Agha_PolicyMemo_Jul2019

يحد التشريع الذي سنَهّ مجلس الكونغرس الاميركي في العام 1997، بموافقة من الحزبين الجمهور والديمقراطي، من جودة توفير صور الأقمار الصناعية لفلسطين – إسرائيل. يحظر قانون كايل-بينجامان (Kyl-Bingaman) المعدِّل لقانون تفويض الدفاع القومي الأمريكي الذي تم إقراره تحت ذريعة حماية الأمن القومي لإسرائيل، مشغلي الأقمار الصناعية وتجار التجزئة الأمريكيين من بيع أو نشر صور لفلسطين -إسرائيل بجودة ودرجة وضوح أعلى من تلك المتاحة في الاسواق غير الأمريكية. يعتبر تفسير تعديل القانون غير واضحاً ومتناقضًا من حيث المعنى والنطاق الجغرافي والآثار القانونية. وعليه، فإن نتيجة إقرار هذا التعديل تظهر في محدودية الحصول على صور الاقمار الصناعية الواضحة لفلسطين-وإسرائيل لفلسطين –إسرائيل لأكثر من عقدين.
العديد من الأبحاث تعتمد على استخدام البيانات الجغرافية المكانية الدراسات والإستقصاءات البيئية والجغرافية والإنسانية. ومن المنظور الآثاري والجغرافي والجيولوجي والنباتي، تُمكّن الصور الجوية عالية الدقة الباحثين من فهم التغيرات التضاريسية وتحديدها وتوثيقها. بل في واقع الامر، يضع التعديل عقبات خطيرة أمام الحفاظ على التراث الثقافي ومراقبة ورصد الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود، بما في ذلك توثيق هدم المنازل والنزاعات المناطقية ونمو المستوطنات. 

علاوة على ذلك، فقد أصبح تعديل كايل-بينجامان قديماً ولا يخدم الغرض الذي أعد لأجله. فخلال الـ 22 عامًا منذ إصدار التعديل، تطور قطاع تطور قطاع صور الأقمار الصناعية بشكل ملحوظ، بحيث تزايد عدد شركات التصوير بالأقمار الصناعية غير الأمريكية والتي توفر الآن صوراً عالية الدقة لفلسطين-إسرائيل بدقة 0.4-0.7 متر (بما يتماشى مع المتوسط العالمي) مقارنةً بالقيود التي يفرضها تعديل كايل-بينجامان على الشركات الأمريكية والتي تبلغ 2 متر. وفي نفس الوقت، تفقد الوكالات الفيدرالية الأمريكية ببطء قدرتها على تقييد وصول أطراف ثالثة إلى الصور بنجاح على أساس الأمن القومي و/ أو مصالح السياسة الخارجية.

يضر تعديل كايل-بينجامان بالأعمال التجارية في الولايات المتحدة الاميركية، حيث أن الشركات الأمريكية غير قادرة على التنافس دولياً بسبب القيود التنظيمية المفروضة على بيع صور واضحة للمنطقة. في الواقع، فقد حذرت شركة Aerospace Corporation من تأثير تعديل كايل-بينجامان على السوق الأمريكية في عام 2017 بحيث اشارت الى انه “مع وصول المنافسين الأجانب إلى نفس مستوى أو حتى مستوى أفضل من الشركات الامريكية من حيث جودة ودرجة وضوح الصور، والتي يمكن للمشغلين والشركات الأمريكية بيعها دون قيود، فعلى صناع القرار إعادة النظر فيما إذا كانت القيود التي تفرضها الحكومة على توفر منتجات أمريكية عالية الجودة تعتبر منطقية”. بمعنى آخر، على الرغم من فرض هذه القيود بالإنسجام مع إهتمامات الأمن القومي الإسرائيلي، فقد تجاوزت التكنولوجيا السياسة، وتضرر المشغلين الأمريكيين. 

قانون كايل-بينجامان المُعدل عفا عليه الزمن ولا يخدم الغرض الذي أعد لأجله Click To Tweet

إن توفر صور الأقمار الصناعية على المنصات المتاحة يؤكد على العقبات التي خلقها تعديل كايل-بينجامان. في الواقع، يعتبر التعديل غير منطقي كون أن إسرائيل نفسها توفر صور أقمار صناعية عالية الدقة ومجانية للأراضي التي تسيطر عليها (دولة إسرائيل الحالية، الأرض الفلسطينية المحتلة، ومرتفعات الجولان)، مما يجعل تعديل كايل-بينجامان جدوى حقيقية تذكر، وفي نفس الوقت يناقض الإدعاء بأنه يخدم مصالح الأمن القومي الإسرائيلي.

اعادة تقييم ومراجعة تعديل كايل-بينجامان (KBA)

منذ ان نشر مقال مايكل فرادلي وأندريا زيربيني في العام 2018 والتعقيب السياساتي للشبكة في العام نفسه، وكلاهما يدعو إلى إعادة النظر في تعديل كايل-بينجامان، أصبح التعديل يخضع لمزيد من التدقيق. ومع ذلك، لا توجد دلائل كافية تشير إلى أن تغييراً في السياسة قد بات وشيكاً. على العكس، فإن وزارة التجارة الأمريكية وإدارتها الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي – (NOAA) وهي الهيئات المكلفة بإدارة تعديل كايل-بينجامان – تواصل تجنب وتأجيل النقاشات حول فعاليته. 

كان من المفترض أن يتم مراجعة تعديل كايل-بينجامان بانتظام، ولكن فقط في عام 2017 – بعد عقد من إصداره – أجرت الادارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) مراجعة رسمية، وأصدرت نتائجها في أواخر عام 2018. وخلصت تلك الإدارة إلى أن الصور عالية الدقة لفلسطين -إسرائيل لم تكن “جاهزة أو متاحة باستمرار” من مصادر غير أمريكية، وبنتيجته لم تتمكن من تقديم أي توصيات بشأن إجراء تغييرات على تعديل كايل-بينجامان.

على الرغم من عدم نشر تقرير مفصل حول منهجية الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، إلا أن طريقة المراجعة على ما يبدو كانت تتضمن محاولة موظفي تلك الادارة شراء الصور ومن ثم الإبلاغ عن النتائج. ومع ذلك، فإن المنهجية المتبعة غير منطقية، حيث أن تعديل كايل-بينجامان نفسه شكل العائق الأكبر أمامهم كمواطنين أمريكيين من الوصول إلى الصور عالية الوضوح. من ناحية أخرى، يتمكن الباحثون الأجانب من شراء صور عالية الدقة وغير خاضعة للرقابة من البائعين غير الأمريكيين وتجار التجزئة الأمريكيين على حد سواء، مما يدل على أن التشريع قد عفا عليه الزمن. في حين لا يستطيع المرء سوى التكهن بالسبب الحقيقي لتمسك الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بالتعديل، الا انه من الممكن أن يكون هناك ضغط من وزارة التجارة وإدارة البيت الأبيض الحالية للحفاظ على أو حتى تعزيز وتقوية تعديل كايل-بينجامان. وهذا نموذج واضح على أن السياسة تتغلب على المنطق السليم.

توصيات

1. يجب على الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) نشر تقرير حول المنهجية المستخدمة في تقريرها لعام 2018 بشكل ملح، وإجراء مراجعة أكثر جدية لتعديل كايل-بينجامان.

2. إن التخلص من تعديل كايل-بينجامان وتعديل اللوائح الصادرة عن وزارة التجارة والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) من شأنه أن يساوي تجارياً بين مزودي الصور الأمريكيين وغير الأمريكيين. وهذا سيسمح لمشغلي الأقمار الصناعية بمشاركة صور عالية الدقة لفلسطين-إسرائيل على المنصات المتاحة على نطاق واسع وضمان تنافسهم الدولي المستمر. كما أنه سيمكن علماء الآثار والباحثين والعاملين في المجال الإنساني من توثيق التغييرات على أرض الواقع بدقة ويسمح بمساءلة الاحتلال الإسرائيلي بشكل أفضل.

شغلت زينة الآغا موقع الزمالة السياساتية للشبكة في الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة الممتدة بين 2017-2019. تغطي خبراتها بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

 السياسة
تكشفُ تغطيةُ وسائل الإعلام الرئيسية في الغرب لمجريات الإبادة الجماعية في غزة تحيزَها الشديد للنظام الإسرائيلي، وتُبرزُ أيضًا سهولةَ نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين. تتناول يارا هواري في هذا التعقيب استراتيجيةَ إسرائيل في نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين في المجال العام، ودور وسائل الإعلام الغربية في تحقيق أهداف إسرائيل. وتبين أنماطَ التقصير الصحفي المستمرة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وتخلُص إلى أنّ وسائل الإعلام الغربية متواطئة حتمًا في الإبادة الجماعية التي يرتكبها النظام الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 03 أبريل 2024
لعبت كل من مصر والأردن عبر التاريخ أدواراً جيوسياسية مهمة في القضية الفلسطينية، حيث شكلت حدودهم مع قطاع غزة والضفة الغربية على التوالي المنفس الوحيد للعمق العربي وخاصة بعد حرب 1967. تزايدت وتضاءلت نفاذية هذه الحدود مع اختلاف الحكومات والظروف في المنطقة، لكن يمككنا الجزم أن مع مرور الزمن أصبحت هذه الحدود بشكل تدريجي جزءاً من الحصار على الشعب الفلسطيني وأداة ضغط على الفلسطينيين.
تعكف المصادر الإسرائيلية الرسمية على تضليل العالم إعلاميًا على نطاق واسع لتبرير الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة. وقد أجَّجَ الصحفيون ومحللو استخبارات المصادر المفتوحة الحملةَ المسعورة لشيطنة الفلسطينيين بنشرهم الأنباء الكاذبة دون تدقيقها كما ينبغي. يتناول طارق كيني الشوا، في هذا الموجز السياساتي، أساليبَ الحرب الإعلامية الإسرائيلية، ويبيِّن كيف أسهمت هذه الجهود في تآكل الحقيقة وإعاقة الجهود الرامية إلى تنظيم استجابة عالمية. ويقدم توصيات للصحفيين والمحللين وعامة الجمهور للاستفادة من الأدوات مفتوحة المصدر لدحض الدعاية الإسرائيلية والمعلومات المضللة السائدة.
Skip to content