يدخل علينا العام 2024 والفلسطينيون يشهدون حالةً غير مسبوقةٍ من الفقد، إذ قتلَ النظام الإسرائيلي في إطار حربه الإبادية المستعرة منذ تشرين الأول/أكتوبر عشرات الآلاف، وشرَّدَ الملايين، ودمَّر حياة الفلسطينيين في غزة من كل جوانبها. ولهذا الرعب الذي يجتاح غزة أثرٌ بالغ على الفلسطينيين حول العالم، بمن فيهم أعضاء الشبكة وموظفوها.
غير أننا نسعى جاهدين، بينما يعتصرنا الألم منذ الأشهر الماضية، لكي نكون مصدرًا مهمًا للتحليل من وجهة النظر الفلسطينية. وما كان ذلك ممكنًا لولا التزام أعضائنا المستمر. ففي الأسابيع الأربعة الأولى فقط من بداية القصف الإسرائيلي، شارك محللو الشبكة فيما يزيد على 65 إطلالة إعلامية في وسائل إعلامية موزعة على 15 بلدًا. وعملوا جميعًا على دحض الأطر والروايات السائدة المعادية للفلسطينيين. وأصدرت الشبكة أيضًا سلسلةً من المنشورات الهادفة إلى تأطير مستجدات الأحداث ضمن سياقها التاريخي والسياسي الصحيح المتمثل في 75 عامًا من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني.
الأهم من ذلك هو أنّ مقاربتنا في التعامل مع اللحظة الراهنة تستند إلى حدٍ كبير إلى مواقفنا المؤسسية المعلنة الصادرة في شباط/فبراير 2023، إذ أكَّدت رؤيتنا ومهتمنا وقيمنا الجديدة ثلاثةَ مبادئَ أساسيةٍ، ألا وهي رغبتنا في أن نكون مؤسسة فكرية وبحثية للحركة الشعبية، وضرورة وضع تصورات مختلفة جذريًا في إطار النضال من أجل التحرير، وتركيزنا على الفلسطينيين – كخبراء، وكجمهورنا الأساسي، والجهة التي نعتبر أنفسنا مساءلين أمامها.
أفضى هذا التحول المؤسسي أيضًا إلى تغيرٍ في هيكلنا التنظيمي، حيث تبنت الشبكة نموذج القيادة المشتركة. ففي آب/أغسطس 2023، أصبحت المحللة الرئيسية يارا هواري والمديرة الإدارية ميغان دريكسول مديرتي الشبكة بالمشاركة.
وينسجم هذا التغيير مع التزامنا الثابت كمنظمة في مناهضة أنماط التفوق العنصري الأبيض والفكر والعمل الاستعماري، ولا سيما فكرة أن القوة الحصرية بقيادة فرد أوحد. وبدلًا من ذلك، نُرحب بفرصة النمو والتوسع بطريقةٍ تحترم تقاليد القيادة التعاونية.
يعكس هذا التطور جهودَنا المستمرة نحو تحقيق انسجام أكبر مع قيمنا الجمعية، وأبرزها إنهاء الاستعمار. وفي أوقات انعدام اليقين كما هي الحال الآن، لا ننفكُ نسترشدُ بالتزامنا الأساسي بتفكيك القوة الاستعمارية والمقاربة التفوقية، وباسترداد المعارف والأرض والثقافة الأصلية والتركيز عليها من جديد.
وبينما نواصل في خضمّ هذا الدمار تناولنا لِما تنطوي عليه هويتنا كمؤسسة فكرية وبحثية فلسطينية منطلقة من حركة التحرير، يظل التزامنا بإنهاء الاستعمار – بموازاة قيمنا المشتركة الأخرى – هو البوصلة التي توجِّه أعمالنا كلَّها.
نأملُ أن تشاطرونا التزامنا هذا، ونحن نتطلع لأنْ نضعَ بين أيديكم تحليلاتٍ تأسيسيةً وتحويلية في العام الجديد.
نشكر لكم متابعتَكم أعمالَنا ودعمَكم المتواصل.