بينما تُسارع إسرائيل في مشروعها الاستيطاني الاستعماري، تزداد أهمية الفصل العنصري كإطار لفهم نظام الحكم الإسرائيلي في فلسطين التاريخية وتحديه. الفصلُ العنصري هو جريمةٌ ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي ويمكن محاسبة الدول عن أفعالها في هذا السياق. غير أن القانون الدولي محددٌ بقيود. ومن أجل إحقاق العدالة والمساواة للفلسطينيين، لا بد من الاعتراف بالفصل العنصري كنظامٍ للرأسمالية العنصرية وليس كنظام للتمييز العنصري القانوني فقط.
- لا يوفر التعريف القانوني للفصل العنصري، باقتصار تركيزه على النظام السياسي، أساسًا قويًا لنقد الجوانب الاقتصادية للفصل العنصري، ويمهد الطريق لمستقبل زاخرٍ بالتمييز الاقتصادي في مرحلة ما بعد الفصل العنصري.
- انخرط السود في جنوب أفريقيا في عقدي السبعينات والثمانينات في حوارات لفهم نظام الفصل العنصري الذي كانوا يحاربونه. وبينما حاجج المؤتمر الوطني الأفريقي وحلفاؤه بأن الفصل العنصري هو نظام هيمنة عنصرية، وأن الكفاح ينبغي أن يتركز على القضاء على السياسات العنصرية والمطالبة بالمساواة بموجب القانون، رفض الراديكاليون السود هذا التحليل، وخرجوا بتعريف جديد يعامل الفصل العنصري كنظام "للرأسمالية العنصرية."
- أُلغي الفصل العنصري المقنن في 1994 واكتسب السود في جنوب أفريقيا المساواة بموجب القانون. غير أن العملية الانتقالية في جنوب أفريقيا لم تعالج هياكل الرأسمالية العنصرية. وأدت إعادة الهيكلة النيوليبرالية إلى ظهور نخبة صغيرة من السود وتنامي الطبقة الوسطى السوداء، ولكن النخبة البيضاء القديمة ظلت تسيطر على معظم الأراضي والثروة في جنوب أفريقيا. وتُعدُّ جنوب أفريقيا الخارجة من الفصل العنصري من أكثر بلدان العالم انعدامًا في المساواة.
- يُغفل منتقدو الفصل العنصري الإسرائيلي محدوديةَ التحول في جنوب أفريقيا إلى حد كبير. وبدلا من معاملة الفصل العنصري كنظام رأسمالي عنصري، تعتمد معظم الانتقادات على التعريف القانوني الدولي للفصل العنصري باعتباره نظامًا للهيمنة العنصرية.
- ما تزال فلسطينُ التاريخية بأكملها تخضع للحكم الإسرائيلي الذي يقوم على تشتيت السكان الفلسطينيين. وقد استطاعت إسرائيل بفضل إعادة الهيكلة النيوليبرالية أن تنفذ استراتيجيتها الاستعماريةَ الجديدة بتقليل اعتمادها على اليد العاملة الفلسطينية، وهندسة عملية التخلص من السكان الفلسطينيين.
- تبنت السلطة الفلسطينية منذ العام 2007 برنامجًا اقتصاديًا نيوليبراليًا صارمًا يدعو إلى تقليل عدد العاملين في القطاع العام وتوسيع استثمارات القطاع الخاص. وبالرغم من هذه الخطط، لا يزال القطاع الخاص ضعيفًا ومجزأً.
توصيات سياساتية
- فهم الفصل العنصري الإسرائيلي كشكلٍ من أشكال الرأسمالية العنصرية. وهذا بوسعه أن يساهم في تعزيز الحركات العاملة سويًا ضد الفصل العنصري النيوليبرالي العالمي.
- مواصلةُ النقاشات حول الديناميات العملية لعودة الفلسطينيين. وهذا لن يجلب الاهتمام إلى الحقوق السياسية وحسب بل أيضًا إلى القضايا الصعبة المتمثلة في إعادة توزيع الأراضي والهيكل الاقتصادي.
- تحويل الخطاب السياسي في فلسطين من الاستقلال إلى إنهاء الاستعمار. وهذا سيحول دون أن ينتهي المطاف بحركة التحرر إلى إنشاء دولةٍ مستقلة تحكمها نخبةٌ قومية تحاكي القوة الاستعمارية.