اقرأ/ي الورقة كاملةً
ملخص تنفيذي
الخرائط والتكنولوجيا والممارسات المكانية لإنهاء الاستعمار في فلسطين
تُستَخدم ممارسة رسم الخرائط منذ زمن بعيد في فلسطين/إسرائيل كأداةٍ لبسط النفوذ وفرض الإمبريالية ونزع ملكيات السكان الأصليين، حيث دأبَ رسامو الخرائط الصهاينة (ولاحقاً الإسرائيليون)، منذ زمن الانتداب وحتى وقتنا الحاضر، على تسخير الخرائط لطمس المعالم المادية والجغرافية والاجتماعية الشاهدة على ارتباط الفلسطينيين بأرضهم وحيازتهم لها.
أنتجت القوى الاستعمارية إبان الانتداب البريطاني سلسلةً من الدراسات المسحية المفصَّلة لأغراض التخطيط العسكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي. ونادرًا ما تضمنت الخرائط توزيعَ السكان العرب الأصليين الجغرافي في فلسطين ونشاطَهم. غير أن اللغة الجغرافية المستخدمة فيها كانت تتكون بالكامل تقريبًا من أسماء عربية مكتوبة بحروف لاتينية.
أخذت الخرائط الصهيونية في الانتشار عقب انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل سنة 1897 وعليا الأولى، أي موجة المهاجرين اليهود الأوروبيين الأولى في الفترة بين 1881 و1903، وكانت الكثير من تلك الخرائط تحوي علامات طوبغرافيةً ودينية مصممة لإعادة رسم الخريطة على غرار الدولة الصهيونية المقترحة.
انبرت دولة إسرائيل الوليدة، بعد نكبة 1948، إلى استخدام العبرية بدلًا من العربية في الخريطة القومية كوسيلة من وسائل بناء الدولة الصهيونية. ولا تزال الخريطة العبرية ممارسةً من ممارسات تشكيل الدولة، وهي وثيقةٌ شاهدة على الاستعمار الصهيوني الذي تتجلى آيديولوجيته في الممارسات المكانية للدولة الإسرائيلية.
واليوم، فإن قانون كايل-بينجامان الذي يحظر تداول صور الأقمار الصناعية الملتقطة لفلسطين/إسرائيل بدقة وضوح عالية من خلال منع مشغلي الأقمار الصناعية وتجار التجزئة داخل الولايات المتحدة من بيع أو نشر صور فلسطين/إسرائيل بدرجة وضوح أعلى من تلك الصور المتوفرة في الأسواق خارج الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تواطؤ شركات التكنولوجيا في تعزيز السيطرة المكانية الإسرائيلية على حساب الفلسطينين - مثل قيام شركة جوجل بتصميم خرائطها لخدمة الإسرائيليين والمستوطنين غير القانونيين - يُمثِّل فرصةً مهدورة لاستخدام التقدم التكنولوجي في رسم الخرائط بطريقة ديمقراطية وتشاركية.
غير أن بالإمكان استخدامَ التكنولوجيا كأداةٍ لوضع تصور ملموس لحق العودة. فالخرائط التاريخية المفصلة والصور عالية الوضوح غير الخاضعة للرقابة، مثلًا، تسمح للفلسطينيين بتصنيف بقايا القرى والبلدات المدمرة إبان النكبة وفهرستها. وتقدِّمُ هذه الصور دليلًا ملموسًا على التعديات الاستعمارية المستمرة على الأرض الفلسطينية، وتتيح للفلسطينيين تصورَ واقع بديل.
وبالنسبة إلى الفلسطينيين الرازحين تحت أحكام القانون العرفي في الأرض الفلسطينية المحتلة أو تحت الحصار في قطاع غزة، فإن تطبيقات الخرائط السائدة، برغم التكنولوجيا التي تتيح فُسحةً لدمقرطة الممارسات المكانية، لا تُظهر الواقع المعزول على الأرض أو ما ينطويه من قيود وتداعيات على حركة الفلسطينيين، الذين يواصلون هُم وحلفاؤهم العملَ على مقاومة الخرائط الاستعمارية وتفنيدها من خلال الخرائط المضادة.
وفيما يلي خطوات ملموسة أخرى يمكن اتخاذها للمضي قدمًا:
- ينبغي أن تُسمى فلسطين في خرائط جوجل بحسب ما نص عليه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، وذلك كما يوصي المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة).
- ينبغي أن يظهر الوضع الدولي للقدس على خرائط جوجل كما أقرّها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181. ويجب على خرائط جوجل أن تحدد المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية المشيَّدة على أرض محتلة وأن تشير إليها بهذه الصفة وفقًا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 55 من لائحة لاهاي.
- ينبغي لجوجل أن تميِّز بوضوح بين المناطق (أ) و(ب) و(ج) في الضفة الغربية، وأن تُبيِّن معوقات الحركة والطُرق المحظورة.
- ينبغي لجوجل أن تحدد مواقع القرى الفلسطينية "غير المعتَرف بها" داخل إسرائيل وكذلك القرى الفلسطينية في المنطقة (ج).
- ينبغي للولايات المتحدة أن تُلغي قانون كايل-بينجامان، وأن تساوي مزودي صور الأقمار الصناعية الأمريكيين بغيرهم. فهذا من شأنه أن يسمح لمشغلي الأقمار الصناعية بنشر صور عالية الوضوح لإسرائيل/فلسطين على منصات مفتوحة وشعبية. ومن شأنه أيضًا أن يمكِّن علماء الآثار والباحثين والعاملين في المجال الإنساني من توثيق التغيرات على أرض الواقع بدقة، وأن يُعزز الفرصة لمساءلة الاحتلال الإسرائيلي.
- ينبغي للمجتمع المدني الفلسطيني أن يروِّج الخرائط المضادة ويُشجِّع استخدامها كبديل للخرائط المعاصرة الناقصة. وفي الوقت نفسه، ينبغي للمجتمع المدني الفلسطيني وحلفائه أن يركزوا جهودهم على ممارسة الضغط على: (1) الحكومة الأمريكية لإلغاء قانون كايل-بينجامان، و(2) جوجل لتنفيذ التغييرات المبينة أعلاه.