التغير المناخي هو أحد أبرز التهديدات التي تواجه البشرية. وبالرغم من أن الفلسطينيين والإسرائيليين يقطنون البقعةَ الجغرافية نفسها، إلا أن الفلسطينيين في ظل الاحتلال سيعانون أكثر بسبب تغير المناخ.
ومن أبرز التأثيرات المتوقعة في فلسطين-إسرائيل في القرن الحالي انخفاضُ معدلات هطول الأمطار، يَصحبه ارتفاعٌ في معدل درجات الحرارة. وهذه التوليفة من قلة الأمطار وارتفاع درجة الحرارة يمكن أن تؤدي إلى انعدام الأمن المائي. وسوف تعاني الزراعة أيضًا كنتيجة لذلك.
هناك ثلاث كيانات مختلفة ومتنافرة في الغالب تحكم هذه المنطقة، وهي: الحكومة الإسرائيلية، والسلطة الفلسطينية، وحركة حماس. وهذا الواقع يُسفر عن تفاوتٍ كبير في مدى التأثر بتغير المناخ، والقدرة على التعامل معه، والقدرة على الخروج بتقييمات منسَّقة حول آثاره. بالرغم من أن آثار التغير المناخي تتشابه عمومًا بين الأقاليم، إلا أن جُل التركيز السياسي والبحثي يُخطئ حين يتعامل مع الأرض الفلسطينية المحتلة بمعزلٍ عن فلسطين التاريخية.
تُقاس قابلية التأثر بالتغير المناخي من خلال توليفة الخطر المناخي والجاهزية التكيُّفية – أي مستوى الخطر المترتب على التغير المناخي في مقابل القدرة على تنفيذ استجابات في الأجلين القريب والبعيد، وهذا يعتمد على الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وفي حالة إسرائيل-فلسطين، لا بد من فهم قابلية التأثر في سياق سبعة عقود شهدها الفلسطينيون من التهجير واللجوء والطرد والقمع وسوء الإدارة.
يظل الاحتلال الإسرائيلي الخطر غير البيئي الأكبر المحدق بالفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة. فالقيود المفروضة على حرية حركة الناس والبضائع، وجدار الفصل العنصري، والاستيلاء على الأراضي، والتوسع الاستيطاني، وعنف المستوطنين، وسوء إدارة السلطة الفلسطينية جميعها عوامل تهدد أمن الفلسطينيين المائي والغذائي، وبالتالي تزيد قابليتهم للتأثر بتغير المناخ.
لقد أنشأت إسرائيلُ نظامًا بيروقراطيًا معقدًا لاستصدار التراخيص والموافقات وحقوق الوصول بهدف التحكم في وصول الفلسطينيين إلى المياه الجوفية. تحول إسرائيل دون دخول ما يكفي من المياه النظيفة إلى قطاع غزة، وتعمل كذلك على عرقلة أي محاولة لبناء أو صيانة البنية التحية المائية من خلال فرض القيود على الواردات من مواد البناء الأساسية. يضر الاحتلال الإسرائيلي بالزراعة الفلسطينية من خلال سرقة الأراضي والتحكم في الكثافة السكانية.
لا تملك السلطة الفلسطينية ولايةً سيادية على مواردها الطبيعية أو مساحات شاسعة من أراضيها، ولا تملك الإرادة السياسية المستقلة لتقرر طريقة إدارة المخاطر المناخية، إلا أن المفارقة، أنها مطالبةٌ بالتصدي للتغير المناخي، وهذا يجعل جهود السلطة المبذولة للتكيف مع تغير المناخ غير مؤثرة وذات نتائج عكسية.
وهكذا يُفضي الاحتلال الإسرائيلي إلى سياسات لا يمكن تكييفها تُضعف جاهزية الفلسطينيين للصمود أمام تهديد التغير المناخي. وفي المقابل، تتمتع إسرائيل بقدرة جيدة على التكيف مع آثار التغير المناخي ولهذا فإنها أقل عرضةً للتأثر والتضرر.
توصيات سياساتية
1. على المجتمع الدولي أن يمارس الضغط على إسرائيل لمعاقبة عنف المستوطنين الذي يضر بالشعب الفلسطيني وممتلكاته، ولوضع حد لتوسع المستوطنات.
2. ينبغي للسلطة الفلسطينية أن تمكِّن وتشجِّع الزراعةَ المستدامة، والزراعة الإيكولوجية، والاقتصاد التعاوني الذي بوسعه تحقيق قدرة على التكيف أكثر استدامة.
3. ينبغي للسلطة الفلسطينية والمنظمات الشريكة أن تعمل من أجل تنسيق عملية جمع المعلومات ذات الصلة بالمناخ وتحليها ومشاركتها. وينبغي أن تولي الأولوية لوضع السياسات التي تحد من مخاطر الكوارث الطبيعية.
4. ينبغي للجهات المانحة الدولية أن تعمل مع المجتمع المحلي لتمويل مشروعات تستهدف التصدي لآثار التغير المناخي أو الحيلولة دون وقوعها. غير أن التدخلات المنصبة على إنهاء الاحتلال لها أهميةٌ قصوى.
5. ينبغي مشاركة الأساليب والتكنولوجيا الإسرائيلية المتقدمة في مجال القدرة على التكيف مع أصحاب المصلحة الفلسطينيين.