نفَّذت إسرائيلُ في الأشهر الأخيرة سلسلةً من المحاولات الدؤوبة لضم المستوطنات المتاخمة للقدس. وبفضل اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل، طرحت حكومة بنيامين نتنياهو الحالية بكل وقاحة عددًا كبير من المخططات والقرارات ومشاريع القوانين لجعل تلك المحاولات واقعًا. ووافق السياسيون والإداريون والمخططون الإسرائيليون على تشييد آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات الواقعة في القدس ومحيطها وفي عمق الأرض الفلسطينية المحتلة. فتأمين أغلبية ديموغرافية وتوسيع المستوطنات هو جزء من المخطط الإسرائيلي الأشمل الهادف إلى ضم الضفة الغربية.
دأبت إسرائيلُ منذ 1967على الحد من سلطة الفلسطينيين وقدرتهم على التملك والسكن في منطقة القدس، وعكفت في الوقت نفسه على زيادة أعداد الإسرائيليين اليهود وتعزيز سطوتهم. وفي حين لا تزال القدسُ الأرضَ الفلسطينية الوحيدة المضمومة رسميًا منذ 1967، ما برحَ تيار اليمين القومي في إسرائيل يدعو إلى ضم الأرض الفلسطينية المحتلة كلها.
يهدف مشروعُ قانون القدس الكبرى الذي طُرح في 2017 إلى ضم مجموعة مستوطنات تقع بين القدس والخليل. إن لتنفيذ مشروع القانون، أو أي نسخة منه، عاقبتان خطيرتان: الأولى فصلُ الفلسطينيين عن عاصمتهم، القدس، وتهويد المدينة ديموغرافيًا ومكانيًا؛ والثانية استعمارُ أضيق نقطة في الضفة الغربية، الأمر الذي يستحيل معه قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.
تتوقف هاتان النتيجتان على الضم المقترح لمستوطنة معاليه أدوميم وشريط الأرض الذي يربطها بالقدس المعروف باسم منطقة E1. يهدف ضمّ المنطقة E1 إلى إدخال معاليه أدوميم رسميًا في كنف القدس، وسوف يتسبب في تشريد البدو المقيمين على تلك الأرض منذ أجيال، حيث سيُنقل معظمُهم إلى ثلاث بلدات، مما سيفرض نمطَ حياةٍ غريب على هؤلاء البدو ووجودهم البدوي.
وعلاوةً على ذلك، تجري التحضيرات لضم الضفة الغربية على قدمٍ وساق، كما يتجلى في القرار غير الملزم الذي أقرته اللجنة المركزية لليكود بالإجماع في 1 كانون الثاني/يناير 2018، والذي يطالب نتنياهو وقادة الحزب والساسة "بإنفاذ قوانين إسرائيل وسيادتها على كافة مناطق المستوطنات اليهودية المحررة في يهودا والسامرة" - وهو الاسم الذي يُطلقه القوميون المتدينون على الضفة الغربية.
توصيات
- يجب على الدول الأخرى من غير الولايات المتحدة والهيئات الدولية أن تمارسَ ضغطًا دبلوماسيًا على الحكومة الإسرائيلية لتضمن أن أي مشروع قانون للضم سوف يكلفها غاليًا. ويجب على حركة التضامن مع فلسطين وحلفائها أن يعززوا جهودَهم في التحذير من قربِ المشروع الاستيطاني الإسرائيلي من بلوغِ نقطة اللاعودة وذلك من خلال حملاتهم الحالية والمستقبلية التي تستهدف واضعي السياسات.
- ينبغي للاتحاد الأوروبي ألا يقتصر على إصدار الإدانات المبتذلة حين تُصادَر إسرائيلُ مساعداته الإنسانية أو تتلفها وهي في طريقها إلى المجتمعات المستضعفة، بل يجب أن يحاسبها من خلال الضغوط الدبلوماسية، كالاعتراف بالدولة الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، ينبغي لحركة التضامن مع فلسطين أن تجد سبلًا لممارسة الضغط على الاتحاد الأوروبي وحثه على الالتزام بقواعده والتزاماته بموجب القانون الدولي.
- ينبغي للسلطة الفلسطينية أن تقول صراحةً إن تنفيذ مشروع قانون الضم هو خطٌ أحمر، وسيتسبب في حال إقراره في إنهاء أشكالِ التعاون كافة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. ومن شأن وجود حركة شعبية منظمة أن تضغط على السلطة الفلسطينية وأن تشدَّ على يدها في الوقت ذاته.
- ينبغي للسلطة الفلسطينية أن تضعَ رؤيتها المكانية الخاصة بها للمنطقة الواقعة بين القدس ومعاليه أدوميم، مدعومةً بحقائق تؤكد أهمية المنطقة لإمكانية قيام دولة فلسطينية مستقبلية.