14816146584_e032d0588d_k

ملخص تنفيذي

يبذل مشرِّعون وجماعات مصالح في جميع أنحاء الولايات المتحدة جهودًا مكثفة لحماية إسرائيل من المساءلة عن جرائم الحرب والاحتلال والفصل العنصري على حساب حقوق دعاة التضامن مع فلسطين في حرية التعبير والمقاطعة السياسية بموجب التعديل الدستوري الأول. ولهذه الجهود عواقب وتداعيات واسعة النطاق، حيث إن قوانين مناهضة المقاطعة لا تحد وحسب من المساحات المتاحة للتضامن مع فلسطين، بل تمثل الخطوة الأولى في حملة أوسع للنيل من الضمانات الدستورية المصممة لحماية حقوق المواطنين الأمريكيين في الدفاع عن العدالة. ولذلك، لا بد للمواطنين الأمريكيين أن يأخذوا زمام الأمور بأيديهم للدفاع عن حقوقهم الدستورية. توصي هذه الورقة السياساتية بخطوات عديدة ينبغي اتخاذها في سبيل ذلك.

صدرت في 34 ولاية، لغاية تشرين الأول/أكتوبر 2022، مشاريعُ قوانين وقراراتٌ تنفيذية مصممة لمعاقبة المشاركين في حملات مقاطعة إسرائيل، وباتت سارية على ما يزيد على 250 مليون مواطن أمريكي. وفي عام 2018، رفعت صحيفة ذي آركنسا تايمز، وهي صحيفة محلية مقرها في ليتل روك، دعوى قضائية ضد ولاية آركنسا بعد أن سُحب منها عقد إعلاني مع إحدى الجامعات عقابًا للصحيفة لرفضها التخلي عن حقها في مقاطعة إسرائيل. وفي تموز/يوليو 2022، حكمت محكمة الدائرة الثامنة، وهي أعلى محكمة تنظر في القضية، ضد الصحيفة، ومنعتها حقَّها في المقاطعة. وهذا الحكم، الملزم لولايات آركنسا وأيوا ومينيسوتا وميسوري ونبراسكا ونورث داكوتا وساوث داكوتا، هو نذير لِما قد يأتي.

يُمثل النظام الإسرائيلي رأس حربة في حملة الانتشار المستمر لمشاريع قوانين مناهضة المقاطعة، الذي وصفته منظمة هيومن رايتس ووتش مؤخرًا بأنه "جزء من حملة عالمية متنامية" ضد المدافعين عن حقوق فلسطين. فعلى مدار السنوات الأخيرة، نجحت إسرائيل في القفز على قوانين التدخل الأجنبي الأمريكية من خلال إنشاء منظمات غير حكومية تقوم من خلالها بتحويل ملايين الدولارات إلى جماعات أمريكية لتدعو بعد ذلك إلى سنّ تشريعات مناهضة لحركة المقاطعة. ولكن النظام الإسرائيلي ليس بمفرده. فالحرب على حملات مقاطعة إسرائيل يقودها المشرِّعون الرجعيون ومجموعات المصالح المنخرطة بلا كلل في تقويض مبادئ الديمقراطية السليمة. والجهود المبذولة لمنع الحق في المقاطعة ليست حكرًا على حزب دون الآخر، بل يمارسها كلا الحزبين، الديمقراطي والجمهوري.

يستطيع القضاء أن يضطلع بدورٍ فعّال في التصدي لمحاولات تقييد الحقوق المحمية دستوريًا، بيد أن على المواطنين الأمريكيين ألا يعتمدوا على القضاء وحده لحماية الحريات المدنية. فبالرغم من أن 59 فقط من أصل 261 مشروع قانون مناهض للمقاطعة أُجيز على المستوى الولائي والمستويات المحلية، إلا أن اللوبي المؤيد لإسرائيل آخذٌ بالتكيف. وطالما ظلت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات تتعرض للهجوم، فإن الحق في ممارسة المقاطعة كأداة للدعوة والمناصرة في إطار طائفة من القضايا سيظل يتعرض لهجوم. أي أن الحملة المستمرة على حرية المقاطعة لها تداعيات أوسع حتى على المواطنين الأمريكيين الذين لا يدعمون حركة المقاطعة.

بل إن ولايات عديدة استخدمت بالفعل تشريعات مناهضة المقاطعة لاستنساخ "قوانين مقلدة" من شأنها أن تُجرِّم المقاطعة وأشكال الاحتجاج، مثل منع الشركات من مقاطعة صناعات الوقود الأحفوري والأسلحة. منذ عام 2017، سَنَّت 38 ولاية قوانين مناهضة للاحتجاج، غالبًا كردة فعل على حركة حياة السود مهمة والمتظاهرين البيئيين. وتزيد القيود المشددة المفروضة على التصويت في الولايات المتذبذبة الرئيسية من الصعوبة التي يواجهها المواطنون الأمريكيون في أداء واجبهم المدني. ونتيجة لذلك، يُستَهدفُ الناشطون السود وغيرهم من المجتمعات المحرومة بشكل غير متناسب.

إن الاستعداد للدوس على حقوق الفلسطينيين وحلفائهم يفتح الباب أمام هجوم أكبر على المجتمع المدني والمبادئ الأساسية للديمقراطية السليمة. ولذلك فإن من الضرورة بمكان زيادة الوعي وتعبئة التحركات الشعبية الهادفة إلى الضغط على المشرعين وتطوير ضوابط أقوى لهذا النظام المعيب. وعلى وجه التحديد:

  • ينبغي لأعضاء الكونجرس أن يضطلعوا بواجبهم الدستوري في الدفاع عن حقوق المواطنين الأمريكيين، بما فيها الحق المكفول بموجب التعديل الأول في المشاركة في المقاطعات السياسية. وهذا يقتضي التصويت ضد مشاريع القوانين الفيدرالية المناهضة للمقاطعة.
  • ينبغي للناشطين والمدافعين عن الحقوق المدنية والمواطنين الغيورين أن يتصلوا بممثليهم للتعبير عن معارضتهم للقوانين التي تقيد حقهم في المقاطعة. وينبغي أن يبينوا لهم الطبيعة المتداخلة لهذا الاعتداء السافر على حرية التعبير الاجتماعي والسياسي، والتنظيم مع المجموعات الأخرى المتضررة بالتشريعات المستنسخة.
  • بالنظر إلى أن العمال في الولايات المتحدة آخذون بالانضمام إلى الاتحادات والنقابات بوتيرة غير مسبوقة منذ عقود، فإنه ينبغي لمنظمات المجتمع المدني أن تعمل على إعداد النقابيين، قادةً وأعضاء، للتعبئة الجماعية ضد محاولات أرباب العمل لإلغاء الحقوق المحمية دستوريًا. فينبغي إعداد الدورات التدريبية وتقديم الإحاطات لقادة النقابات لدمج حق المقاطعة صراحةً في مطالبهم العمالية وتقديم الدعم للعمال الفلسطينيين أو المؤيدين لفلسطين الذين يُستَهدَفون بسبب مشاركتهم في المقاطعات أو غيرها من أشكال الاحتجاج السياسي.
  • ينبغي للناشطين والأكاديميين والمنظمات غير الحكومية تنسيق الجهود لإنتاج مواد إعلامية للحملات العامة التي تهدف إلى زيادة الوعي العام وتزويد المواطنين الأمريكيين بأدوات للدفاع عن حقوقهم المحمية دستوريًا.

نظرة عامة

يبذل مشرِّعون وجماعات مصالح في جميع أنحاء الولايات المتحدة على جهودًا مكثفة لحماية إسرائيل من المساءلة عن جرائم الحرب والاحتلال والفصل العنصري، وذلك من خلال تقييد حقوق المتضامنين مع فلسطين في حرية التعبير والمقاطعة السياسية بموجب التعديل الدستوري الأول. فقد أيَّدت محكمة استئناف الدائرة الثامنة في حزيران/يونيو 2022 قانونًا أصدرته ولاية آركنسا يعاقب المتعاقدين مع الولاية الذين يقاطعون إسرائيل. ومنذ عام 2014، تبنت عشرات الولايات قوانين مماثلة مصممة لمعاقبة الأفراد والشركات الذين يرفضون التعامل مع المتنفعين من الاحتلال الإسرائيلي. وتسعى دون كلل لإسكات دعوات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات الضاغطة على إسرائيل لكي تمتثل للقانون الدولي.1

الرسالة إلى مواطني الولايات المتحدة واضحة: إذا اتخذتم أي إجراء لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، فسوف تدفعون الثمن. فالعواقب والتداعيات واسعة النطاق، حيث إن قوانين مناهضة المقاطعة لا تحد وحسب من المساحات المتاحة للتضامن مع فلسطين، بل تمثل الخطوة الأولى في حملة أوسع للنيل من الضمانات الدستورية المصممة لحماية حقوق المواطنين الأمريكيين في الدفاع عن العدالة. وبعد قرار محكمة الدائرة الثامنة في آركنسا، بات من المتوقع الآن أن تُحال القضية إلى المحكمة العليا، الأمر الذي يمهد الطريق لحكمٍ ستكون له تداعيات مهمة وطويلة الأجل على حق مواطني الولايات المتحدة في الانخراط في أي نوع من المقاطعة القائمة على دوافع سياسية وفي الدعوة إلى التغيير.

تبين هذه الورقة السياساتية سياق التوجه الأخير على صعيد التشريعات الأمريكية المناهِضة للمقاطعة ضمن الحملة المنسقة الهادفة لقمع حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في ضوء فاعليتها المتنامية. وتبين كيف أن القوى الرجعية، باستهدافها حقَّ المقاطعة، تعمل على تقويض قدرة المواطنين الأمريكيين على الاستفادة من حقوقهم المعهودة والمحمية دستوريًا في المطالبة بالعدالة والتغيير السياسي في الداخل والخارج. ولا بد للمواطنين الأمريكيين، بالنظر إلى التهديد الذي يفرضه على حقِّهم في المقاطعة النظامُ القضائي المتنامي في صبغته المحافِظة والحزبية، أن يأخذوا زمام الأمور بأيديهم للدفاع عن حقوقهم الدستورية. وتوصي هذه الورقة السياساتية بخطوات عديدة ينبغي اتخاذها في سبيل ذلك. 

تشريعات مناهضة المقاطعة: السياق الوطني في الولايات المتحدة 

صدرت في 34 ولاية، لغاية تشرين الأول/أكتوبر 2022، مشاريعُ قوانين وقراراتٌ تنفيذية مصممة لمعاقبة المشاركين في حملات مقاطعة إسرائيل، وباتت سارية على ما يزيد على 250 مليون مواطن أمريكي. وتلك القوانين سخيفة بقدر ما هي مقلقة. ففي عام 2017، منع المسؤولون في ولاية تكساس أموالَ الإغاثة من كوارث الأعاصير عن الرافضين التنازلَ عن حقهم في المشاركة في حركة المقاطعة، ولم يتراجع هؤلاء المسؤولون عن قرارهم باعتباره إساءةً لتطبيق القانون إلا بعد مواجهة ضغوط من الرأي العام. وفي 2018، رفعت بهية عماوي، وهي مختصة في أمراض النطق للأطفال في تكساس، دعوى قضائية ضد الولاية بعد أن فقدت وظيفتها لرفضها التعهد بأنها “لن تقاطع إسرائيل” والمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية. 

يُجبِر المدافعون عن النظام الإسرائيلي المواطنين الأمريكيين، سواء من خلال منع العقود الحكومية عن مؤيدي حركة المقاطعة أو التهديد بقطع العلاقات مع وكالات الاستثمار، على الاختيار بين حقوقهم بموجب التعديل الدستوري الأول وبين قطع أرزاقهم Click To Tweet

وفي السنة ذاتها، رفعت صحيفة ذي آركنسا تايمز، وهي صحيفة محلية مقرها في ليتل روك، دعوى قضائية ضد ولاية آركنسا بعد أن سُحب منها عقد إعلاني مع إحدى الجامعات العامة عقابًا للصحيفة لرفضها التخلي عن حقها في مقاطعة إسرائيل. وفي تموز/يوليو 2022، حكمت محكمة الدائرة الثامنة، وهي أعلى محكمة تنظر في القضية، ضد الصحيفة، ومنعتها حقَّها في المقاطعة. وهذا الحكم، الملزم لولايات آركنسا وأيوا ومينيسوتا وميسوري ونبراسكا ونورث داكوتا وساوث داكوتا، هو نذير لِما قد يأتي.

حالت محاكم المقاطعات الفيدرالية في ولايات أريزونا وجورجيا وكانساس وتكساس دون إنفاذ القوانين المناهضة للمقاطعة الصادرة في هذه الولايات على أساس أنها خطاب قسري غير دستوري وانتهاك للتعديل الدستوري الأول. ولكن بدلاً من نبذ تلك القوانين على أساس أن الحكومة غير محقة في إكراه فرد أو جماعة على تأييد تعبيرات سياسية معينة، فإن العمل جارٍ على تعديل هذه القوانين وإعادة طرحها. فقد عدَّلت ولاياتٌ عدة قوانينَها المناهضة للمقاطعة باستبعاد الأفراد وشركات الأفراد، ولكنها ظلت تشترط على الشركات الكبرى التي تفوق تعاملاتها التجارية مع الولاية 100,000 دولار أن تستوفي متطلبات مناهضة المقاطعة. 

وضعَ المشرِّعون في الولاية أعباءَ ماليةً على الشركات المتهمة بمقاطعة إسرائيل من خلال وضع قوائم سوداء وسحب استثمارات صناديق التقاعد. وتطال الجهود المبذولة لاستثناء إسرائيل من احترام معايير حقوق الإنسان المطبقة عالميًا مجالَ الاستثمار المستدام وحوكمة الشركات. ففي أيلول/سبتمبر 2022، انضم أمين صندوق ولاية كارولينا الجنوبية إلى قائمة متزايدة من المسؤولين المُهدِّدين بقطع العلاقات مع شركة مورنينغ ستار الاستثمارية التي يبلغ رأسمالها مليارات الدولارات بسبب مزاعم تفيد بأن تصنيفها القائم على برنامجها المسمى سَستيناليتيكس لتحليل الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمية متحيز ضد إسرائيل. فقد أثبت نظام التصنيف البيئي والاجتماعي والحوكمي الذي يقيِّم الممارسات الأخلاقية للشركات بما في ذلك معاييرها البيئية وممارساتها العمالية بأنه جزءٌ أساسي في مساءلة الشركات بغض النظر عن مكان عملها. وقد أشار برنامج سَستيناليتيكس إلى انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان الموثقة في تقييماته التي قدمها للمستثمرين. 

ولمواجهة الضغوط المتزايدة، استخدمت الشركة لجنةَ مراجعةٍ مستقلةً لإجراء تحقيق شامل في أي تحيز محتمل. وخلصَ التحقيق إلى أنه “لا يوجد تحيز شامل أو منهجي ضد إسرائيل في منتجات برنامج سَستيناليتيكس وخدماته،” ولكن ذلك لم يشفع لنظام التصنيف الذي ظل يواجه حملات لتشويه سمعته. فقد أدان المدعي العام في ولاية ميسوري، إريك شميت، ممارسات مورنينغ ستار بوصفها “استثمارًا بيئيًا واجتماعيًا وحوكميًا متحاملًا”، ورأت أمينة الخزانة في ولاية أريزونا، كيمبرلي يي، أن فكرة تصنيف الشركات الإسرائيلية بحد ذاتها بموجب المعايير نفسها التي تخضع لها سائر الشركات الأخرى هي فكرة معادية للسامية. وكل هذا بالرغم من إصرار رئيس الشركة التنفيذي، كونال كابور، مرارًا وتكرارًا على أن شركته لا تدعم حركة المقاطعة وأن تقييم الاستدامة “سَستيناليتيكس” ليس سوى تنبيه للمستثمرين، وليس دعوةً لهم للمقاطعة. 

ومنذ ذلك الحين، رضخت مورنينغ ستار لضغوط اللوبي المؤيد لإسرائيل، وتبنت مجموعة من الإجراءات المعادية للفلسطينيين بما فيها الامتناع عن الإشارة إلى الضفة الغربية على أنها “محتلة” وعن الاعتماد على التقارير الصادرة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ومن الواضح أن اللوبي المؤيد لإسرائيل يعتقد بأن الشركات الإسرائيلية لا ينبغي أن تخضع للمعايير الحقوقية والعمالية والبيئية التي تخضع لها سائر الشركات. وهكذا، يُجبِر المدافعون عن النظام الإسرائيلي المواطنين الأمريكيين، سواء من خلال منع العقود الحكومية عن مؤيدي حركة المقاطعة أو التهديد بقطع العلاقات مع وكالات الاستثمار، على الاختيار بين حقوقهم بموجب التعديل الدستوري الأول وبين قطع أرزاقهم.

مَن يقف وراء مشاريع القوانين هذه؟ 

يُمثل النظام الإسرائيلي رأس حربة في انتشار مشاريع قوانين مناهضة المقاطعة، التي وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش مؤخرًا بأنها “جزءٌ من حملة عالمية متنامية” ضد المدافعين عن حقوق فلسطين. فعلى مدار السنوات الأخيرة، نجحت إسرائيل في الالتفاف على قوانين التدخل الأجنبي الأمريكية من خلال إنشاء منظمات غير حكومية تقوم من خلالها بتحويل ملايين الدولارات إلى جماعات أمريكية تدعو إلى سنّ تشريعات مناهضة لحركة المقاطعة. غير أن النظام الإسرائيلي ليس وحده. فالحرب على حملات مقاطعة إسرائيل يقودها المشرِّعون الرجعيون ومجموعات المصالح المنخرطة بلا كلل في تقويض مبادئ الديمقراطية السليمة. 

إن من بين أشدّ المؤيدين لجهود مناهضة المقاطعة في الولايات المتحدة مجموعات المصالح المحافِظة والمنظمات المسيحية الإنجيلية المنخرطة في حملة وطنية لنزع الحريات التي اكتُسبت بشق الأنفس. وعلى سبيل المثال، يقوم مجلس التبادل التشريعي الأمريكي، وهو مشروع محافظ للغاية مدعوم من الأخوين كوتش، بصياغة تشريعات لحكومات الولايات والحكومات الفيدرالية نيابة عن الشركات. وبالإضافة إلى حماية إسرائيل غير المشروطة من المساءلة وصياغة مشاريع قوانين مناهضة للمقاطعة للمشرِّعين المحافظين، تستهدف المجموعات مثل مجلس التبادل التشريعي كذلك التعليم العام والنشاط المناخي وحقوق مجتمع الميم، بموازاة الدفاع عن قوانين “اثبت على موقفك” وحظر نظرية العرق النقدية وإلغاء قرار المحكمة العليا الصادر في حزيران/يونيو 2022 في قضية رو ضد ويد. وفي الوقت نفسه، تعكف مجموعات مثل مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل على تشويه سمعة ناشطي حركة المقاطعة من خلال حملات في الجامعات والكنائس وعبر وسائل التواصل الاجتماعي. تُبرهن هذه التحالفات على أن تأييد إسرائيل في الولايات المتحدة يستتبع أيضًا التواطؤ في جهود المحافظين الرامية لاستدامة تفوق العرق الأبيض، ومنع الحقوق الإنجابية وحقوق مجتمع الميم، وإضعاف الديمقراطية.

تأييد إسرائيل في الولايات المتحدة يستتبع أيضًا التواطؤ في جهود المحافظين الرامية لاستدامة تفوق العرق الأبيض، ومنع الحقوق الإنجابية وحقوق مجتمع الميم، وإضعاف الديمقراطية Click To Tweet

إن الجهود المبذولة لمنع الحق في المقاطعة ليست حكرًا على حزب دون الآخر، بل يمارسها كلا الحزبين، الديمقراطي والجمهوري. ففي 2016، وقّع حاكم نيويورك السابق، أندرو كومو، أمرًا تنفيذيًا يضع الشركات التي ترفض التعامل مع إسرائيل في قائمة سوداء، وقد قالها بصراحة: “إنْ قاطعتَ إسرائيل، فإن نيويورك سوف تقاطعك.” وبعد ثلاث سنوات، شارك السيناتور جو مانشين (ديمقراطي – ويست فرجينيا) في صياغة مشروع قانون مناهضة المقاطعة مع السيناتور ماركو روبيو (جمهوري – فلوريدا)، والذي يهدف إلى توفير غطاء قانوني للقوانين الولائية المناهضة للمقاطعة، ولكنه لم يمر في مجلس الشيوخ. وفي آب/أغسطس 2022، انضم عضو مجلس ولاية نيويورك دان روزنثال إلى 18 جمهوريًا في حملتهم ضد شركة مورنينع ستار على خلفية تنبيهها المستثمرين إزاء سجل إسرائيل في مجال حقوق الإنسان. وفي حين أن أسلوب الدعم غير المشروط لإسرائيل من كلا الحزبين آخذٌ بالاضمحلال، فإن المدافعين عن المؤسسات الديمقراطية لا يزالون يصطفون إلى جانب المحافظين ضد الأصوات التقدمية، سواء في أوساط الناخبين أو الكونغرس. 

حقوق محمية دستوريًا في مهب الريح 

لطالما مارسَ المواطنون الأمريكيون حقَّهم في المقاطعة كوسيلة لإسماع أصواتهم. وقد أثبتت المقاطعات، مثل مقاطعة البضائع المنتجة بالسخرة قبل الحرب الأهلية ومقاطعة الحافلات في مونتغمري سنة 1955 التي دعت إلى إنهاء الفصل العنصري، فاعليتها كوسيلة لتحدي انتهاكات حقوق الإنسان والنضال من أجل التغيير السياسي في الولايات المتحدة. ويُمارَسُ هذا الأسلوب أيضًا ضد الظلم خارج حدود الولايات المتحدة، حيث أثبتت المقاطعات الاقتصادية والثقافية وحتى الأكاديمية نجاعتها في إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. ومع ذلك، يُبدي العديدون عدم تسامحهم الانتقائي والمُقلِق تجاه حق المقاطعة عندما يتعلق الأمر بمحاسبة إسرائيل. 

ينظر الأمريكيون بعمومهم ومسؤوليهم إلى المقاطعات السياسية على أنها مكوِّن أساسي في التعديل الأول وكسابقة قانونية. ففي قضية الرابطة الوطنية لتقدم الملونين ضد شركة كليبورن هاردوير (1982)، وهي القضية التي يُشار إليها على الدوام كسابقة قضائية في هذا الشأن، حكمت المحكمة العليا بأن حق الولاية في تنظيم النشاط الاقتصادي “لا يبرر الحظر التام على المقاطعة غير العنيفة القائمة على أسباب سياسية.” بدأت القضية سنة 1966، عندما نسَّق فرع الرابطة المحلي في مقاطعة كليبورن بولاية ميسيسيبي، حملةً لمقاطعة الشركات المملوكة للبيض، داعيًا الحكومة المحلية وقادة الأعمال إلى تلبية مطالبهم بالعدالة العرقية. وعلى إثر ذلك، رَفعَ أصحاب الشركات البيض المتضررون من المقاطعة دعوى قضائية ضد الرابطة ومنظمي الحِراك لتعويضهم عن الأضرار الاقتصادية التي تكبدوها. 

وبعد فراغ المحاكم الدنيا من النظر في القضية، قضت المحكمة العليا بأن المقاطعة التي نظمتها الرابطة كانت محمية بموجب الدستور لأنها تكونت من عناصر محمية بموجب التعديل الدستوري الأول – وهي الكلام والتنظيم والمناشدة. وأكَّدَ القاضي جون ستيفنز في حكمه على الهدف النهائي للمقاطعة، مشيرًا إلى أن: “الغرض من حملة المناشدين لم يكن تدمير المنافسة المشروعة،” وإنما “الدفاع عن حقوق المساواة والحرية.” وخلصت المحكمة إلى قناعة مفادها بأن الغرض من ممارسة المقاطعة كان تعبيريًا: قائمة بمطالب العدالة العرقية. 

رأت المحكمة العليا في قضية الرابطة ضد شركة كليبورن هاردوير بأن المناشدين سعوا من خلال حريات الكلام والتنظيم والمناشدة إلى “تغيير نظام اجتماعي لم ينفك يعاملهم كموطنين من الدرجة الثانية.” وتبعًا لهذا المنطق، فإن الحق في مقاطعة البضائع الإسرائيلية المنتجة في الضفة الغربية – وهو فعل ينطوي بطبيعته على النشاط السالف الذكر المحمي دستوريًا – يقع كليًا ضمن الحقوق المحمية دستوريًا لمواطني الولايات المتحدة. وفي حين أن المحاكم في أريزونا وجورجيا وكانساس وتكساس أكدت هذا المنطق، إلا أن حكم محكمة الدائرة الثامنة في آركنسا يذكرنا بمدى سهولة إبطال السوابق القضائية. 

فهم حكم محكمة الدائرة الثامنة 

رفعت صحيفة آركنسا تايمز في عام 2018 دعوى على ولاية آركنسا بعد أن طلبت منها الأخيرة أن توقع تعهدًا بالامتناع عن مقاطعة إسرائيل كي لا تخسر عقدًا إعلانيًا مع جامعة آركنسا. واستأنفت الصحيفة الدعوى بعد ردها في البداية، وقضت هيئةٌ مؤلفة من ثلاثة قضاة في الدائرة الثامنة بإلغاء الحكم، حيث خلصت إلى أن القانون “يفرض شرطًا على المتعاقدين مع الحكومة يمس حقوقهم بموجب التعديل الدستوري الأول.” ثم طلبت الولاية من الدائرة الثامنة الكاملة – المعروفة بأنها من أكثر محاكم الدائرة تحفظًا في البلاد – أن تُعيد النظر في القضية وأصدرت قرارها في حزيران/يونيو 2022 ضد صحيفة آركنسا تايمز. 

إن الاستعداد للدوس على حقوق الفلسطينيين وحلفائهم يفتح الباب أمام هجوم أكبر على المجتمع المدني والمبادئ الأساسية للديمقراطية السليمة Click To Tweet

وفي حين أن محكمة الدائرة الثامنة أكدت أن مطالبة شخصٍ ما “بالتخلي عن حق دستوري” من أجل الحصول على عقد حكومي “يفرض شرطًا غير دستوري”، إلا أنها مضت لتُعيد تفسير السابقة القضائية – وهي الحمايات المنصوص عليها في قضية ضد شركة كليبورن هاردوير، حيث احتج القرار بأن حماية التعديل الأول الدستوري تنطبق فقط على الأفعال التعبيرية المصاحبة للمقاطعة. أي أن الخطب والمناشدات والمسيرات التي تروج للمقاطعة محمية بموجب التعديل الأول، في حين أن الإقدام الفعلي على المقاطعة الاقتصادية ليس كذلك. وعلى أساس هذا المنطق، قررت الدائرة الثامنة أن المقاطعة الاقتصادية ذاتها تُعدُّ مثالًا للسلوك “غير التعبيري.”

أثار قرار الدائرة الثامنة انتقادات كثيرة من الزاعمين بأن القضاة أساءوا تمثيل السابقة بالكامل. فقضية الرابطة ضد شركة كليبورن هاردوير تنص بوضوح على أن المقاطعة محمية بموجب التعديل الأول، وعندما أقدم قضاة المحكمة العليا على تحليل كل عنصر من العناصر المكونة للمقاطعة في تلك القضية، لم يفرقوا بين خطاب المقاطعة والمقاطعة نفسها. القاضية جين كيلي، التي كتبت الرأي المخالف للدائرة الثامنة، أخذت هذا المنطق إلى أبعد من ذلك، حيث رأت أن قانون آركنسا، من خلال إصدار تعليمات للولاية بالنظر في الخطاب والأفعال السابقة لشركةٍ أو فرد ما لتحديد ما إذا كانوا يشاركون في مقاطعة إسرائيل، قد يردع الكيانات عن الانخراط في أعمال خطابية واحتجاجية محمية دستوريًا ولا علاقة لها بالمقاطعة. أي أن الأفراد والشركات قد يشعرون بالضغط لتجنب الاحتجاجات والمناشدات التي تنتقد السياسة الإسرائيلية بدافع القلق من أنها قد تندرج تحت تعريف الولاية لمقاطعة إسرائيل، “وبالتالي تقييد ما قد تقوله الشركة أو تفعله.”

تداعيات أوسع النطاق

يستطيع القضاء أن يضطلع بدورٍ فعّال في التصدي لمحاولات تقييد الحقوق المحمية دستوريًا، مثل الحق في المشاركة في حركة المقاطعة، بيد أن على المواطنين الأمريكيين ألا يعتمدوا على القضاء وحده لحماية الحريات المدنية. فبالرغم من أن 59 فقط من أصل 261 مشروع قانون مناهض للمقاطعة أُجيز على المستوى الولائي والمستويات المحلية، إلا أن اللوبي المؤيد لإسرائيل آخذٌ بالتكيف. وطالما ظلت حركة المقاطعة تتعرض للهجوم، فإن الحق في ممارسة المقاطعة كأداة للدعوة والمناصرة في إطار طائفة من القضايا سيظل يتعرض لهجوم. أي أن الحملة المستمرة على حرية المقاطعة لها تداعيات أوسع حتى على المواطنين الأمريكيين الذين لا يدعمون حركة المقاطعة.

لقد استخدمت ولايات عديدة بالفعل تشريعات مناهضة المقاطعة لاستنساخ “قوانين مقلدة” من شأنها أن تُجرِّم المقاطعة وأشكال الاحتجاج، مثل منع الشركات من مقاطعة صناعات الوقود الأحفوري والأسلحة. وعلى سبيل المثال، مشروع القانون الذي طرحه مجلس شيوخ ولاية كنتاكي رقم 205 يحظر على الولاية إبرام عقود مع الشركات قبل أن تُقدِّم شهادة خطية بأنها لن تشارك في مقاطعة شركات الطاقة. وبالمثل، فإن مشروع القانون الذي طرحه مجلس النواب بولاية إنديانا رقم 1409، سوف يمنع الولاية في حال إقراره من إبرام عقود مع الشركات دون شهادة خطية تفيد بأنها لن تميز في تعاملاتها التجارية ضد الكيانات المتعاملة بالأسلحة النارية أو جمعيات التجارة بالأسلحة النارية.

تمثل الجهود المبذولة لتقييد الحق في المقاطعة أسلوبًا موحَّدًا ضمن استراتيجية شاملة تنتهجها العناصر الرجعية في كلا الحزبين لتقويض القيم الديمقراطية في الولايات المتحدة. وإذا نجحت، فإن هذه القوى ستوجّه جهودها بلا شك نحو أشكال أخرى من الاحتجاج وحرية التعبير المستخدمة في الدعوة لإحقاق العدالة. فمنذ عام 2017، سَنَّت 38 ولاية قوانين مناهضة للاحتجاج، غالبًا كردة فعل على حركة حياة السود مهمة والمتظاهرين البيئيين. وتزيد القيود المشددة المفروضة على التصويت في الولايات المتذبذبة الرئيسية من الصعوبة التي يواجهها المواطنون الأمريكيون في أداء واجبهم المدني. ونتيجة لذلك، يُستَهدفُ الناشطون السود وغيرهم من المجتمعات المحرومة بشكل غير متناسب. إن الاستعداد للدوس على حقوق الفلسطينيين وحلفائهم يفتح الباب أمام هجوم أكبر على المجتمع المدني والمبادئ الأساسية للديمقراطية السليمة. 

سُبل التحرُّك 

يُعد قرار الدائرة الثامنة في آركنسا، الذي صدرَ قبل يومين من إلغاء المحكمة العليا لضمانة الحق في الإجهاض المتضمَّنة في القرار الصادر في قضية رو ضد ويد بتاريخ 24 حزيران/يونيو 2022، بمثابة تذكير آخر بأنه لا ينبغي لمواطني الولايات المتحدة الارتكان إلى القضاء وحده للدفاع عن حرياتهم المدنية. ولذلك لا بد من زيادة الوعي وتعبئة التحركات الشعبية الهادفة إلى الضغط على المشرعين وتطوير ضوابط أقوى لهذا النظام المعيب. وعلى وجه التحديد: 

  • ينبغي لأعضاء الكونجرس أن يضطلعوا بواجبهم الدستوري في الدفاع عن حقوق المواطنين الأمريكيين، بما فيها الحق المكفول بموجب التعديل الأول في المشاركة في المقاطعات السياسية. وهذا يقتضي التصويت ضد مشاريع القوانين الفيدرالية المناهضة للمقاطعة مثل مشروع القانون الذي اقترحه عضو الكونجرس لي زلدن (جمهوري) في آذار/مارس 2022 والسيناتور توم كوتون (جمهوري) في تموز/يوليو 2022، وكلاهما يستهدف تفعيل التشريعات الولائية المناهضة للمقاطعة على المستوى الوطني. 
  • ينبغي للناشطين والمدافعين عن الحقوق المدنية والمواطنين الغيورين أن يتصلوا بممثليهم للتعبير عن معارضتهم للقوانين التي تقيد حقهم في المقاطعة. وينبغي أن يبينوا لهم الطبيعة المتداخلة لهذا الاعتداء السافر على حرية التعبير الاجتماعي والسياسي، والتنظيم مع المجموعات الأخرى المتضررة بالتشريعات المستنسخة. ويمكن الاطلاع على مزيد من المعلومات حول كيفية المشاركة على مواقع منظمة الدعم القانوني من أجل فلسطين والحملة الأمريكية من أجل الحقوق الفلسطينية والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية
  • بالنظر إلى أن العمال في الولايات المتحدة آخذون بالانضمام إلى الاتحادات والنقابات بوتيرة غير مسبوقة منذ عقود، فإنه ينبغي لمنظمات المجتمع المدني أن تعمل على إعداد النقابيين، قادةً وأعضاء، للتعبئة الجماعية ضد محاولات أرباب العمل الرامية لإلغاء الحقوق المحمية دستوريًا. فينبغي إعداد الدورات التدريبية وتقديم الإحاطات لقادة النقابات لدمج حق المقاطعة صراحةً في مطالبهم العمالية وتقديم الدعم للعمال الفلسطينيين أو المؤيدين لفلسطين الذين يُستَهدَفون بسبب مشاركتهم في المقاطعات أو غيرها من أشكال الاحتجاج السياسي. 
  • ينبغي للناشطين والأكاديميين والمنظمات غير الحكومية تنسيق الجهود لإنتاج مواد إعلامية للحملات العامة التي تهدف إلى زيادة الوعي العام وتزويد المواطنين الأمريكيين بأدوات للدفاع عن حقوقهم المحمية دستوريًا. وفي هذا الصدد، يضرب الفيلم الوثائقي الصادر مؤخرًا بعنوان “المقاطعة(2021) مثالًا لكيفية حشد المدافعين عن حرية التعبير، والناس عمومًا، الذين قد لا يكونون مدركين للعواقب الأبعد المترتبة على هذه الحملات المنسَّقة المناهِضة للمقاطعة عندما يتعلق الأمر بالاعتداء على الحقوق المحمية دستوريًا.
  1. لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية، اضغط/ي هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.
طارق كيني-الشوَّا هو زميل السياسات في الشبكة المقيم في الولايات المتحدة، ومضيف مشارك لسلسلة مختبر الشبكة للسياسات. حاصل على درجة الماجستير في الشؤون الدولية من...

أحدث المنشورات

 السياسة
تكشفُ تغطيةُ وسائل الإعلام الرئيسية في الغرب لمجريات الإبادة الجماعية في غزة تحيزَها الشديد للنظام الإسرائيلي، وتُبرزُ أيضًا سهولةَ نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين. تتناول يارا هواري في هذا التعقيب استراتيجيةَ إسرائيل في نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين في المجال العام، ودور وسائل الإعلام الغربية في تحقيق أهداف إسرائيل. وتبين أنماطَ التقصير الصحفي المستمرة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وتخلُص إلى أنّ وسائل الإعلام الغربية متواطئة حتمًا في الإبادة الجماعية التي يرتكبها النظام الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 03 أبريل 2024
لعبت كل من مصر والأردن عبر التاريخ أدواراً جيوسياسية مهمة في القضية الفلسطينية، حيث شكلت حدودهم مع قطاع غزة والضفة الغربية على التوالي المنفس الوحيد للعمق العربي وخاصة بعد حرب 1967. تزايدت وتضاءلت نفاذية هذه الحدود مع اختلاف الحكومات والظروف في المنطقة، لكن يمككنا الجزم أن مع مرور الزمن أصبحت هذه الحدود بشكل تدريجي جزءاً من الحصار على الشعب الفلسطيني وأداة ضغط على الفلسطينيين.
تعكف المصادر الإسرائيلية الرسمية على تضليل العالم إعلاميًا على نطاق واسع لتبرير الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة. وقد أجَّجَ الصحفيون ومحللو استخبارات المصادر المفتوحة الحملةَ المسعورة لشيطنة الفلسطينيين بنشرهم الأنباء الكاذبة دون تدقيقها كما ينبغي. يتناول طارق كيني الشوا، في هذا الموجز السياساتي، أساليبَ الحرب الإعلامية الإسرائيلية، ويبيِّن كيف أسهمت هذه الجهود في تآكل الحقيقة وإعاقة الجهود الرامية إلى تنظيم استجابة عالمية. ويقدم توصيات للصحفيين والمحللين وعامة الجمهور للاستفادة من الأدوات مفتوحة المصدر لدحض الدعاية الإسرائيلية والمعلومات المضللة السائدة.
Skip to content