A Question of UN Credibility: Releasing the Settlements Database

دعت مئات المنظمات الفلسطينية والإقليمية والدولية المفوضَ السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الحالي والسابق، إلى الكشف عن قاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات المتعاملة مع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية. فعلى الرغم من أن قرار مجلس حقوق الإنسان الصادر في 2016 دعا إلى الكشف عن قاعدة البيانات أثناء دورة المجلس الرابعة والثلاثين المنعقدة في آذار/مارس 2017، إلا أن المفوض السامي آنذاك زيد رعد الحسين امتنع، بينما لا تزال المفوضة الحالية، ميشيل باشليه، تتهرب من هذه المسؤولية رغم تعهداتها المتكررة بالتنفيذ.1 سوف تمثِّل قاعدة البيانات، عند نشرها، أداةً مهمة في ردع الشركات المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان، والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، والجرائم المعترف بها دوليًا، وتُتيح في الوقت نفسه قدر أكبر من الشفافية إزاء الشركات التي تتربح من المؤسسة الاستيطانية الإسرائيلية غير القانونية وتساهم فيها.

أولَت الأمم المتحدة مؤخرًا الأولويةَ لحماية حقوق الإنسان والمعايير القانونية الدولية في سياق الأنشطة التجارية – ولكن ليس في حالة فلسطين. فعلى سبيل المثال، أصدرت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في ميانمار تقريرًا في آب/أغسطس 2019 يتضمَّن قائمةً بأسماء شركات، محلية وأجنبية، مرتبطة بالجيش الميانماري وانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة هناك. وقد صدر التقرير وفقًا للمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان وإطارها المعنون “الحماية والاحترام والانتصاف.” ومن شأن قاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات المتعاملة مع المستوطنات الإسرائيلية، التي سوف تُحدَّثُ سنويًا، أن تعززَّ تطبيق هذه المبادئ التوجيهية في سياق الاحتلال الإسرائيلي.

فلسطين: دائمًا مستثناة

إن الضغط السياسي الذي تمارسه الدول، ولا سيما إسرائيل والولايات المتحدة، واللوبيات هو السبب الأرجح وراء التأخر في الكشف عن قاعدة البيانات، حيث تقاوم بعض الدول والجهات الفاعلة هذه الخطوة. وعلى سبيل المثال، شدَّدت 27 دولة عضو في الأمم المتحدة في جلسة المجلس المنعقدة في تموز/يوليو 2019 على أن تقوم المفوضة السامية ومكتبها “بالعمل على تنفيذ ولاياتهم باستقلالية ودون تدخلات.” وفي الجلسة نفسها، طالبت 65 دولة عضو المفوضةَ السامية بتنفيذ ما تقتضيه ولايتها إزاء قاعدة البيانات بسرعة وعلى أكمل وجه.

وفي جلسة المجلس في شهر أيلول/سبتمبر 2019، طلبت دولة جنوب إفريقيا توضيحًا لعدم الكشف عن قاعدة البيانات، وختمت بقولها: “لا يجوز أن يستمر ذوو النفوذ والمال في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني باسم الربح.” وفي تشرين الأول/أكتوبر 2019، دعا المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 7196، مايكل لينك، المفوضةَ السامية إلى الكشف عن قاعدة البيانات “بشفافية تامة، وذكر أسماء الشركات جميعها.”

أولَت الأمم المتحدة مؤخرًا الأولويةَ لحماية حقوق الإنسان والمعايير القانونية الدولية في سياق الأنشطة التجارية – ولكن ليس في حالة فلسطين Share on X

وفي الوقت نفسه، دعا برلمانيون من بلجيكا وشيلي وهولندا والسويد والمملكة المتحدة ودول أخرى إلى الكشف عن قاعدة البيانات من خلال رسائل بعثوها إلى المفوضة السامية وإلى حكوماتهم.

وإذا رضخ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للضغوط السياسية فيما يتعلق بهذه الولاية، فستكون سابقةً على الأرجح. وسيعني الرضوخ أن حقوق الإنسان فعلًا مسيَّسة ومرهونة بالاعتبارات المالية، وأن مصالح الدول والشركات تعلو على حقوق الإنسان. إن قرار تنفيذ الولاية فيما يتعلق بقاعدة البيانات هو اختبارٌ مهم للأمم المتحدة المفترض أن تعمل على إنفاذ الإطار القانوني الدولي ومعايير حقوق الإنسان إنفاذًا شاملًا، واختبارٌ أيضًا لمصداقية مكتب المفوض السامي وهيئاته.

توصيات سياساتية

  • يجب على المجتمع الدولي، ولا سيما الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، أن يسعى جاهدًا لتنفيذ الولاية الخاصة بقاعدة البيانات وحث المفوضة السامية ومكتبها على نشر قاعدة البيانات وتحديثها.
  • ينبغي للجهات السياسية الفلسطينية المعنية والممثلين الدبلوماسيين الفلسطينيين حول العالم أن يضعوا الكشف عن قاعدة البيانات على رأس أولوياتهم. وفي حال لم تُعلَن قاعدة البيانات بحلول آذار/مارس 2020، ينبغي للبعثة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة في الدورة الثالثة والأربعين المقبلة لمجلس حقوق الإنسان أن تُضيف بندًا نافذًا يؤكد الولاية الخاصة بالإعلان عن قائمة الشركات وتحديثها سنويًا.
  • ينبغي للمجتمع المدني الفلسطيني والدولي أن يدرسَ فكرة إطلاق حملةٍ شعبية في آذار/مارس القادم لإبراز أهمية قاعدة البيانات وضرورةَ الكشف عنها.

للاستزادة بشأن قاعدة البيانات التابعة للأمم المتحدة، يرجى الاطلاع على تعقيب المحللة السياساتية للشبكة، فالنتينا أزاروفا، المنشور في أيار/مايو 2018 هنا

  1. لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية، اضغط/ي هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.

العضوة السياساتية في الشبكة، ندى عوض، تحمل درجة الماجستير في العلاقات الدولية والأمن الدولي من معهد الدراسات السياسية بباريس. وهي تشغل منصب المسؤولة عن المناصرة...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

كشفت الإبادة الجماعية المستمرة التي يرتكبها النظام الإسرائيلي في غزة عن فشل الأطر القانونية الدولية في حماية المدنيين، ما شكَّل انهيارًا غير مسبوق في الوظيفة الحمائية للقانون الدولي. فعلى الرغم من أن اتفاقية الإبادة الجماعية تُلزِم الدول بمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وأن اتفاقيات جنيف تفرض حماية المدنيين تحت سلطة الاحتلال، فإن هذه الآليات أثبتت عجزها في غياب الإرادة السياسية اللازمة لإنفاذها. في هذا السياق، أطلقت ثماني دول من الجنوب العالمي -جنوب إفريقيا، ماليزيا، ناميبيا، كولومبيا، بوليفيا، السنغال، هندوراس، وكوبا- مجموعة لاهاي، وهي مبادرة قانونية ودبلوماسية تهدف إلى إنفاذ القانون الدولي ومساءلة النظام الإسرائيلي. وتتناول هذه المذكرة السياساتية جهود مجموعة لاهاي في مواجهة حالة الإفلات الممنهج من العقاب الذي يتمتع به النظام الإسرائيلي، وتُبرز الإمكانات التي يتيحها التحرك الجماعي للدول في مساءلة المنتهكين للقانون الدولي، رغم القيود البنيوية التي تحد من إنفاذه.
Al-Shabaka Munir Nuseibah
منير نسيبة· 08 يوليو 2025
 السياسة
في يوم الخميس، 19 حزيران/يونيو 2025، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام موقع الضربة الإيرانية قرب بئر السبع، وقال للصحفيين: "ما نعيشه اليوم يذكّرني حقًّا بما تعرّض له الشعب البريطاني أثناء قصف لندن (البليتز) في الحرب العالمية الثانية. نحن نُقصف اليوم بطريقة مماثلة". كانت البليتز حملة قصف جوي مكثفة شنَّتها ألمانيا النازية ضد المملكة المتحدة في الفترة بين أيلول/سبتمبر 1940 وأيار/مايو 1941. أراد نتنياهو بهذه المقارنة الدرامية استعطافَ الغرب وتأمين حصول حكومته على دعمٍ غير مشروط في عدوانها غير المبرر على إيران الذي يشكل تصعيدًا عسكريًّا وانتهاكًا جديدًا للقانون الدولي. ومثل تلك المراوغات الخَطابية ليست بشيءٍ جديد، بل هي نمط راسخ في الخطاب السياسي الإسرائيلي الذي يصوِّر إسرائيل كضحية دائمًا ويصف خصومها بالنازيين المعاصرين. لطالما راودت نتنياهو طموحاتٌ بضرب إيران بدعمٍ مباشر من الولايات المتحدة، غير أن التوقيت ظلّ دائمًا العنصر الحاسم. وعليه، فلا ينبغي النظر إلى هذه اللحظة على أنها مجرّد عدوان انتهازي، بل كجزء من إستراتيجية أوسع محسوبة بعناية. فشنّه هذه الحرب غير المبرّرة اليوم، نابع من حالة الإفلات غير المسبوقة من العقاب التي يتمتع بها، التي تزامنت مع تحوّلات إقليمية متسارعة أعادت تشكيل موازين القوى في المنطقة، إلى جانب الهشاشة المتفاقمة في المشهد السياسي الداخلي الإسرائيلي. يتناول هذا التعقيب التصعيدَ الأخير في هذا السياق، ويُسلّط الضوء على الدوافع السياسية التي تقف خلف شنّ الحرب في هذا التوقيت تحديدًا.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 26 يونيو 2025
 السياسة
في خضمّ هذا التصعيد، تصبح ديناميكيات القوى الدولية والإقليمية وعلى رأسها الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وتركيا عاملاً حاسماً في تحديد مسار الصراع. ويعد دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني بمثابة انحراط فعلي في الحرب كيف يمكن أن يؤثر هذا التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران على موازين القوى في الشرق الأوسط؟ وما هي تبعات الحرب على القضية الفلسطينية؟ في مختبر السياسات هذا، ينضم إلينا الدكتور بلال الشوبكي، وزيد الشعيبي، مع الميسر فتحي نمر، لمناقشة الأبعاد الدولية والاقليمية للحرب على إيران.
Skip to content