النقاط الرئيسية
- الخلط بين حماس وداعش يخدم مصالح إسرائيل وبعض الحكومات العربية بينما يُغفِل الفروقات السياسية والفقهية بينهما.
- ترفض داعش الديمقراطية برمتها، أمّا حماس فتشارك في الانتخابات وفي حكومات ائتلافية تضم أحزابًا مسيحية ويسارية وعلمانية.
- حثّت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي على رفع اسم حماس من قائمة الإرهاب لانعدام الأدلة.
- على القيادة الفلسطينية والقيادات العربية ألا تدعم الجهود الرامية إلى ربط حماس بداعش لأن إقصاء الإسلاميين المعتدلين في فلسطين قد يدفع إلى التطرف.
مكاسب سياسية قصيرة الأجل
يتجاهل الخالط بين حماس وداعش حقيقةَ أن البيئة السياسية الفلسطينية معنونة بالاحتلال، بينما البيئة السياسية التي شهدت بروز داعش معنونة بالسلطوية والاستبداد، وبالنزاعات المذهبية والدينية. غير أن المسألة بالنسبة لإسرائيل هي محاولة استثمار قد تنجح إقليمياً ودولياً، فكثير من وسائل الإعلام العربية لا تتورّع عن التعريف بهذا التنظيم الإرهابيّ باسم "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام"، في حين تتبنى وسائل إعلامية غربية كثيرة الرواية الإسرائيلية دون فحص مصداقيتها.
الموقف الرسمي المصري في عهد عبد الفتاح السيسي يدعي أن حماس تتعاون مع الجماعات الجهادية في سيناء، وهي الرواية ذاتها التي تطرحها إسرائيل ويتبناها الإعلام الإسرائيلي. ومع ذلك فإن أي صلات تقيمها حماس بهذه الجماعات تقتصر على تأمين احتياجات قطاع غزة الذي تحاصره مصر وإسرائيل. ومن الأهمية بمكان أن نفنِّد هذه الرواية عن إحدى أكبر الحركات السياسية الفلسطينية، فإقصاء الإسلاميين المعتدلين من الحياة السياسية يحتمل خطراً يتمثل في دفع المجتمع الفلسطيني ليصبح بيئة حاضنة للتشدّد.
الفوارق العقائدية
تصنّف حماس كحركة إسلامية وسطية تعتبر امتداداً لتيار الإخوان المسلمين، ولديها مرجعيتها الفقهية العقلانية، في حين تتبنى داعش نهجاً نصوصياً خالصاً بعيداً عن العقلانية. وعليه، فإنّ حركة مثل حماس بالنسبة لداعش والتيارات التكفيرية عموماً هي حركة علمانية غير إسلامية، فحماس لا تسعى إلى إنشاء دولة إسلامية، إنما هي حركة مقاومة ضدّ الاحتلال بمرجعية إسلامية معتدلة.
تدين حماس تهديدات داعش وتعتبرها جزءًا من حملة تشويه وعداء لحماس تتجاوز فلسطين. وقد تعاملت حماس فعلاً مع مثل تيار داعش بشكل أمنيّ حاسم، ففي آب/أغسطس من العام 2009، حاصرت القوى الأمنية مسجد ابن تيمية في غزة حيث أعلنت جماعة "جند أنصار الله" المسلحة عن تأسيس الإمارة الإسلامية في غزة، وحين رفضت المجموعة الاستسلام، قامت حماس بالقضاء على مشروع الإمارة في مهده، وقتلت كل أعضاء المجموعة بهدف استئصال التطرف من قطاع غزة.
الموقف من فكرة الدولة
تختلف حماس وداعش في موقفهما من الدولة الحديثة. ففي حين تقول حماس إنها وصلت إلى حد القبول الكامل بالديمقراطية والدولة المدنية، فإن داعش ترفض الديمقراطية وكل أشكال المشاركة فيها، وتعتبرها نظام حكمٍ كافر، وكلَّ مَن يشارك في الانتخابات كافر سواء من الحركات أو الأفراد.
وبالنسبة لحركة حماس، اتخذت موقفاً في عام 1996 بألا تشارك في انتخابات السلطة الفلسطينية، لكن هذا الموقف لم يكن مبنياً على معتقدٍ يحرّم الانتخابات، وإنّما على موقف سياسي وأيديولوجي من اتفاقية أوسلو، وحين تبدّلت الظروف وأصبح اتفاق القاهرة لعام 2005 هو المرجعية لانتخابات السلطة الفلسطينية بدلاً من أوسلو، قرّرت حماس المشاركة ورشّحت إلى المجلس التشريعي العديد من أعضائها وبعض المستقلين ضمن قائمة أسمتها التغيير والإصلاح حصلت على أعلى نسبة أصوات. ودعت حماس كذلك إلى تشكيل حكومات ائتلافية بمشاركة أحزاب يسارية وعلمانية، وضمّت حكومتها كما قائمتها البرلمانية شخصيات نسوية عديدة، وضمّت حكومتها الأولى وزراء مسلمين ومسيحيين.
التناقض في معاملة الآخر
أهم ما يميز حماس عن داعش هو موقفها من أتباع الديانات الأخرى. استخدمت حماس حين نشرت ميثاقها في مرحلة النشوء مفردات دينية لوصف حالة الصراع، ولكنها وضعت هذا الميثاق جانباً ولم تعد تعتبره مرجعيتها.
ولا يمكن اعتبار انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها حكومة غزة مؤشراً على تشابه حماس مع داعش، وإنما مؤشر على سوء الحكم. وقد استنكرت القيادة السياسية لحركة حماس هذه الانتهاكات عند وقوعها، مثل تلك التي ارتكبتها وزارة الداخلية في عهد فتحي حماد.
التقدم على صعيد العلاقة بحركة حماس
جاء إدراج حماس في قائمة الإرهاب بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 رغم أن لا صلة لها بتاتاً بتلك الهجات الإرهابية. ويتجلى الطابع السياسي للموقف ضد حماس في القرار الذي أصدرته المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي في 17 كانون الأول/ديسمبر 2014 والذي يحث على رفع اسم حماس من قائمة الإرهاب، حيث قالت المحكمة إن قرار إدراجها عام 2003 في القائمة استند إلى تقارير إعلامية وليس إلى دليل جازم.
على الحركات الفلسطينية ألا تسمح للخلاف مع حماس أن يتحوّل إلى مبرّرٍ لاتهامها بما يسيء إلى القضية الفلسطينية عالمياً وبما يوتّر الساحة الداخلية. وعلى حماس أن تدرك أنّ الفوارق بينها وبين داعش لا تعني أنّ حكمها لغزّة خالٍ من التجاوزات والانتهاكات لحقوق الإنسان، وهو ما يحتّم عليها أن تراجع الكثير من السلوكيات، وأن تكون أكثر حذراً في خطابها السياسي. وختامًا، فإن عدم التصدي للجهود الرامية إلى ربط حماس بداعش يهدد استقرار المجتمع الفلسطيني على المدى المتوسط والبعيد.