Article - Israel’s Stranglehold on Area C: Development as Resistance

بذلت إسرائيلُ، منذ تشكيل الحكومة الحالية في 2015، جهودًا غير مسبوقة لإحكام قبضتها على الضفة الغربية. طرحت الحكومة الاسرائيلية في السنة الماضية، مثلًا، ما يزيد على 3,100 عطاء لبناء وحدات سكنية في المستوطنات، مسجلةً بذلك رقمًا قياسيًا. غير أن هذا الوضع ليس جديدًا، فالاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ خمسة عقود – ولا سيما منذ توقيع اتفاقات أوسلو في 1995 – يسمح لإسرائيل بمواصلة استعمار الأرض الفلسطينية وتحجيم التنمية الفلسطينية وتشويهها بل وجعلها ضربًا من الخيال.1

وأوضح ما تكون هذه الحال في المنطقة (ج) الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية بموجب إطار أوسلو، وتشكِّل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية، حيث قامت إسرائيلُ بتنمية هذه المنطقة تحقيقًا لأهدافها وغاياتها حصرًا، ولا سيما من خلال تشييد المستوطنات والبنية التحتية العسكرية.

يرى الفلسطينيون في التنمية وسيلةً للمقاومة في مواجهة السياسات الإسرائيلية التوسعية في الضفة الغربية. ومع ذلك، لم يستطيعوا حتى الآن أن يحققوا برنامجًا تنمويًا فاعلًا في تحدي إسرائيل. ولا عجبَ في ذلك لأن التنمية تحت الاحتلال مستحيلة. غير أن باستطاعة الفلسطينيين أن يتعاونوا على تلبية احتياجاتهم الحالية دون تقويض حقوقهم، بما فيها الحق في تنمية دولة فلسطينية مستقبلية.

يتناول هذا التعقيب السُبل المتاحة للفلسطينيين للاستفادة من السياسة الجغرافية الراهنة التي تقوم عليها التنمية وتعزيز مقاومتهم من خلال التركيز على المنطقة (ج). ويتتبع التعقيب كذلك تاريخ هذه المنطقة، ويتناول حرمان الفلسطينيين من التنمية لمصلحة المستوطنين الإسرائيليين، ويقترح سُبلا على الفلسطينيين للدعوة إلى تنفيذ مشاريع إنمائية تعود عليهم بالنفع لأجيال قادمة.

قصة المنطقة (ج)

استحدثت اتفاقات أوسلو التي بدأ توقيعها في 1993 المناطق (أ) و(ب) و(ج) في 1995. تسيطر السلطة الفلسطينية على المنطقة (أ)، وتتقاسم إسرائيل والسلطة الفلسطينية السيطرة على المنطقة (ب). وبالرغم من أن السلطة الفلسطينية مسؤولة نظريًا عن الحياة المدنية في المنطقة (ج)، بما في ذلك التعليم والصحة، إلا أن السلطات الإسرائيلية تُسيطر سيطرةً تامة على الأمن والإدارة، بما في ذلك التخطيط والتنمية.

كان المفترض بهذا الوضع أن يكون مؤقتًا، حيث نصت اتفاقات أوسلو على تسليم هذه المناطق بكاملها للفلسطينيين بحلول 1998، إلا أن ذلك لم يتحقق حتى الساعة وما زالت الضفة الغربية بأسرها تحت الاحتلال الإسرائيلي.

يسمي القانون الدولي الإنساني الفلسطينيين “السكان المحميين،” وإسرائيل “السلطة القائمة بالاحتلال” الممنوعة من إحداث أي تغييرات دائمة، والمُلزمة بالمحافظة على الوضع السابق. غير أن ما نشهده اليوم من تجمعات استيطانية متزايدة ومتنامية لا ينم عن وضعٍ مؤقتٍ البتة. فقد أصبحت المنطقة (ج) تؤوي 6% فقط من فلسطيني الضفة الغربية، أي قرابة 300,000 فلسطيني، وأكثر من 340,000 مستوطن إسرائيلي.

تُعرقل السلطات الإسرائيلية التنميةَ الفلسطينية في المنطقة (ج) وفي معظم أنحاء الضفة الغربية الأخرى من خلال الأوامر العسكرية التي تمنع الفلسطينيين من تسجيل الأراضي أو البناء عليها، ومن تشكيل لجان التخطيط المحلية والإقليمية. وهكذا يُستَبعد الفلسطينيون من المشاركة في العمليات التي توجه دفة التنمية المكانية، بينما تصادر إسرائيل الأراضي بزعم المصلحة العامة لإنشاء الطرق الخاصة بالإسرائيليين اليهود.

المشروع الإسرائيلي ليس مؤقتًا ولا عَرَضيًا، بل هو نظامٌ عرقي قومي استعماري استيطاني دائم Click To Tweet

وعلى هذا النحو، فإن المساحة المخصصة للتنمية الفلسطينية لا تتجاوز 30% من مساحة المنطقة (ج). أما المساحة المتبقية، 70%، فهي مصنفة كمناطق عسكرية مغلقة ومحظورة على الفلسطينيين إلا بتصاريح خاصة من السلطات الإسرائيلية. وما تنفك هذه القيود الصارمة المفروضة على التنمية المكانية الفلسطينية تتزايد بالرغم من استحالة إقامة الدولة الفلسطينية دون المنطقة (ج) لأنها غنية بالموارد الطبيعية والتراث الثقافي، وتمثل المساحة الأكبر المتاحة للتنمية المكانية في الدولة الفلسطينية المستقبلية.

يواصل المتمسكون “بعملية السلام،” التي أوجدت المنطقة (ج) تعمية الحاصل على أرض الواقع من سياسات وممارسات إسرائيلية تخلق ظروفًا شبيهة بالفصل العنصري أو الأبرتهايد. إن المتأمل فيما يجري في المنطقة (ج) يدرك أن المشروع الإسرائيلي – أي الاحتلال العسكري – ليس مؤقتًا ولا عَرَضيًا، بل هو نظامٌ عرقي قومي استعماري استيطاني دائم تمخَّض من الأيديولوجية والممارسات الصهيونية المتطلعة إلى إقامة دولة يهودية خالصة تمتد من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط.

يتجلى هذا في منظومة السيطرة الإسرائيلية التي تضم نظامًا تعريفيًا وطُرقًا التفافية ونقاطًا عسكرية ونظامين قانونين منفصلين مطبقين على الفلسطينيين وعلى المستوطنين الإسرائيليين في الأرض الفلسطينية المحتلة، واحتكارًا إسرائيليًا للموارد الطبيعية الفلسطينية، وجدار الفصل العنصري – وهذه كلها تنتهك القانون الدولي.

آلَ ذلك كما هو واضح إلى قمع التنمية الفلسطينية بطرق عديدة مثل الهدم والتجريف ومنع الفلسطينيين من البناء و”التعاون” المائي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وعلاوةً على ذلك، تعمل بعض مشاريع المعونة والتنمية الدولية على تقويض المصالح الفلسطينية بدلًا من النهوض بها.

قمع التنمية

تدابير التدمير والعزل الإسرائيلية

ثمة خشية من تنفيذ ما يزيد على 12,500 أمرٍ إسرائيلي بهدم نحو 13,000 بناءٍ فلسطيني في المنطقة (ج). وردًا على إمكانية تنفيذ هذه الأوامر، أعدَّ الفلسطينيون 116 خطة شاملة لخدمة 132,000 فلسطيني في 128 مجتمع. تنطوي هذه الخطط على بناء مساكن وتوفير خدمات اجتماعية أساسية مثل المدارس والعيادات. وبالرغم من أن هذه الخطط تفي بالمعايير الدولية، فإن الإدارة المدنية الإسرائيلية المكلفة بالتخطيط والتطوير الحضري في المنطقة (ج) بموجب إطار أوسلو وافقت على 5 خطط فقط من الخطط المعروضة عليها والبالغ عددها 102، ولا تزال 99 خطة قيد المناقشة الفنية منذ 18 شهرًا. وفي الفترة بين 2009 و2013، منحت السلطات الإسرائيلية للفلسطينيين 34 ترخيصًا فقط للبناء في المنطقة (ج) من أصل 2,000 طلبٍ على الأقل.

من الواضح أن هذه التدابير تحول دون تطوير بنية تحتية مجتمعية فلسطينية. فعلى سبيل المثال، تعاني المنطقة (ج) شُحًا في عدد الغرف الصفية والمدارس الابتدائية المجتمعية للفلسطينيين، وهذا يؤثر في فرص الأطفال، ولا سيما الفتيات، في تلقي التعليم. تعوق القيود المفروضة في المنطقة (ج) أيضًا التوسعَ الحضري الطبيعي للمدن والبلدات، فلا يطال القرى الريفية. لقد أبدى المجتمع الدولي دعمَه لبرنامج عمل التنمية المتضمَّن في الخطط الشاملة، وبالرغم من أن بعض البنى التحتية الاجتماعية الحيوية قد أُنشئ بالفعل، إلا أن الفجوة الإنمائية لا تزال واسعة.

وعلى صعيد متصل، يفوق عدد السكان الفلسطينيين في المناطق المبنية في المنطقة (ج) عددَ المستوطنين الإسرائيليين بنسبة 250%. وهذا التناقض يكشف الفرق الشاسع في فرص الوصول إلى الوحدات السكنية والموارد، وهذا التناقض يزداد إذا ما قارنا أعداد السكان في المناطق المخصصة للتنمية – أي كما يرد في الخطط الشاملة التي قدمها الفلسطينيون في ظل القيود الإسرائيلية الراهنة. فعدد السكان الفلسطينيين المتضمن في هذه الخطط المقترحة يكاد يفوق عدد المستوطنين الإسرائيليين المتضمن في خطط المستوطنات بنسبة 600%.

وعلاوةً على ذلك، يفوق عدد السكان الفلسطينيين المقترح في الخطط الشاملة للمنطقة (ج) أعداد الفلسطينيين المقترحة في الخطط الشاملة للمنطقتين (أ) و(ب) بكثير. تعني الكثافة السكانية العالية المقترحة في المنطقة (ج) قلة المساحة المتاحة لاستيعاب النمو السكاني، والقدرة على توفير الخدمات الأساسية، وتأمين المساحات الزراعية وغيرها من وسائل التنمية الاقتصادية. إن تقييد التنمية في المجتمعات المحلية الفلسطينية في المنطقة (ج) يُجبر الفلسطينيين على الهجرة إلى المراكز الحضرية والمجتمعات المحلية الأخرى في المنطقتين (أ) و(ب)، وهو هدف إسرائيلي لإفراغ المنطقة (ج) من الفلسطينيين.

“التعاون” الفلسطيني-الإسرائيلي

إن التعاون الفلسطيني-الإسرائيلي في المنطقة (ج) مضرٌّ ومؤذ. فقد أعلنت السلطة الفلسطينية وإسرائيل في كانون الثاني/يناير 2017 أن التعاون المائي بينهما قد استؤنف بعد تعليق دام ست سنوات. فلم تجتمع لجنة المياه الفلسطينية-الإسرائيلية المشتركة المنبثقة من اتفاقات أوسلو منذ 2010، عندما رفضت سلطة المياه الفلسطينية الاستمرار في منح الموافقات لمشاريع البنية التحتية المائية في المستوطنات الإسرائيلية المنتشرة في المنطقة (ج).

أبرم الطرفان اتفاقًا جديدًا يمنح الحق للجانب الفلسطيني بربط المجتمعات الفلسطينية في المنطقة (ج) بشبكة المياه دون الحاجة لطلب موافقة إسرائيل، ولكنه لا يتطرق لخطط الفلسطينيين من أجل استخراج كميات أكبر من مياه الآبار أو تحديث الآبار أو حفر آبار جديدة. ويسمح الاتفاق لإسرائيل بتشييد البنية التحتية المائية ومد الأنابيب دون موافقة الجانب الفلسطيني – رغم أن إسرئيل لم تتوقف عن ذلك حتى أثناء تعليق التعاون المائي.

لا يُعالج الاتفاق اللامساواة الشديدة الجلية في المجال المائي والسائدة منذ توقيع اتفاقات أوسلو، حيث يستهلك المستوطنون الإسرائيليون، على سبيل المثال، أكثر من أربعة أضعاف استهلاك الفلسطينيين في الضفة الغربية، ومن ضمنها المنطقة (ج)، بينما تُنفق الأُسر الفلسطينية ما يصل إلى خُمس دخلها على المياه. وعلاوةً على ذلك، لا تكتفي السلطات الإسرائيلية بحرمان الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم ومواردهم المائية، بل تدمر أيضًا الأبنية الفلسطينية بما فيها البنية التحتية المائية.

وهكذا فإن التنمية المائية في المنطقة (ج) شبه مستحيلة على الفلسطينيين. فإذا أرادوا ربط مجتمع فلسطيني ناءٍ بأنبوب مياه محدود النطاق، وجَبَ عليهم أن يمدوا ذلك الأنبوب كجزء من مشروع إسرائيلي واسع النطاق لمد أنابيب المياه للمستوطنات الإسرائيلية دائمة الاتساع.

التواطؤ الدولي

إن الخطط التي يضعها المجتمع الدولي للمجتمعات الفلسطينية في المنطقة (ج) بالتعاون معها وبالشراكة مع السلطة الفلسطينية تبرهن أيضًا محدوديةَ التنمية المكانية الفلسطينية. وتستخدم إسرائيل هذه المبادرات كأداة لبسط سيطرتها على الضفة الغربية والقدس وضواحيها.

وعلى سبيل المثال، وافقت السلطات الإسرائيلية على مشروع شبكة طُرق إقليمية أُنشئت أو أُعيد تأهيلها لخدمة الفلسطينيين بدعم من المجتمع الدولي لأن شبكة الطرق ستعود بالنفع أيضًا على المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية. فهذه الطُرق الفلسطينية ستكمِّل الطُرق المخصصة للإسرائيليين التي تربط المستوطنات الإسرائيلية بإسرائيل. ولهذا تداعيات خطيرة لا تقتصر على حق الفلسطينيين في حرية الحركة، إذ تقوِّض هذه البنى التحتية أيضًا الحقوق الفلسطينية الأخرى ذات الصلة، مثل حق التعبد والحق في التعليم، وذلك بإجبار الفلسطينيين على استخدام طُرق أطول تنطوي على تكلفة أكبر.

يجب على الفلسطينيين أن ينبروا للتنمية في المنطقة (ج) عبر استراتيجيات تتجاوز الجهودَ الإغاثية والمبادرات الإنمائية الصغيرة Click To Tweet

وعلاوةً على ذلك، تطغى برامج الطوارئ والإغاثة والعمل الإنساني على التدخلات الإنمائية في الضفة الغربية، ولا سيما المنطقة (ج). وتسببت الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية المزعومة باتكال الفلسطينيين على الجهات المانحة الدولية حتى أخذت القرارات الرئيسية تخرج من أيديهم تباعًا.

وُضِعت هذه السياسات في إطار حل الدولتين، وهي تسمح للفلسطينيين في المنطقة (ج) بالبقاء على قيد الحياة في أحسن الأحوال. والبقاءُ على قيد الحياة – أي الوجود فقط – ضروري لتأمين حل الدولتين. ولكن بينما يَجدُ الفلسطينيون طُرقًا للصمود تحت الضغوط الهائلة التي تشوب السياق الإنمائي في المنطقة (ج)، فإنهم يواجهون انعدام الأمن على نحو متزايد.

قرية سوسيا الواقعة جنوب الخليل هي مثال لذلك. فما انفك أهالي سوسيا البالغ عددهم 340 نسمة والمعتاشون في الأساس على رعي الأغنام يقاومون الممارسات الإسرائيلية على الأرض منذ أن ادعى الاستيطان الإسرائيلي في 1983 أن سوسيا مبنية على أرضه. وفي 1986، أبلغت الإدارة المدنية الإسرائيلية سكان سوسيا باستملاك قريتهم “لخدمة المصلحة العامة” قبل أن يطردهم الجيش الإسرائيلي من منازلهم. وانتقلت العائلات إلى ملاجئ قريبة، قبل أن تجليهم الإدارة المدنية الإسرائيلية مجددًا في 2001.

ما تزال سوسيا على قيد الحياة حتى يومنا هذا لعدة أسبابٍ أبرزها التدخلات الإنسانية وتدابير المناصرة من الفاعلين الدوليين. وقد ضعَ أهالي القرية خططًا للمستقبل مثل الخطة الشاملة لعام 2013. غير أن الإدارة المدنية الإسرائيلية رفضت المصادقة عليها، إذ من شأنها أن تمنح السكانَ الأمنَ والفرصةَ للحصول على إمدادات المياه عبر الأنابيب. وبدلًا من ذلك، أصدرت الإدارة أوامرَ هدمٍ بالعشرات، بينما دأب المستوطنون الإسرائيليون على منع أهالي سوسيا من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، والتعرض لهم بالعنف كما تُثبت الحالات العديدة الموثقة.

ماذا يمكن أن يفعلَ الفلسطينيون؟

لكي يستعيد الفلسطينيون أراضيهم وحقوقَهم، يجب عليهم أن ينبروا للتنمية في المنطقة (ج) عبر تدخلات تتصدى لممارسات الاحتلال الإسرائيلي. ولا بد أن تتجاوز هذه الاستراتيجيات الجهودَ الإغاثية والمبادرات الإنمائية الصغيرة.

المحافظة على الوجود الحالي

أولًا والأهم، يجب على الفلسطينيين أن يحافظوا على مستوى وجودهم الحالي. وبوسع المجتمع المدني الفلسطيني والسلطة الفلسطينية والمانحين أن يجدوا سُبلا كي تستمر المجتمعات الفلسطينية المحلية في المنطقة (ج)، مثل المجتمعات البدوية والرعوية، في النمو والعمل على أراضيها. فلهذه المجتمعات حقوقٌ بموجب القانون الإنساني الدولي تكفل لها استخدمَ أراضيها ومواردها الطبيعة دون تهديد، واستمرارَ ملكيتها للأرض وارتباطها التاريخي بها، والاحتفاظَ بقيمها الثقافية.

إن تعزيز القدرة على استدامة هذه المجتمعات المحلية ممكنٌ من خلال المحافظة الواعية على علاقات القُربى والروابط الاقتصادية مع الفلسطينيين المنتشرين في المناطق (أ) و(ب) و(ج). فتستطيع السلطات الفلسطينية المختصة، على سبيل المثال، أن تضمن بأن تقدم البلديات الكبيرة في المنطقتين (أ) و(ب) الخدمات الأساسية للمناطق الريفية في المنطقة (ج).

يستطيع المجتمع المدني الفلسطيني أيضًا أن يحافظ على الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية بإنشاء، أو تقديم الدعم لإنشاء، خرائط مفتوحة المصدر تشمل المجتمعات المحلية الفلسطينية كافة.

سنّ التشريعات

يجب على السلطة الفلسطينية أن تتخلص من القوانين والأطر التنظيمية البالية بهدف تعزيز النمو في المجتمعات المحلية الفلسطينية. ولا بد من وضع أُطر تركز على حقوق الإنسان والمشاركة الشاملة للكافة لتحلَّ محل السياسات المتقادمة. فيمكن مثلًا سنّ قانون فلسطيني جديد للبناء والتخطيط ليحل محل قوانين البناء والتخطيط المعمول بها منذ الانتداب البريطاني (عقد الأربعينات) والإدارة الأردنية (عقد الستينات). فلم تعدْ هذه القوانين تجدي في التصدي للتحديات التي يواجهها الفلسطينيون على الأرض، حيث ينبغي للقوانين الجديدة أن تعزز المشاركة العامة لتضمن الملكية المحلية للخطط والمشاريع، ولا سيما في المنطقة (ج).

يجب على المجتمع المدني الفلسطيني والقادة السياسيين الفلسطينيين أن يتولوا زمام عملية التنمية بوضع خطط تلبي احتياجات الشعب الفلسطيني Click To Tweet

وينبغي للسلطة الفلسطينية أن تشجِّعَ التعاون والعمل الإنمائي عبر المجتمعات المحلية الفلسطينية في المناطق (أ) و(ب) و(ج) تعزيزًا للنمو الاقتصادي الإقليمي. فيمكنها، مثلًا، أن تنشئ وحدات إدارية أكبر وتدعمها في هذه المناطق الثلاث، كأنْ تنشئ على سبيل المثال مجالس خدمات مشتركة وبلديات مشتركة.

إنهاء الاستعمار

يجب على الفلسطينيين أن يضعوا خططًا لإنهاء الاستعمار في المنطقة (ج). يتضمن المخطط الوطني المكاني لدولة فلسطين لسنة 2009 المدعوم أوروبيًا رؤيةً إنمائية للمنطقة (ج) تُعرف باسم “رؤية فلسطين 2025-2050.” تضع هذه الوثيقة إطار عمل لسبعة قطاعات أساسية هي الاقتصاد والتنمية الحضرية والبنية التحتية والسكان والعلاقات الدولية والخدمات والموارد الطبيعية. ويجب على السلطة الفلسطينية أن تضع اللمسات النهائية على الرؤية الإنمائية المكانية وتُقرها كخطة رسمية تنص على إجراءات محددة تبيِّن كيفية التعامل مع المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة (ج). فعلى سبيل المثال، يمكن إعداد دليل حول كيفية التعامل مع المستوطنات بالتعاون فيما بين أصحاب المصلحة الفلسطينيين جميعًا، بمن فيهم اللاجئون في الشتات. وسوف تحدد المبادئ التوجيهية القطاعات، كقطاع الزراعة أو الصناعة، التي ستوكل إليها هذه المستوطنات في حالة قيام دولة فلسطينية. وستقرر تلك القطاعات مصير المستوطنات – إما بهدمها أو تحويلها.

يجب أيضًا على الفلسطينيين وحلفائهم أن يستمروا في دعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، وأن يعملوا مع المنظمات الدولية دفاعًا عن حق الفلسطينيين في تنمية المنطقة (ج). وينبغي للشركاء الإنمائيين والمنظمات المتعددة الأطراف، ومن ضمنها الأمم المتحدة، أن يدعموا هذه العملية الإنمائية بالنهوض بمشاريع إنشائية واسعة النطاق في المنطقة (ج) بما يتماشى ومعايير حل الدولتين.

إن الخطوات المقترحة أعلاه لا تجلب التنمية الفلسطينية المستدامة، ولكنها تساعد في صدّ الاحتلال العسكري الإسرائيلي في المنطقة (ج) وما وراءها. ومن خلال تبني هذه التدابير وغيرها، يجب على المجتمع المدني الفلسطيني والقادة السياسيين أن يتولوا زمام عملية التنمية بوضع خطط تلبي احتياجات الشعب الفلسطيني وتُثبته في أرضه ليتحدى الخطط الاستعمارية الإسرائيلية.

  1. لقراءة هذا النص  باللغة الأسبانية، اضغط/ي هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.
العضو في الشبكة أحمد الأطرش هو مخطط مكاني واختصاصي تنمية حضريــة فلسطيني. يوجد لديه خبرة عملية واسعة في العمل مع مراكز بحثية وأكاديمية ومؤسسات المجتمع...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

 السياسة
تكشفُ تغطيةُ وسائل الإعلام الرئيسية في الغرب لمجريات الإبادة الجماعية في غزة تحيزَها الشديد للنظام الإسرائيلي، وتُبرزُ أيضًا سهولةَ نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين. تتناول يارا هواري في هذا التعقيب استراتيجيةَ إسرائيل في نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين في المجال العام، ودور وسائل الإعلام الغربية في تحقيق أهداف إسرائيل. وتبين أنماطَ التقصير الصحفي المستمرة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وتخلُص إلى أنّ وسائل الإعلام الغربية متواطئة حتمًا في الإبادة الجماعية التي يرتكبها النظام الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 03 أبريل 2024
لعبت كل من مصر والأردن عبر التاريخ أدواراً جيوسياسية مهمة في القضية الفلسطينية، حيث شكلت حدودهم مع قطاع غزة والضفة الغربية على التوالي المنفس الوحيد للعمق العربي وخاصة بعد حرب 1967. تزايدت وتضاءلت نفاذية هذه الحدود مع اختلاف الحكومات والظروف في المنطقة، لكن يمككنا الجزم أن مع مرور الزمن أصبحت هذه الحدود بشكل تدريجي جزءاً من الحصار على الشعب الفلسطيني وأداة ضغط على الفلسطينيين.
تعكف المصادر الإسرائيلية الرسمية على تضليل العالم إعلاميًا على نطاق واسع لتبرير الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة. وقد أجَّجَ الصحفيون ومحللو استخبارات المصادر المفتوحة الحملةَ المسعورة لشيطنة الفلسطينيين بنشرهم الأنباء الكاذبة دون تدقيقها كما ينبغي. يتناول طارق كيني الشوا، في هذا الموجز السياساتي، أساليبَ الحرب الإعلامية الإسرائيلية، ويبيِّن كيف أسهمت هذه الجهود في تآكل الحقيقة وإعاقة الجهود الرامية إلى تنظيم استجابة عالمية. ويقدم توصيات للصحفيين والمحللين وعامة الجمهور للاستفادة من الأدوات مفتوحة المصدر لدحض الدعاية الإسرائيلية والمعلومات المضللة السائدة.
Skip to content