول أنشطتها. وهذه العناصر تؤدي غرضًا مزدوجًا يتمثل في مراعاة الأصول والإجراءات في حالات محددة، وتيسير نشر المعرفة وإحداث ردع استباقي في الأوساط المختلفة.

يجب على المفوضية أن تُثبتَ التزامها بجعل قاعدةِ بيانات الأمم المتحدة آليةَ مراقبةٍ شفافةً Share on X

لا يقدم التقرير المرحلي الأول الذي أصدرته المفوضية في كانون الثاني/يناير 2018 بشأن إنشاء قاعدة البيانات توجيهات واضحة وافية بشأن هذه القضايا. يشير التقرير إلى أن الأنشطة التجارية في المستوطنات تساهم في استفحال انتهاكات حقوق الإنسان التي تتسبب بها من خلال وجودها واستمرارها، ولكنه لا يشرح الأساس لمعيار المسؤولية الصارم الذي يحظر الأنشطة من هذا القبيل كافة، ولا يبين ماهية التعاملات التجارية المندرجة تحت هذا المعيار والتي لا تعد “بعيدة وضئيلة”.

وهكذا فإن وجود نهج مُحكَم للإجابة على هذه الأسئلة المعيارية ضروري لشرعية قرار الأمم المتحدة بإدراج مؤسسة تجارية ما في قاعدة البيانات، ولإقناع المؤسسات التجارية ودولها بأهمية هذه المبادرة التنظيمية.

التعلم من المبادرات السابقة

أخذت 18 مؤسسة استشارية حكومية أوروبية منذ 2013 تحذر المؤسسات التجارية من المخاطر الاقتصادية والمالية والقانونية المترتبة على مزاولة الأعمال التجارية في المستوطنات الإسرائيلية في الأرض المحتلة. وتزامنت هذه النصيحة التحذيرية مع موجة قرارت اتخذتها مؤسسات في بلدان مثل النرويج والدنمارك وهولندا بإنهاء عقودها مع المستوطنات والامتناع عن القيام بأنشطة فيها أو متصلة بها. إن من شأن قاعدة البيانات أن توفر توجيهات رسمية بشأن الأساس الذي تقوم عليه هذه القرارات في القانون الدولي وتعزيز ضرورة تسريع الممارسات من هذا القبيل.

إن المنطق التنظيمي الذي تقوم عليه قاعدة البيانات ليس غريبًا على المنظمات الدولية. ففي حين أن قاعدة البيانات هي الأولى من نوعها التي تضعها مفوضية حقوق الإنسان، إلا أنها ليست المبادرة الأممية الأولى التي توضع للمراقبة وإطلاع الرأي العام على الشركات التي تنتهك حقوق الإنسان. فمن المبادرات السابقة مركزُ الأمم المتحدة للشركات العابرة للحدود الوطنية المعني بالرصد والإبلاغ عن الشركات العاملة في جنوب أفريقيا إبان الفصل العنصري، وكذلك لجنة الأمم المتحدة المعنية بمسألة نهب الموارد في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

تُظهر تلك السوابق أيضًا السقطات المحتملة لتلك المبادرات، حيث افتقرت قائمة جنوب أفريقيا إلى الدعم من الدول الأعضاء لأسباب عدة منها أن القائمة كانت جزءًا من مداولات بشأن فرض العقوبات – وقد صاحبتها مخاوف إزاء آثارها على السكان الأبرياء، بمن فيهم أولئك الساعون إلى التحرر من الفصل العنصري. أما بالنسبة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، فقد أخفقت قائمتها في كسب تعاون الشركات، وهذا يبرز أهمية توضيح الأساس الذي تقوم عليه الالتزامات القانونية وأهمية صياغة الروايات القانونية السليمة بشأن غاية تلك المبادرات ووظيفتها.

ثمة فرصة لتعميم معايير قاعدة بيانات الأمم المتحدة لتطال حالات أخرى من الاحتلال المستمر Share on X

تتمثل إحدى السمات الرئيسية لرواية قاعدة البيانات في احتمال تعميم المعايير الموضوعة والمطبقة في قاعدة البيانات لتطال حالات أخرى من الاحتلال المستمر الهادف للاستيلاء على الأرض أو التصرف بها قسرًا. ومن تلك الحالات الصحراء الغربية، وناغورنو – كاراباخ، وشمال قبرص، وترانسنيستريا، وأوسيتيا الجنوبية، وأبخازيا، ومؤخرا، شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا. إن التوجيهات المطلوبة بشدة بخصوص صفة الضرر المتعذر تخفيفه الذي قد يتسبب به نشاط مؤسسة تجارية ما يمكن أيضًا تطبيقها على بيئات الأعمال التجارية الأخرى التي تشوبها انتهاكات هيكلية للقانون الدولي في حالات أخرى غير حالات الاحتلال مثل الانتهاكات المنهجية للحقوق العمالية، والمصادرة غير القانونية للأراضي، والاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية.

ومن المساهمات الأخرى لهذه الآلية الحمايةُ التي توفرها للنظم القضائية المحلية. فالقوانين المحلية التي تنظم الشركات ضمن اختصاصها المحلي مسؤولة عن عناصر محددة في تعاملاتها، حيث تُمكِّن الدول التي تؤوي تلك الشركات من فرض تبعات على حقوق وصكوك واستحقاقات معينة تكتسبها الشركة من خلال أنشطتها خارج الدولة. ومع أن هذه التدابير التنظيمية المحلية قد لا تمنح الضحايا الحاليين سبيلًا للحصول على تعويضات، إلا أنها قد تدعم الحاجة إلى تأمين التعويض للضحايا المستقبليين من خلال الطعن، ضمن ولاية دولة ثالثة، في مشاركة الشركات في هياكل تُمكِّن وقوع هذه الانتهاكات وترضى بها.

دعم قاعدة البيانات

من أجل زيادة أهمية عمل المفوضية المتعلق بهذه الآلية، ومن أجل كسب دعم الدول الثالث، ينبغي أن يعمل الفلسطينيون بجد مع الأمم المتحدة والدول الأخرى والمجتمع المدني لدعم هذه العملية. ومن الأمور الأساسية المطلوبة في هذا الصدد نشرُ معلومات دقيقة حول الغرض المتوخى من قاعدة البيانات وحول وظيفتها ومساهمتها المرجوة في إنفاذ القانون الدولي. إن دعم هذه المبادرة سوف يوفر توجيهات لمجتمعات الأعمال التجارية والمستثمرين بشأن الأنشطة التي قد تتعلق بعدد من حالات الاحتلال المستمر بهدف الضم أو الانفصال القسري.

يُعدُّ الدعم من الدول الثالثة ومنظومة الأمم المتحدة أمرًا أساسيًا لضمان استمرارية العملية ونزاهة الآلية. لقد أشارت الحكومات الأوروبية، القلقة إزاء السياسة التي تكتنف قاعدة البيانات، إلى أن دعمها مرهونٌ بقدرة المفوضية على مواءمة عملية صنع القرار فيها مع المعايير الدولية القائمة. وتشير بعض الدول صراحةً إلى أن هذا الحذرَ نابعٌ من عدم وضوح الولاية المنوطة بهذه الآلية وعجز الأمم المتحدة لغاية الآن عن إثبات العلاقة بين الانتهاكات الدولية والوضع غير القانوني الذي تساهم فيه مؤسسات الاعمال المعنية وبين القائمة النموذجية للأنشطة التجارية الواردة في تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق والمعنية بالمستوطنات في العام 2013، والذي استند إليه قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 31/36 وتقرير الأمم المتحدة المرحلي الأول الخاص بإنشاء قاعدة البيانات.

ينبغي لمفوضية حقوق الإنسان أن تضع إطارًا معياريًا مُحكَمًا وتعلنه على الملأ، بحيث يكون متاحًا ومفهومًا لأصحاب المصلحة من الخبراء وغير الخبراء. وهذا الإطار ضروري لوضع المنهجية والحدود التي ستستخدمها للبت في إدراج شركة ما في قاعدة البيانات. وبما أن مميزات الآلية هذه أساسية لضمان عملها بالشكل السليم، فإن وضعها ونشرها ينبغي أن يتزامن ونشر أسماء الشركات. إن رضوخ الأمم المتحدة للضغوط السياسية ولإحجام الدول عن دعم هذه المبادرة يعني المخاطرة بتسجيل سابقة مرفوضة تُعد خزيًا على التزام الدول الثالثة بتنفيذ مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان.

فالنتينا أزاروفا أكاديمية قانونية دولية، وممارِسة حقوقية تعمل على تقاطع السلطة والقانون والعنف، ولها من الخبرة 15 عامًا في تقديم المشورة للحركات الاجتماعية والتحررية والمنظمات...

أحدث المنشورات

 السياسة
يحلل رئيس مجلس أمناء الشبكة طارق بقعوني تداعيات الإبادة الجماعية المستمرة في غزة منذ ما يزيد على 12 شهرًا، ويناقش آثارها على حركة التحرير الفلسطينية والمنطقة والعالم بأثره. ويطرح نقدًا للنظام الدولي القائم ويشتبك مع قواعده وأسسه، مركزًا على النفوذ المتنامي للأغلبية العالمية.
Al-Shabaka Tareq Baconi
طارق بقعوني· 17 ديسمبر 2024
دأبت إسرائيل على الإحجام عن تحويل إيرادات المقاصة الفلسطينية لمعاقبة السلطة الفلسطينية أو التلاعب بها. ومنذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، أمعنَ النظام الإسرائيلي في سرقة الأموال الفلسطينية، دافعًا السلطة الفلسطينية إلى شفير الانهيار المالي. يرى الكاتب في هذه المذكرة السياساتية أنّ استخدام إسرائيل إيرادات المقاصة كسلاح ليس استمرارًا لتدابير سابقة وحسب، بل يعكس أجندةً جديدة أكثر تطرفًا يقودها اليمين المتطرف.
عصمت قزمار· 01 ديسمبر 2024
 السياسة
في مختبر السياسات القادم ينضم إلينا من غزة د. طلال أبوركبة ود. محمد الحافي مع الميسر د. علاء الترتير لمناقشة غزة ومستقبلها من منظور فلسطيني.
Skip to content