201023_Al-Zahra_AD_0017

مقدمة

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، قادَت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، عمليةَ طوفان الأقصى، اخترق فيها المقاتلون الحواجز المحيطة بقطاع غزة واستولوا على مستوطنات إسرائيلية، وقتلوا قرابة 1300 إسرائيلي وأسروا 200 آخرين. وعلى إثر ذلك، أطلقَ النظام الإسرائيلي هجومه الأشد فتكًا على غزة. وبينما تعهدت الحكومة بالقضاء على حماس، فإنها شنَّت حملةً من العقاب الجماعي والتطهير العرقي أسفرت عن قتل آلاف الفلسطينيين وتشريد ما يزيد على مليون فلسطيني

في حين يحاول الكثيرون في العالم فهم ما يجري من دمار، ما يزال الفلسطينيون المجاهرون بأصواتهم يتعرضون للإسكات ونزع الصفة الإنسانية عنهم في محاولة لقمع الشهادات التي تتحدى الخطاب السائد. ولمواجهة هذه الاستراتيجية، جمَّعت الشبكة مجموعةً من منشوراتها السابقة التي تُطلِعَ القُراء على السياق الأوسع للحظة الراهنة. تتناول هذه المنشورات والحلقات النقاشية وتسجيلات البودكاست الطبقات المتعددة التي تكوِّن الأساس لهذا الانفجار. وتوفر سُبلاً جديدة لفهم الماضي والحاضر، ولتصور مستقبل مختلفٍ جذريًا.

جذور النضال الفلسطيني

تستحيل مناقشة تطورات تشرين الأول/أكتوبر 2023، ويستحيل فهمها بالكامل وتحليلها، دون الاعتراف بارتباطها الوثيق بالأسباب الجذرية للنضال الفلسطيني. والحديث عن عملية السابع من تشرين الأول/أكتوبر التي نفذتها حماس وما تلاها من ردٍ إسرائيلي بمعزلٍ عن سياق الصراع يعني تجاهل ما يزيد على 75 سنة من العنف الاستعماري والتداعيات المروعة لعقود من القمع ومحاولات المحو. تؤصِّل المنشورات التالية التي أنتجها أعضاء الشبكة السياق المسؤول عن اللحظة الراهنة، وتُذكِّر القارئ بأن الفظائع الأخيرة هي نتيجة للمشروع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي والاحتلال ونظام الفصل العنصري المطبَّق على الأرض الواقعة ما بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. 

غزة: أكبر سجنٍ مفتوح في العالم

تغطية الكثير من وسائل الإعلام الرئيسية في العالم تدفع متابعيها للاعتقاد بأن غزةَ دولةٌ مستقلة تمامًا عن إسرائيل، وغالبًا ما تدخل معها في حروب. ولكنها في الواقع منطقةٌ محاصرة لا تزيد مساحتها عن مدينة لاس فيغاس رغم أنها أكبر بثلاث مرات تقريبًا من حيث عدد السكان، وتخضع لحصار وحشي منذ العام 2007 وخضعت قبلها لعقود من الاحتلال الاستعماري. وفي حين يتعرض الفلسطينيون في غزة لأقسى الظروف التي يفرضها النظام الإسرائيلي، لا بد أن نتذكر بأن غزة ليست أرضًا منفصلة، بل هي جزء لا يتجزأ من أرض فلسطين الكبرى. وتؤكد المختارات أدناه هذه النقطة، وتُذكِّر بأن الفلسطينيين في غزة هم شعب يرسم معالمه اللجوء والبقاء والصمود المستمر. 

فهم حماس

تأسَّست حركة حماس، ذات الجناحين السياسي والعسكري، في العام 1987 إبان الانتفاضة الأولى. فازت في الانتخابات التشريعية الفلسطينية لعام 2006، ما أدى إلى مواجهة عنيفة مع حركة فتح. ومنذ العام 2007، انقسم الحكم في الضفة الغربية وقطاع غزة بين فتح وحماس. وفي حين أن عملية حرب العصابات التي نفذتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أثارت اهتمامًا وأحدثت ضجةً على نطاقٍ واسع، فإن تاريخ الحركة وأهدافها الأساسية لا تزال مبهمة. تتناول هذه المجموعة من منشورات الشبكة حركةَ حماس من الداخل، وتطلعاتها القومية، ودينامياتها الجيوسياسية التي لا تزال تشكل استراتيجيتها.

تساؤلات حول المقاومة 

ما هي أشكال مقاومة الاستعمار الاستيطاني المشروعة وتحت أي ظروف؟ ومن له الحق في وضع حدود الشرعية؟ يصارع الفلسطينيون منذ عقود مع الأسئلة حول أساليب المقاومة وفاعلية استراتيجياتها المتبعة في النضال من أجل التحرير. ورغم استمرار العديد من المناقشات حول هذا الموضوع، فإن الحقيقة الواضحة وضوح الشمس هي أن أيَّ شكلٍ من أشكال المقاومة الفلسطينية سوف يُقمَع بالترهيب والتجريم والعنف الصريح. وما انفك محللو الشبكة، منذ ما يزيد على عقد من الزمن، يتناولون هذا الموضوع؛ والمنشورات أدناه تُعطي لمحةً عن النقاش المستمر داخل المجتمع الفلسطيني. 

توسيع المخيلة الفلسطينية 

يعاني الفلسطينيون حين يحاولون تخيُّلَ واقعٍ غير حاضرهم الاستعماري، إذ يواجهون عمليةً مستمرة تهدف إلى محوهم، وهم محرومون من ماضيهم ومستقبلهم. يسعى المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني إلى السيطرة على الحدود الزمانية والمكانية الفلسطينية من أجل الحد من إمكانية التحرر. غير أن لحظات الانفجار التي تُختَرقُ فيها الحدود المادية تُسهِمُ أيضًا في كسر الحواجز النفسية للشعوب المستعمَرة. تهدف المنشورات أدناه إلى تجاوز القيود الاستعمارية المفروضة على مستقبل الفلسطينيين، وإيجاد حيز لتصور واقعٍ مختلف جذريًا عن الحاضر.

" الشبكة: شبكة السياسات الفلسطينية" هي منظمة مستقلة، غير حزبية ولا تبتغي الربح. توالف الشبكة بين محللين فلسطينيين متنوعي التخصصات من شتى أصقاع العالم بهدف إنتاج...
(2023, أكتوبر 24)
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

 الاقتصاد
تقدّم شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى نفسها على أنها صانعةُ عالمٍ أفضل، مدفوعٍ بالذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والحلول المبتكرة المدعومة بالبيانات. وتحت شعاراتٍ، مثل: "الذكاء الاصطناعي من أجل الخير" (AI for Good)، تَعِدُ بابتكارٍ أخلاقي مسؤولٍ يخدم الإنسانية. إلا أنّ هذه السرديات قد انهارت في غزة، إلى جانب المعايير الدولية وما تبقّى مما يُعرف بالنظام الدولي المحكوم بالقواعد. لقد سلّطت الحرب الإبادية التي شنّتها إسرائيل على غزة الضوء على الدور الذي تلعبه شركات التكنولوجيا الكبرى في تمكين العمليات العسكرية ودعم الاحتلال. فخلف هذا الدمار تكمن البُنى التحتية الرقمية، من خوادمٍ وشبكاتٍ عصبيةٍ اصطناعيةٍ والبرمجيات التي طوّرتها بعض من أكثر الشركات التقنية ريادةً عالميًّا. ومع تسليح إسرائيل الذكاءَ الاصطناعي وتكنولوجيا تحليل البيانات لقتل الفلسطينيين وتدمير منازلهم، يشهد العالم عسكرة للتقنيات والبنى التحتية الرقمية بشكل يعيد تعريف المساءلة القانونية ويكشف عن فراغٍ خطِر في الحوكمة العالمية. يستعرض هذا الموجز السياساتي كيف امتدّ تواطؤ الشركات ليشمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، ويدعو إلى تنظيمٍ عاجلٍ لعسكرة الذكاء الاصطناعي.
Al-Shabaka Marwa Fatafta
مروة فطافطة· 26 أكتوبر 2025
على مدى عامين، ألحقت إسرائيل دمارًا هائلًا بغزة، متسببة في أعدادٍ هائلة من الشهداء بسبب القصف المتواصل وسياسة التجويع الممنهجة. ولا تزال الجهود الدولية للاعتراف بجرائم الحرب الإسرائيلية ووقف عملية القضاء على الشعب الفلسطيني متأخرة وقاصرة. في 16 أيلول/سبتمبر 2025، خلصت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة إلى ما كان الفلسطينيون قد أكدوه منذ البداية: أن إسرائيل ترتكب جريمة الإبادة الجماعية. وفي 29 سبتمبر/أيلول، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مقترحٍ يعد بوقف إطلاق النار، لكنه يخضع الفلسطينيين في غزة لحكم خارجي، وينكر عليهم حقهم في تقرير المصير، ويُرسّخ السيطرة الإسرائيلية على الأرض. ورغم أن الخطة تُقدَّم كأنها مبادرة سلام، فإنها في الواقع محاولة من الولايات المتحدة لحماية النظام الإسرائيلي من المساءلة، في تجسيد واضح لتواطؤ الغرب في استعمار فلسطين وإبادة شعبها. وفي هذا السياق، تُعدّ موافقة حركة حماس على إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين إشارة إلى التزامها بإنهاء العنف الدائر، وفي الوقت نفسه نقلًا للمسؤولية إلى النظام الإسرائيلي وإدارة ترامب لتوضيح وتعزيز التزاماتهم بعملية وقف إطلاق النار. يجمع هذا الموجز السياساتي تحليلات الشبكة خلال العام الماضي، مسلطًا الضوء على السياق البنيوي لفهم جريمة الإبادة الجماعية وآثارها الإقليمية. كما يرصد ويحلل الحملة الإبادية التوسعية التي ينفذها النظام الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية والمنطقة الأوسع، كاشفًا تواطؤ الغرب ليس فقط في تمكين النظام الإسرائيلي من ارتكاب جرائمه، بل أيضًا في حمايته من المساءلة. وفي الوقت نفسه، يُبرز هذا الموجز المبادرات التي تتصدى لحصانة إسرائيل، وتدفع باتجاه تحقيق العدالة والتحرر.
تُبين هذه المذكرة السياساتية كيف أن "حياد الصين المنحاز" إلى النظام الإسرائيلي يتجلى في نأيها الإستراتيجي عن الإبادة الجارية في غزة. فمن خلال الدعوة إلى الوحدة الفلسطينية دون ممارسة أي ضغط مباشر على إسرائيل، تحافظ بكين على علاقاتها مع الدولة الصهيونية متظاهرة بالحياد. لا يعكس هذا الموقف خضوع بكين لهيمنة واشنطن في القضايا المتعلقة بإسرائيل فحسب، بل هو قرار مدروس منها لصون مصالحها الإستراتيجية على المدى البعيد. وبدلًا من أن تتدخل الصين مباشرةً لردع إسرائيل، تُلقي بالمسؤولية على مجلس الأمن، وتتعامل مع قضايا وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات وإطلاق سراح الأسرى وكأنها التزامات تقع على عاتق الآخرين لا ضمن نطاق مسؤولياتها.
رزان شوامرة· 16 سبتمبر 2025
Skip to content