Article - Palestinian Representation: Elections vs. Consensus-Building

هذا التعقيب مقتطف من تقرير بعنوان”استعادة منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة إشراك الشباب“، تم نشره في آب/أغسطس 2020. يُرجى مراجعة مقدمة التقرير للمزيد من المعلومات حول محتوى التقرير والمساهمين فيه.

يحاول الفلسطينيون منذ سنوات إحياءَ ممثلهم الوطني، منظمة التحرير الفلسطينية. وكجزء من تلك المساعي، يطالب الكثيرون بانتخابات مباشرة لاختيار أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، الجهاز التشريعي في المنظمة. غير أن منظمة التحرير ليست دولة، ولا يمتلك الشعب الفلسطيني وضعًا مدنيًا واحدًا بل أوضاعًا متعددة تبعًا لمواقع تواجده الجغرافي. لذا، فإن أي نقاش حول الانتخابات يجب أن يأخذ في حسبانه هذه التحديات. تهدف هذه الورقة إلى توسيع دائرة النقاش حول قضية التمثيل بطرح مسألتين رئيسيتين هما، شكل التمثيل والتحديات التي تفرضها بنية منظمة التحرير نفسها. وتختتم ببعض الاقتراحات من أجل المستقبل.

التمثيل من خلال الانخراط 

ثمة فرقٌ بين التمثيل السياسي وبين الانخراط السياسي، وهو فرقٌ مهم، ولا بد لأي نقاش حول تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية أن يُعرِّفه ضمن مصطلحاته السياسية. ينص النظام الأساسي لمنظمة التحرير في المادة (4) من الفصل الأول على أن انخراط الفلسطينيين في مؤسساتها واجبٌ طبيعي:1

الفلسطينيون جميعاً أعضاء طبيعيون في منظمة التحرير الفلسطينية، يؤدون واجبهم في تحرير وطنهم قدر طاقاتهم وكفاءاتهم، والشعب الفلسطيني هو القاعدة الكبرى لهذه المنظمة.

تبنت منظمة التحرير الفلسطينية المقاومةَ الفدائية، وأصرت أن يكون صنع القرار الفلسطيني مستقلًا عن الأنظمة العربية، وبذلك حظيت بالشرعية لتعبئة الفلسطينيين وإشراكهم، ولا سيما في مخيمات اللاجئين الذين كان يُنظَر إليهم حتى ذلك الحين كضحية يؤسَفُ لها. وفي هذا الصدد، يقول فتحي أبو العردات، أمين سر حركة “فتح” وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، “للمرة الأولى بعد النكبة وهزيمة 1967، أوجدت منظمة التحرير الفلسطينية عند تأسيسها جهةً مرجعية ليلتف شعبنا حولها ويُجمِّع طاقاته فيها”.

وهكذا، وبعد سيطرة المنظمات الفدائية على منظمة التحرير في 1968-1969، انخرط عامة الفلسطينيين بشدة في مؤسسات المنظمة على المستويين السياسي والمجتمعي. وأُعيد تشكيل عضوية المجلس الوطني الفلسطيني سامحا باستيعاب الفصائل والمنظمات المختلفة وحتى الأفراد الذين كان من بينهم ممثلون لمخيمات اللاجئين والنقابات المهنية. وبالتالي، تحقق التمثيل الحقيقي من خلال الانخراط السياسي وبث مشاعر الانتماء، حيث منحَ الالتفاف الجماهيري والانخراط الجماعي الشرعيةَ للمنظمة. وهذا الشكل من التمثيل السياسي نجده أيضًا عند حركات تحرر وطنية أخرى.2

بعد عشر سنوات على تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، اعترف بها مؤتمر القمة العربية المنعقد في الرباط سنة 1974 باعتبارها “الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني،” والنائب عن الفلسطينيين أينما وجدوا.3 وبتاريخ 22 تشرين الثاني/نوفمبر من العام ذاته، مُنحت منظمة التحرير صفةَ مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأضحت ممثلَ الشعب الفلسطيني باسم فلسطين. ومثلت المنظمةُ فلسطين أيضًا في حركة بلدان عدم الانحياز، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وفي العديد من المنابر والمحافل الأخرى، وافتتحت سفارات ومكاتب تمثيلية حول العالم

ومن المهم...أن نحدد دورَ منظمة التحرير تجاه السلطة الفلسطينية وإحياء مكانتها التمثيلية من خلال تفاعل الفلسطينيين وانخراطهم Share on X

يقوم هذا النوع من التمثيل السياسي على الاعتراف الإقليمي والدولي، مستندا على التمثيل الشعبي الذي حققته منظمة التحرير الفلسطينية سابقًا، والذي احتفى به الفلسطينيون، ولا سيما لأنه عزَّز استقلالية القرار السياسي الفلسطيني والذي خول المنظمةَ من التفاوض على الاتفاقات السياسية وإبرامها باسم الشعب الفلسطيني، كما حصل لاحقًا في اتفاقات أوسلو في تسعينات القرن الماضي.

إن شرعيةُ التمثيل، بالنسبة إلى حركة تحررية مثل منظمة التحرير الفلسطينية، كانت ضرورية لإنشاء الحركة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها، بالتزامن مع إعادة بناء الهوية الفلسطينية وإشراك الشعب الفلسطيني في مشروعٍ وطني سياسي واحد. ولا بد من التأكيد أن هذا التمثيل تحققَّ من خلال الانخراط ونيل الاعتراف وليس من خلال الانتخابات (انظر أيضًا ما كتبه معين رباني في هذه الحلقة النقاشية). ولم يشكك أحدٌ في الصفة التمثيلية لمنظمة التحرير حتى بدأت، كما رأى البعض، بالتخلي عن مطالب الشعب الفلسطيني الوطنية.

انقطاع منظمة التحرير الفلسطينية عن الشعب الفلسطيني

ظلت منظمة التحرير الفلسطينية تسعى حتى العام 1988 إلى تمثيل الفلسطينيين كافة، وإلى تعبئتهم للمشاركة في تحرير فلسطين، ولكن التخلي التدريجي عن ذلك الهدف بدأ في 1974 عندما تبنت المنظمة برنامج النقاط العشر الذي ينص على استعدادها في إقامة سلطةٍ وطنية “على أي جزء من الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها” إلى أن يتحقق الهدف النهائي المتمثل في تحرير الأرض الفلسطينية كاملةً. غير أن اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في 1988 كان بمثابة القبول الرسمي بحل الدولتين، الذي يختزل فلسطين والفلسطينيين جغرافيًا وديمغرافيًا، كحل نهائي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

لقد شكَّل تأسيسُ السلطة الوطنية الفلسطينية ضمن المناطق المحدودة المتفق عليها مع إسرائيل بموجب اتفاقات أوسلو مرحلةً بارزة في تحول منظمة التحرير الفلسطينية وجلبت معها تحديات جديدة. فبينما ظلت المنظمةُ الممثلَ الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني رسميًا، إلا أن الشكوك حول مدى تمثيلها السياسي كانت تتنامى خصوصا في ظل انتقال ثقل النشاط السياسي إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في 1967. وبعد أن كان من المفترض أصلًا بالسلطة الفلسطينية أن تعمل ككيانٍ إداري لخمس سنوات فقط، أضحت واقعًا سياسيًا دائمًا يعتمد على الناخبين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وهكذا، وبالإضافة إلى إقصاء الفلسطينيين في إسرائيل، جرى تهميش فلسطينيي الشتات في المنظومة السياسية الجديدة وتهميش مشاركتهم وانخراطهم في مؤسسات منظمة التحرير. أضف إلى تفريغ المنظمة من صلاحياتها وانتقال صنع القرار إلى السلطة الفلسطينية ومؤسساتها بالرغم من أن رئيس المنظمة ورئيس السلطة كانا شخصًا واحدًا (ياسر عرفات حتى وفاته في 2004، ثم خَلَفه محمود عباس).  بعد أوسلو، فقدت منظمة التحرير هدفها الأساسي المتمثل في التحرير، ومعها شريحة عريضة من الشعب الفلسطيني، اللاجئون. وهيمنت السلطة الفلسطينية على المشهد السياسي الفلسطيني، ودشنت مرحلةً جديدةً من بناء الدولة والحوكمة والمواطنة، دون ان يكون معظم الشعب الفلسطيني جزءًا منها.

وهكذا فإن مسألة التمثيل تتجاوز اختزالها بعدد المقاعد وتقاسم السلطة، وتعنى بالحسم حول أي شريحةٍ من الشعب الفلسطيني تسعى المنظمة والسلطة لتمثيلها، وأي مشروعٍ سياسي تسعى المنظمة إلى تحقيقه، وهو الأهم. من الممكن، بحسب التعريف التقليدي للتمثيل السياسي، أن تُعزِّز الإصلاحات الهيكلية المكانةَ التمثيلية لمنظمة التحرير،4 إلا أن السؤال يظل قائمًا حول ما إذا كانت المؤسسات التي سيُعاد هيكلتها ستمثل حقًا مطالب الفلسطينيين بالحرية وتقرير المصير.

إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية: العودة إلى الماضي أم المضي نحو المستقبل؟ 

يرتكز المبنى الحالي لمنظمة التحرير الفلسطينية على ميثاقها المعدَّل وعلى نظامها الأساسي الصادر في 1968 بعد سيطرة فصائل المقاومة الفلسطينية على المنظمة. وكان التعديل الرئيسي الذي أدخلته تلك القيادة الجديدة يقتضي تحويل المجلس الوطني الفلسطيني من نظام الانتخاب التمثيلي المبني على حُكم الأغلبية، إلى نظام الحصص واتخاذ القرارات بالإجماع،  وقد اعتُمد أسلوب الإجماع تعزيزًا للوحدة السياسية ودرئًا للخصومة والصدامات، ولضمان ألا تتمكن المجموعات المرتبطة بالأنظمة العربية من تقويض العملية السياسية. فضلًا على أن عقد انتخابات ديمقراطية كان أمرًا صعبًا للغاية نظرًا لتشتت الفلسطينيين وعيشهم في كنف دول مختلفة.

كان اتباع الإجماع في اتخاذ القرارات مناسبًا لطبيعة منظمة التحرير الفلسطينية كمظلة للمجموعات الثورية العديدة المنضوية تحتها، ومناسبًا أيضًا لسياق سريع التغير والتقلب لأنه قدَّم السعي لتحقيق الأهداف على الاختلافات الأيديولوجية. علاوةً على أن تحقيق الإجماع اعتمد على التفاوض والاتفاق بين الأحزاب كافة، وأتاح بذلك الفرصةَ لتمكين الأحزاب والمجموعات الصغيرة مثل النساء والاتحادات. غير أن الفِكر النَظري لا يعكس الواقعَ بالضرورة، ولا سيما حين يتعلق بالسلوك السياسي للمجتمعات الجمعية مثل المجتمع الفلسطيني.

إن فهم السياسة في المجتمع الفلسطيني يقتضي فهمَ البُنية الاجتماعية العربية. وفي هذا الصدد، يُؤكد أستاذ علم الاجتماع، حليم بركات، أن المجتمع العربي مرآةٌ للأسرة، حيث صارت الأحزاب والفصائل الفلسطينية بمثابة الأسرة الجديدة لأعضائها الذين نقلوا هرمية السنّ والطاعة من الأب في الإطار الأسري إلى القائد في الإطار الحزبي.5 وهكذا، وبالرغم من تطور الحركة الوطنية الفلسطينية والتحول عن نموذج الأسرة السياسية الذي ساد قبل العام 1948، حين هيمنت عائلتا الحسيني والنشاشيبي على المشهد، إلا أن السلوك السياسي لم ينضج كثيرًا. وهذا أثَّر في الطابع التمثيلي لمنظمة التحرير، ويُعلِّل قلةَ الوجوه والأسماء الجديدة في المناصب القيادية.

إذا اختارت (منظمة التحرير) أن تتصدر لجهود إقامة الدولة، فينبغي أن تعكس آلية الانتخابات التنوعَ الداخلي الذي يخلق ثقافة الحوار والاختلاف والتنافس السياسي Share on X

ولهذا أتاح نظامُ الحصص وأسلوب التعيين، في الواقع العملي، هيمنةَ الأحزاب السياسية القوية في منظمة التحرير، ولا سيما حركة فتح. واستدام أيضًا الهرميات الاجتماعية من خلال تعيين الأشخاص “المناسبين” وفقًا للمعايير السائدة في المجتمع الفلسطيني، وأفضى إلى تهميش النساء والشباب والفصائل الجديدة والمعارضين لقرارات منظمة التحرير السياسية. وهكذا، فإن للنموذج السياسي القائمِ على الإجماع جانبًا سلبيًا يتجلى في خطر هيمنة حزب واحد على سائر الأحزاب الأخرى، حتى إن الكثيرين ينظرون إلى منظمة التحرير وحركة فتح كوجهين لعملة واحدة.

ساهم عدم التغيير في بنية منظمة التحرير الفلسطينية وجمودها في تركز السلطة في يد الحفنة ذاتها من المجموعات والأفراد، وخصوصا في ظل انعدام عقد للانتخابات أو مبادرات لتوسيع قاعدة الإجماع لاستيعاب حركات أخرى، كحماس التي تمثل عددًا كبيرًا من الفلسطينيين ولكنها تعارض سياسات المنظمة، رغم موقفها الذي أخذ يلين على ما يبدو (أنظر ورقة بلال الشوبكي في استعادة منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة إشراك الشباب). هذا بدوره أدى إلى عدم ضخ دماء جديدة لإنعاش المجلس الوطني الفلسطيني أو مؤسسات المنظمة الأخرى مثل اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي. ولم تُعقد انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة ولا انتخابات رئاسية منذ الانقسام بين حركتي فتح وحماس في 2007 (لم تتعطل الانتخابات المحلية واستمرت في الانعقاد).

تعود هذه الحال بالضرر على فاعليةَ النظام السياسي، وتنال من شرعية منظمة التحرير الفلسطينية نفسها. لذا، فإن إصلاح المنظمة متطلبٌ أساسي إذا أرادت أن تكون أكثر تمثيلًا وأن تستعيد شرعيتها عند الشعب الفلسطيني. ومن الجدير بالذكر أنه بالإضافة إلى تعطل الانتخابات التشريعية أو توسيع عضوية المجلس الوطني الفلسطيني ليشمل مجموعات بارزة جديدة، ثمة ازدواجية وتركّز بنيوي للسلطة في مؤسسات منظمة التحرير، حيث تتقاسم اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي وظائف مشتركة، وتتركز السلطة في هذين الجهازين، ولا سيما اللجنة التنفيذية، على حساب المجلس الوطني الفلسطيني. وينبغي النظر في إعادة توزيع السلطة ضمن أي جهود لإصلاح المنظمة، مع مراعاة تفكيك اللجنة التنفيذية والإبقاء على المجلسين الوطني والمركزي.

تقترح العديد من المبادرات الرامية لإصلاح منظمة التحرير أَطرًا عمليةً لعقد الانتخابات وتوزيع السلطة. غير أن معظم تلك المبادرات تفتقر إلى نقاش متعمق حول طابع المنظمة ودورها ووظائفها، والأهم من ذلك كله، برنامجها السياسي. فلا بد من تحديد ماهية منظمة التحرير – حركة تحرير أم منظمة مكرسة لبناء الدولة أم مزيج من هذا وذاك – وإلا فإنها ستغدو كيانًا فارغًا ذا مؤسسات وهمية. ومن المهم أيضًا أن نحدد دورَ منظمة التحرير تجاه السلطة الفلسطينية وإحياء مكانتها التمثيلية من خلال تفاعل الفلسطينيين وانخراطهم. ولن تُثمر الإصلاحات الهيكلية والانتخابات دون اتخاذ هذه الخطوات الأساسية.

تستأثر منظمة التحرير الفلسطينية بمنزلةٍ أساسية في الذاكرة الجمعية الفلسطينية، إضافةً إلى كونها منظمةً جامعةً تضم تحت مظلتها لفيفًا من الأحزاب السياسية الفلسطينية والمنظمات الشعبية والأعضاء المستقلين. فلطالما كانت منظمة التحرير الوطنَ القومي للشعب الفلسطيني الذي يستوعب آمالهم وأحلامهم وتطلعاتهم، وهي لم تنشأ كمنظمة سياسيةٍ في بادئ الأمر وإنما كحركة تحرر ذات طابع هرمي وعسكري. وعندما انتقلت إلى تأسيس دولة فلسطينية، وجدت نفسها عالقةً في العملية الانتقالية من التحرير الوطني إلى بناء الدولة، وفقدت الفاعلية في مؤسساتها ووظائفها.

إن حلَّ شرعية التمثيل السياسي الفلسطيني لا يكمن في إلغاء منظمة التحرير الفلسطينية أو تفكيك السلطة الفلسطينية، ولا يكمن في عقد انتخابات جديدة أو إدخال إصلاحات تنظيمية تستند على حُكم الأغلبية أو الإجماع، بل يكمن في تحديد طابع المنظمة وهويتها، أهي حركة تحرر أم منظمة مكرسة لبناء الدولة؟ هذا هو السؤال المُلح الذي لا بد من الإجابة عليه.

إذا أجابت منظمة التحرير عن هذا السؤال، وكانت مستعدةً لمواجهة التحدي المتمثل في إعادة هيكلتها، سيكون النموذج الفيدرالي حينها أحد الخيارات المطروحة لقدرته الكامنة على تعزيز التمثيل المحلي وتفعيل المجتمعات المحلية الفلسطينية على اختلاف مواقعها السياسية والجغرافية. فضلًا على أنه يُنشئ شبكةً قيادية شعبية.

الانتخابات آلية عملية تعكس إرادةَ الشعب وانخراطَه في نظامٍ سياسي معين. وإذا اختارت منظمةُ التحرير إعادةَ هيكلتها كحركة تحرر، فينبغي لآلية التمثيل المُختار أن تركز على الوحدة الداخلية وبناء الإجماع الفلسطيني من أجل تقليل الصدامات الداخلية. وأمّا إذا اختارت أن تتصدر لجهود إقامة الدولة، فينبغي أن تعكس آلية الانتخابات التنوعَ الداخلي الذي يخلق ثقافة الحوار والاختلاف والتنافس السياسي.

لا توجد صيغةٌ سحرية لإجراء الانتخابات أو تحقيق التمثيل، وإنما لا بد من تحديد الغرض من منظمة التحرير الفلسطينية، وآلية الانتخابات ومبنى المنظمة وقدرتها على التمثيل. والأهم من ذلك كله هو استعادةُ ثقةِ الشعب الفلسطيني في مؤسساته وفي نفسه كفاعلٍ سياسي، وهو أمرٌ أساسي للمشاركة المدنية والانخراط بقدر ما هو أساسي لتعزيز الشعور بالانتماء.

  1. صدَرَ النظام الأساسي سنة 1964، ثم خضع للتعديل في 1968، ومرةً أخرى في 1996 ليتوافق مع قبول منظمة التحرير الفلسطينية بعملية أوسلو للسلام.
  2. تندرج الحركة الوطنية الفلسطينية تحت مظلة حركات التحرر الوطنية التي تشترك في مبادئ أساسية عديدة مثل تقرير المصير، والسيادة الشعبية، والتعبئة الجماهيرية، والكفاح المسلح، والتحرير الاجتماعي والثقافي، ومبدأ التدويل.
  3. تجدر الإشارة إلى أن الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل لم يكونوا جزءًا من تكوين منظمة التحرير الفلسطينية. ومع أنهم لم يستطيعوا المجاهرة باعترافهم بمكانتها التمثيلية دون مواجهة عواقب وخيمة من المؤسسة الإسرائيلية، إلا أن قيادتهم السياسية اعتبرت منظمة التحرير الممثلَ الوطني للشعب الفلسطيني.
  4. تعريف التمثيل السياسي الذي وضعته هانا بيتكين وربطت فيه التمثيلَ بالديمقراطية والتفويض والمحاسبة من خلال الانتخابات هو التعريف السائد، ولكنه يعرض نموذجًا واحدًا للتمثيل السياسي ويستبعد النماذج الأخرى.
  5. يقترح هشام شرابي نظرية الأبوية الجديدة لفهم السلطة كمُركّبٍ نظري “يشغل الفراغ الواقع بين الأبوية التقليدية والحداثة”، ويقدم شرحًا نظريًا للسلطة في المجتمعات غير الغربية.
الدكتورة نجمة علي تعمل زميلة في المركز الوطني لدراسات السلام والصراع في جامعة أوتاغو، ومحاضِرة في برنامج الدراسات العليا في فض النزاعات بجامعة أوتاغو التقنية. تركز...

أحدث المنشورات

 السياسة
بعد عام من المعاناة تحت وطأة العنف والدمار المستمرين ، يقف الفلسطينيون عند لحظة مفصلية. تتناول يارا هواري، في هذا التعقيب، الخسائر الهائلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 والفرص المنبثقة عنها للعمل نحو مستقبل خالٍ من القمع الاستعماري الاستيطاني. وترى أنّ الوقت قد حان الآن لكي تتحول الحركة من رد الفعل إلى تحديد أولوياتها الخاصة. وكجزء من هذا التحول، تحدد يارا ثلاث خطوات ضرورية: تجاوز التعويل على القانون الدولي، وتعميق الروابط مع الجنوب العالمي، وتخصيص الموارد لاستكشاف الرؤى الثورية لمستقبل متحرر.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 22 أكتوبر 2024
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 40,000 فلسطيني في غزة، وجرحت 100,000 آخرين، وشرَّدت كامل سكان المنطقة المحتلة تقريبًا. وفي ذات الوقت شرَعَ النظام الإسرائيلي في أكبر اجتياح للضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية مما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن 600 فلسطيني واعتقال 10,900 آخرين. كما وسعت إسرائيل نطاق هجومها الإبادي الجماعي في لبنان، مما أسفر عن مقتل ما يزيد على ألف شخص ونزوح أكثر من مليون آخرين. يسلط هذا المحور السياساتي الضوء على مساعي الشبكة في الاستجابة لهذه التطورات على مدار العام الماضي، من وضع أحداث السابع من أكتوبر في سياق أوسع للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، إلى استجواب آلة الحرب الإسرائيلية متعددة الأوجه، إلى تقييم العلاقات الإقليمية المتغيرة بسرعة. هذه المجموعة من الأعمال تعكس جهد الشبكة المستمر في تقديم رؤية فورية للوضع الفلسطيني.
لا تنفك شركات الأسلحة البريطانية تتربّح من بيع الأسلحة لإسرائيل من خلال التراخيص الصادرة من الحكومة البريطانية، حيث بلغ إجمالي هذه الصادرات منذ العام 2008 ما يقدر بنحو 740 مليون دولار، وهي ما تزال مستمرة حتى في ظل الإبادة الجماعية الجارية في غزة. يشعر البعض بتفاؤل حذر إزاء احتمال فرض حظر على الأسلحة بعد فوز حزب العمال في انتخابات يوليو/تموز 2024، وبعدَ أن وعدَ بالانسجام مع القانون الدولي. في سبتمبر/أيلول 2024، علقت الحكومة البريطانية 30 ترخيصاً من أصل 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ويرى الناشطون وجماعات حقوق الإنسان أن مثل هذا القرار محدود للغاية. وبناء على ذلك، تُفصِّل هذه المذكرة السياساتية الالتزامات القانونية الدولية الواقعة على عاتق بريطانيا وكذلك المناورات الحكومية الممكنة فيما يتصل بمبيعات الأسلحة لإسرائيل.
شهد الحموري· 15 سبتمبر 2024
Skip to content