تسببت قدرةُ إسرائيل على الإفلات من العقاب في تأجيج العنف ضد الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، حيث قتلَ الإسرائيليون من الفلسطينيين في 2022 أكثر ممّا قتلوا في أي عام منذ 2006. وأدى انتخاب ائتلافٍ يميني متطرفٍ حاكم في إسرائيل إلى دعوات علنية ومتنامية إلى التطهير العرقي. وفي الوقت نفسه، استمرت بلا هوادة وتيرةُ التوسع الاستيطاني الإسرائيلي غير القانوني وغير المسبوق، والاعتداءات المتصاعدة من المستوطنين، والحصار الخانق على غزة، وتشريد الفلسطينيين.1
وبينما يُصعِّدُ النظام الإسرائيلي ممارسات الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني في فلسطين، ترتفع الأصوات الداعية إلى مساءلة إسرائيل. ومن تلك المطالبات دعوات متزايدة إلى فرض عقوبات على النظام الإسرائيلي. غير أن التساؤلات حول هذا الأسلوب لا تزال قائمة من حيث أخلاقياته وفاعليته.
تحدثت الشبكة إلى خالد الجندي وندى إيليا لمعرفة المزيد حول فرض العقوبات على إسرائيل، حيث فصَّلا الأشكال المتنوعة التي يمكن أن تتخذها العقوبات، وقدرتها على إحداث تغيير ملموس، وبيَّنا كيف أن العقوبات على النظام الإسرائيلي ستختلف عن تلك التي فرضتها القوى الغربية في سياقات أخرى.
المقابلة أدناه هي نسخة مختصرة من محادثة أطول أدارها الزميل السياساتي للشبكة في الولايات المتحدة طارق كيني الشوا في أيار/مايو 2023. ويمكن الاطلاع على النقاش الكامل بالنقر هنا.
نتحدث عن العقوبات في الغالب بعبارات شاملة قد لا تنم عن أشكالها وتطبيقاتها المتنوعة. ندى، عندما نتحدث عن العقوبات كأحد أساليب حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، ما الذي تنطوي عليه بالضبط هذه العقوبات؟
ندى إيليا
لم تحدد حركة المقاطعة نوع العقوبات التي ينبغي فرضها على إسرائيل – والحركة محقة في ذلك. فبوصفها دعوةً للتضامن العالمي، وضعت القرار بيد المنظمين المحليين لتحديد العقوبات الأنجع، لأن السياقات تختلف، فما يمكن أن يكون معقولًا في الولايات المتحدة قد لا يكون معقولًا في إيطاليا على سبيل المثال.
فالولايات المتحدة، ببساطة، لن تفرض على النظام الإسرائيلي عقوبات كتلك التي فرضتها على العراق أو إيران. وحينما نفكر في العقوبات ومسألة العقاب الجماعي، فإن من الأهمية بمكان أن نفهم بأن العقوبات على إسرائيل لن تكون كالعقوبات التي شهدناها في سياقات أخرى.
العقوبات التي فُرضت على العراق، مثلًا، كانت صارمةً جدًا، حيث كانت عقوبات اقتصادية وتجارية شاملة حظرت كل شيء تقريبًا من دخول العراق ما عدا المساعدات الإنسانية. ولا أستطيع أن أتخيلَ أن تفرضَ الولايات المتحدة عقوبات كتلك على إسرائيل لا في المستقبل القريب ولا البعيد، حتى مع اعترافها المتنامي بأن إسرائيل دولة فصل عنصري.
عندما نتحدث عن فرض عقوبات على إسرائيل، علينا أيضًا أن نتحدث عن تخفيف بعض التدابير العقابية المفروضة على الفلسطينيين منذ عقود وإلا فإن النقاش سيظل قاصرًا Share on Xإذن، ما هو شكل العقوبات الذي يمكن للولايات المتحدة أن تفرضه على إسرائيل في الواقع العملي؟ أعتقدُ أن العقوبات، من نظرة واقعية، ستشمل المطالبة بمساءلة إسرائيل بقدرٍ أكبر عن استخدامها الأسلحة التي تشتريها بالمساعدات الأمريكية السنوية المقدمة لها والبالغة 3.8 مليار دولار. وهذه المطالبة لن تكون هيِّنة لأن 75% تقريبًا من المساعدات الأمريكية لإسرائيل مخصصة لمشتريات الأسلحة.
من الجدير بالذكر أن في الولايات المتحدة قوانين قائمة بالفعل تحظر استخدام المساعدات العسكرية بواسطة القوات المتورطة في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. والمسألة فعليًا هي مسألة إنفاذ السياسات الموجودة أصلًا. وإذا فعلت الولايات المتحدة ذلك، فإنها ترسلُ رسالةً برغبتها في مساءلة إسرائيل عن انتهاكاتها الحقوقية. وهذا شكلٌ أخلاقي للغاية من العقوبات المستهدفة يختلف عن الحالات الأخرى من العقوبات العامة التي تكون غير فعالة وغير إنسانية إلى حدٍ كبير. وكل المطلوب في سياق المساعدات المقدمة لإسرائيل هو التحقق من استيفاء جميع الشروط اللازمة لإنفاذ القانون.
الرأي العام بشأن فلسطين آخذ بالتغير، وغالبية الديمقراطيين الأمريكيين الآن يتعاطفون مع الفلسطينيين أكثر مما يتعاطفون مع الإسرائيليين. هناك أيضًا دعوات متنامية من أجل إحداث تغيير ملموس في السياسة الخارجية الأمريكية – بما في ذلك من أعضاء حاليين في الكونغرس – وتنطوي العديد من تلك الدعوات على فرض شروط على المساعدات الأمريكية لإسرائيل.
خالد، هل ترى إمكانية لتحويل التأييد العام من فرض شروط على المساعدات إلى فرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي، فما هي المعوقات السياسية التي تمنع استحالة العقوبات إلى سياسة خارجية على أرض الواقع؟
خالد الجندي
النطاق محدود للغاية لِما هو ممكنٌ سياسيًا عندما نتحدث عن أنواع العقوبات على إسرائيل، والتي ربما تشمل شيئًا من مشروطية المساعدات وغيرها من المقيدات.
ومن الأهمية بمكان أن نشير إلى أن فرض عقوبات حكومية رسمية على حليف أو “صديق” للولايات المتحدة هي أمرٌ نادر الحدوث، من منظور سياساتي. خُذ مصر، مثلًا، وسجلها في حقوق الإنسان. فثمة ممانعة من أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين إزاء اتخاذ مواقف أكثر صرامةً إزاء مصر وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين في المنطقة، وإنَّ لمن الصعوبة البالغة بمكان أن تُشرَّعَ مثل هذه العقوبات. المملكة العربية السعودية مثالٌ آخر. فقد تعالت دعوات عديدة لمساءلتها وفرض عقوبات عليها بعد جريمة قتل جمال خاشقجي، بيد أن العلاقة الخاصة بين السعودية والولايات المتحدة بالكاد تأثرت بسبب مقتله.
وعندما نتحدث عن إسرائيل، فإننا نتحدث عن مستوى مختلف عن العلاقة الاستثنائية، فهي أكبر متلقٍ للمساعدات الأمريكية في العالم. وتُعدُّ المساعدات سِمةً أساسيةً في العلاقة الإسرائيلية الأمريكية، وهي خالية من المقيدات والشروط وحتى من التدقيق بأي شكل على المساعدات التي يقدمها دافعو الضرائب الأمريكيون إلى إسرائيل سنويًا. إسرائيل هي البلد الوحيد في العالم الذي يتلقى مساعدات غير مشروطة بتاتًا.
بالإضافة إلى عدم مشروطية المساعدات، تتلقى إسرائيل مجموعة من المزايا الخاصة، ومن ذلك أنها تستخدم المساعدات الأمريكية للإنفاق على الصناعة العسكرية الإسرائيلية، بخلاف متلقي المساعدات العسكرية الآخرين الملزَمين بإنفاقها على شراء العتاد والمعدات الأمريكية. ويُضاف إلى ذلك، بالطبع، المعاملة الخاصة والاستثنائية التي تلقاها إسرائيل على المستويات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، مثل حق النقض أو الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وهكذا، عند الحديث عن فرض عقوبات على إسرائيل، فإن حجب أيّ وجه من أوجه المعاملة الخاصة هذه سيكون ببساطة بمثابة عقوبة. فالامنتاع عن استخدام حق النقض الأمريكي في الأمم المتحدة يمكن أن يكون عقوبة، واتخاذ أي إجراء مغاير للمعاملة الخاصة الراهنة التي تتلقاها إسرائيل يمكن أن يكون عقوبة.
العائق الرئيسي الذي يحول دون التحرك بهذا الاتجاه، حتى وإنْ كان على مستوى إجراء تدقيق محدود، هو الإجماعٍ في واشنطن – في الكونغرس وإدارة بايدن وفي أوساط المحللين – المعارض لفرض أي شكل مؤثر من العقوبات على إسرائيل. لا يوجد هناك حتى رقابة ملموسة، من خلال جلسات استماع الكونغرس مثلًا، بشأن كيفية استخدام المساعدات الأمريكية، وسجل إسرائيل في مجال حقوق الإنسان، وضخ المنظمات الخيرية الأمريكية الأموال في المستوطنات الإسرائيلية – فلا يوجد أي تدقيقٍ على هذه المسائل، ناهيك عن أن يكون هناك إجراء لاحق.
هناك مساحة واسعة، إذن، من حيث أنواع التدابير السياساتية التي يمكن اتخاذها، وأبرزها إنفاذ القوانين الأمريكية السارية مثل قوانين ليهي وقانون الرقابة على صادرات الأسلحة، حيث تحدد هذه القوانين أوجه استخدام المساعدات العسكرية الأمريكية سواءً كانت في شكل عتاد أو تدريب أو أشكال أخرى. حتى الاقتصار على إنفاذ القوانين الأمريكية من شأنه أن يحقق الكثير من حيث تغيير السلوك الإسرائيلي وبلوغ الحد الأدنى من المساءلة.
تشهد الولايات المتحدة تأييدًا عامًا متناميًا لتسليط الضوء على سلوك إسرائيل، بالنظر إلى توجهها في معاملة الفلسطينيين والشأن الداخلي. وهناك قلق بالغ، ولا سيما في أوساط الديمقراطيين من الصفوف الدنيا، إزاء “الشيك المفتوح” الممنوح لإسرائيل منذ زمن.
غير أن الرأي العام يختلف عن السياسة. فلو كان الرأي العام يُملي السياسة، لتوقعنا من نصف الديمقراطيين في الكونغرس أن يؤيدوا حقوقَ الفلسطينيين، ولكننا لا نرى حتى 10% يؤيدونها. وهكذا فإن الطريق لا تزال طويلة أمام ترجمة الرأي العام إلى تغيير سياسي ومن ثم إلى تغيير في السياسات.
يحتج منتقدو العقوبات غالبًا بأنها يمكن أن ترقى إلى شكلٍ من أشكال العقاب الجماعي. هل لهذا الانتقاد وزنٌ في حالة إسرائيل؟ هل هناك أية مخاطر أخلاقية ينبغي لنا أن نراعيها في دعوتنا إلى فرض العقوبات؟
ندى إيليا
لا، فهناك فرق جليٌّ جدًا في رأيي. فكما أوضح خالد للتو، ليس من بين العقوبات التي يمكن للولايات المتحدة أن تفرضها على إسرائيل ما يضر الشعب الإسرائيلي فعليًا. فالسؤال إذن، هل علينا أن نكون معنيين براحة مضطهدينا؟
علاوةً على ذلك، ثمة فرق واضح بين العقوبات المفروضة على شعب مقموعٍ بالفعل من قادته، كما في حالة إيران والعراق، والعقوبات المفروضة على بلد درجَ على انتخاب قادته وعلى تأييد سياساتهم. فإسرائيل – وشعبها – مسترسلةٌ في اضطهاد السكان الأصليين منذ قيامها قبل 75 عامًا. وفرض العقوبات التي نتحدث عنها هو ببساطة ضربٌ من ضروب المساءلة، وعاقبة من العواقب. وهي ليست عقوبة جماعية، فهي لا تعاقب الناس وإنما تُحمِّلهم مسؤوليةَ قراراتهم السياسية.
إن فرض عقوبات على شعب يدعم الفصل العنصري ويستديمه هو خطوةٌ نحو المساءلة، وليس عقوبة جماعية. وهو خطوةٌ نحو إنهاء المنزلة الاستثنائية الإسرائيلية.
خالد الجندي
نُظم العقوبات، كالتي فُرضت على العراق أو إيران، هي حقًا أدوات مؤذية، وتنزع آثارها السلبية إلى تجاوز أهدافها الظاهرية. إذن، نعم، أعتقد أن نظم العقوبات يمكن أن تكون ضارة جدًا – وغير فعالة. أمّا في حالة إسرائيل، فنحن لا نتحدث عن عقوبات مثل تلك أو عقوبات شاملة، لذا فإن مسألة العقاب الجماعي هي نقطة خلافية.
المفارقة هنا هي أن الفلسطينيين هم الطرف الوحيد في هذا الترتيب الخاضع لعقوبات أمريكية شاملة على المستويات كافة. فقد أُغلقت سفارة منظمة التحرير الفلسطينية، كما أُغلقت بعثة الولايات المتحدة إلى الفلسطينيين. وأَوقفت الولايات المتحدة كلَّ أشكال الدعم تقريبًا على أساس قانون تايلور فورس وقوانين جديدة مثل قانون مكافحة الإرهاب. وبالطبع هناك جميع أنواع القيود التي يفرضها الكونغرس على الفلسطينيين، وليس أقلها التمثيل الفلسطيني في واشنطن.
وبالتالي، عندما نتحدث عن فرض عقوبات على إسرائيل، علينا أيضًا أن نتحدث عن تخفيف بعض التدابير العقابية المفروضة على الفلسطينيين منذ عقود، وإلا فإن النقاش سيظل قاصرًا.
كيف ستؤثر العقوبات في الحسابات الإسرائيلية؟ هل نبالغ في توقعاتنا إزاء إمكانية إجبار إسرائيل على تغيير سلوكها من خلال حركة المقاطعة والدعوات من أجل فرض شروط على المساعدات؟
خالد
ليس بالضرورة. أولًا، لا بد أن نتذكر أننا نتحدث عن إنفاذ قوانين أمريكية قائمة، وليس عن سن قوانين جديدة. وكما قالت ندى، دعونا نُنهي استثنائية إسرائيل. الحقيقة هي أن الانتقال من منزلة تميُّزية واستثنائية إلى منزلة عادية هو في حد ذاته عقوبة. فإذا كنت معتادًا على الإفلات من العقاب وعلى تلقي معاملةٍ خاصة، فإن أي عودة عنها يمكن أن يبدو وكأنه نوعٌ من الاضطهاد.
ثمة بعض الخطوات السياسية المعقولة التي يمكن للولايات المتحدة أن تتخذها في السنوات المقبلة، مثل عقد جلسات استماع في الكونغرس حول السياسات الإسرائيلية، واستخدام المساعدات العسكرية الأمريكية، وفتح تحقيقات رسمية في جرائم قتل مواطنين أمريكيين، والإعراب – وليس أكثر – عن الاستنكار العلني للانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان. وهذه كلها ممارسات مألوفة في حالات الدعم الأمريكي لبلدان أخرى، وبوسعها التأثير في سلوك إسرائيل تأثيرًا كبيرًا.
مطالبتنا بالعقوبات هي التعبير الشعبي المباشر عن رفضنا للممارسات الإجرامية الإسرائيلية Share on Xوعلى مستوى الأمم المتحدة، يمكن للولايات المتحدة كذلك أن تتوقف عن الاستخدام المفرط لحقها في النقض بالنيابة عن إسرائيل. فقد دأبت الولايات المتحدة على إحباط صدور قرارات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حتى في الحالات التي يكون فيها إجماع من الأطراف الأخرى، كما شهدنا إبان الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على غزة. ومن شأن الامتناع عن استخدام حق النقض أن يُخمِدَ بعض العنف.
وفي حين أن هذه الإجراءات لن تُنهي النظام الاستعماري الإسرائيلي بأكمله، إلا إنها قادرة على التخفيف من وطأة أعتى جوانبه على أرض الواقع. إنّ الحصانة الشاملة من العقاب التي تمنحها الولايات المتحدة تعني الشيء الكثير لإسرائيل، لذا لا يمكن التقليل من شأن ما يمكن للولايات المتحدة أن تفعله على صعيد تغيير السلوك الإسرائيلي.
ندى إيليا
تجدر الإشارة إلى أن الدعوات من أجل فرض العقوبات، وحركة المقاطعة إجمالًا، تضطلع بدورٍ حاسم على المستوى الشعبي. فمع أن حركة المقاطعة تُعدٌّ ضربًا من العمل الناشط الاقتصادي، إلا أن الهدف الأسمى لا يتمثل فقط في إحداث خدش في الاقتصاد الإسرائيلي، وإنما يسعى إلى تغيير التصور العام.
فمطالبتنا بالعقوبات هي التعبير الشعبي المباشر عن رفضنا للممارسات الإجرامية الإسرائيلية. ومع أن هذه الدعوات قد لا تؤثر في الاقتصاد الإسرائيلي، إلا أنها تدفع ممثلينا للتحدث علنًا والتحرك بأعدادٍ أكبر. إن التغيير السياسي يبدأ من القاعدة الشعبية ويتجه صعودًا عبر مستويات السلطة، وهذا ما نأمل في تحقيقه من خلال حركة المقاطعة.
هل هناك مخاطر من تسمية الدعوات المنادية بالحدّ الأساسي من المساءلة والتدقيق “كعقوبات”؟ هل يمكن لذلك أن يُنفر بعض الناس عن دعم نضالنا؟
خالد الجندي
أعتقد أن الناس – ولا سيما صناع السياسات – أكثر استجابةً للغة الإيجابية مقارنةً باللغة السلبية. وأعتقد أن الدعوات من أجل العقوبات والتدابير العقابية سوف تُثبِّط هِّمة الناس عمومًا، ولا سيما حين يتعلق الأمر بإسرائيل.
في المقابل، أعتقد أن موضوع المساءلة سيلقى صدًى عند الكثير من الناس. فهو مصطلح تستخدمه حتى إدارة بايدن، بما في ذلك في قضية مقتل شيرين أبو عاقلة. وهو جوهر المسألة لأن الغاية من العقوبات هو تحقيق المساءلة. والفكرة من وراء ذلك تتمثل في أن وجود عواقب لسلوكات معينة ستجعل المنخرطين في تلك السلوكات يفكرون جيدًا قبل الإقدام عليها. وهذا هو المبدأ الرئيسي الكامن وراء المساءلة، وهو موجود في السياسة الخارجية الأمريكية.
نحن نريد قدرًا أكبر من المساءلة ليس فقط لخصومنا، بل أيضًا لحلفاء الولايات المتحدة وأولهم إسرائيل. فنحن لا نستطيع ببساطة الاستمرارَ في منح إسرائيل شيكًا مفتوحًا، ثم نتوقعَ منها أن تغيرَ سلوكها. وبوسع الاتحاد الأوروبي، بل وينبغي له، أن يتخذ خطوات مماثلة، وكذلك الدول العربية التي شرعت في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. فهناك إجراءات كثيرة يمكن لتلك الحكومات أن تتخذها من أجل تحقيق الحد الأساس من المساءلة وإحداث آثار بارزة على الأرض.
ندى إيليا
أخشى من أن الدعوات من أجل المساءلة، عوضًا عن العقوبات، قد تعمل على تعزيز المنزلة الاستثنائية لإسرائيل. حركة المقاطعة هي مطالبة من أجل المساءلة، نعم، ومن أجل إنهاء الاستثنائية وإعمال حقوق الفلسطينيين الأساسية. أمّا الدعوات من أجل المساءلة وحدها قد لا تكفي، وقد تُستخدم لتشجيع العمل البناء بين الولايات المتحدة ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
وعلى المستوى الشعبي، أعتقد أن دورنا يتمثل في دفع صانعي السياسات إلى التحرك من خلال المطالبات الحثيثة واللغة الحازمة، والتعبير الوافي عن استنكارنا للجرائم الإسرائيلية الشنيعة. علينا أن نكون شديدين. فإذا كانت الحكومة حذرةً إزاء استخدام مصطلح “العقوبات،” تصبح مسؤوليتنا أن ندفعها إلى ذلك. لذا، فأنا لا أزال أُؤمن بالدعوةِ من أجل فرض العقوبات صراحةً، وأعتقد أنَّ ذلك سيساعد قضيتنا ولن يضرها.
- لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية، اضغط/ي هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.