Baconi commentary image dec2025

يستند هذا التعقيب إلى مداخلات طارق بقعوني في حلقة نقاش عُقدت في تشرين الأول/ أكتوبر 2025 على منصة نوفارا ميديا، ويمكن الاطلاع على التسجيل الكامل باللغة الإنجليزية هنا.

مقدمة

أحدثَ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 تحوُّلًا جذريًّا في النموذج السائد لكيفية تناول القضية الفلسطينية والتفكير فيها. فحتى ذلك الحين، كان الخطاب الدولي محصورًا في مفردات الدولة ومسارات السلام. وكان يُنظر إلى القضية الفلسطينية كصراعٍ ينبغي إدارته، بدلًا من الالتفات إلى وجود نظام مهيمن يجب تفكيكه. غير أن السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كشفَ الجذور العميقة للقضية، وأجبر العالم على مواجهة الحقائق التي لطالما تحدث عنها الفلسطينيون: الاستعمار الاستيطاني، والنكبة المستمرة، والصهيونية، ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي.

ولا يتجلى هذا التحوُّل الجذري في الخطاب وحسب، بل ينطوي على تغيُّرٍ حقيقي في الفهم السياسي العالمي. فقد صار الحديث عن إنهاء الاستعمار والمحاسبة متداولًا في ساحات كانت تقتصر في الماضي على خطابٍ دبلوماسي يدور حول حلِّ الدولتين. وأثبتت الاعتداءات على غزة أن عنف إسرائيل ليس عرضيًّا أو دفاعيًّا، وأن الإبادة الجماعية سمةٌ أصيلة في مشروعها الاستعماري الاستيطاني. أمَّا بالنسبة إلى الفلسطينيين، فإن هذه اللحظة تُعيد تأكيد حقيقةٍ راسخة مفادها أنهم لن ينالوا حريتهم بالتفاوض ضمن نظامٍ ظالم، وإنما بمواجهة البنى التي تشرِّع تجريدهم من حقوقهم ومحو وجودهم. 

وبالنسبة إلى سائر العالم، يرى هذا التعقيب أن الإبادة الجماعية حفَّزت انبثاق موجةٍ راديكالية واسعة. فحينما تتظاهر الحشود في العواصم العالمية مناديةً بتحرير فلسطين، فإنها تعبر في الوقت نفسه عن مطالبها بإلغاء الرأسمالية العنصرية، والأنظمة الاستخراجية، والظلم المناخي، وكل أشكال الفاشية المعاصرة. ولقد بات يُنظر إلى فلسطين من خلال منظور تقاطعي يجمع كل هذه النضالات معًا. وهذا الفهم الراديكالي لهياكل القوة يُعيد تأطير القضية الفلسطينية كمنظارٍ تُرى من خلاله البنية الأشمل للهيمنة العالمية، وليس كأزمةٍ منعزلة.

التحول بعد السابع من أكتوبر

في الشهور السابقة لأحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كانت الأوضاع على الأرض قد جعلت السياسة المتبعة لإدارة القضية الفلسطينية غير قابلة للاستمرار، حيث كان الفلسطينيون يُدارون من خلال المساعدات والحوافز الاقتصادية، بدلًا من تمكينهم بالحقوق أو إحقاق العدالة لهم، فكان النسيج الدولي برمته -متمثلًا في عملية السلام وأطر عمل المانحين واللغة الدبلوماسية- يهدف إلى كبح تطلعات الفلسطينيين ودعم شرعية إسرائيل.

تُستخدم حماس غطاءً لتشتيت الانتباه، بما يُمكِّن إسرائيل من الاستمرار في حملتها الإبادية بزعم الدفاع عن النفس، متجنبةً بذلك المساءلة عن النظام الذي أنتج المقاومة في المقام الأول Share on X

قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، كان العالم ينظر إلى إسرائيل كدولةٍ شرعية في المجتمع الدولي، في حين اُختزل الفلسطينيون في مجرد قضية إنسانية، أو باعتبارهم تهديدًا أمنيًا يجب احتواؤه ضمن أطر “الحرب على الإرهاب“، وابتداءً من عام 1993، نجحت اتفاقات أوسلو عبر مؤتمرات المانحين ومفاوضاتها التي لا تنتهي في الحفاظ على وهم التقدُّم، بينما كانت في واقع الأمر ترسِّخ نظام الفصل العنصري. وعملت الدبلوماسية كأداةٍ للاحتواء، إذ أعادت “عملية السلام” صياغة العنف الاستعماري بلغةٍ تكنوقراطية تخفي حقيقته.

اعتمد هذا النموذج “الإداري” على طمس التاريخ، إذ اعتُبرت النكبة صفحةً مطوية، وأُعيد تأويل الاستعمار المستمر بوصفه “مسألة أمنية”. وبحلول 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان هذا النموذج قد أثبت فشله، فلم يجلب سلامًا ولا استقرارًا، وإنما أسهم في تعميق القمع واليأس وحسب. وكان العام السابق على عملية حماس الأكثر دموية للفلسطينيين منذ عقود، ولا سيما بالنسبة إلى الأطفال، في الوقت الذي واصل فيه العالم النظر إلى فلسطين كقضيةٍ إنسانية وليست نضالًا من أجل التحرير. أثبت السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أن عقودًا من هذه “الإدارة” لم تجلب النظام والأمن، وإنما وفَّرت حاضنةً للمقاومة.

كشف السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أيضًا عن تناقض جوهري في الصهيونية يكمن في زعمها بأن إقامة المستوطنات والتوسع الإقليمي قادران على ضمان أمنٍ دائم، من دون الاضطرار يومًا إلى التعامل مع تَبِعات إزاحة السكان الأصليين أو اضطهادهم. فقد صورت الصهيونية الاستعمار بوصفه خلاصًا، والتشريد بوصفه أمنًا. استمر هذا الوهم لعقود بفضل حمايته من القوى الغربية، ونتيجةً لتغافل وجود الفلسطينيين في رواية العودة اليهودية. وكشف السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كذلك أنَّ الأمان الدائم لا يمكن أن يقوم على محو الآخرين. وهكذا، تسبَّبَ المنطقُ الذي يعد بالأمان في انعدام الأمان.

اليوم، بات واضحًا أن مسألة أمان اليهود ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمسألة تحرير الفلسطينيين. وما دام المشروع الصهيوني يطمح إلى تحقيق الأمان عبر الهيمنة والاستعمار، فإنه يزجُّ الناس في حلقة عنف مستمر، ويضمن استمرار مقاومته. ومن خلال كشف هذا التناقض، أعاد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تعريف معايير العدالة بما ينصُّ على أنَّ أيَّ حلٍّ يحافظ على نظامٍ استعماري استيطاني يستحيل أن يكون عادلًا أبدًا. فإمكانية التعايش لا تقوم على إدارة الفلسطينيين، وإنما على تفكيك النظام الذي مكَّن من تجريدهم من حقوقهم.

السعي المحموم إلى استعادة النظام القديم

في خضم الإبادة الجماعية المستمرة، سعت الحكومات والمؤسسات الدولية جاهدةً إلى إعادة فرض المفردات المألوفة لعالم ما قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. فبرزت مجددًا دعوات وقف إطلاق النار، وتعهدات إعادة الإعمار، وخطابات الاعتراف بالدولة، وإعلان الدعم لـ”حلِّ الدولتين” بوصفها محاولات لطمأنة نظام اضطربت أركانه. ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات تهدف إلى إعادة إنتاج الوضع السابق بدلًا من الاعتراف بأن هذا الوضع هو ذاته جوهر المشكلة. وهي تعمل بمثابة أدوات احتواء تهدف إلى إعادة ترسيخ شرعية إسرائيل وتخفيف حدة السخط العالمي. يُبذل اليوم كل جهدٍ ممكن لإعادة إضفاء الشرعية على الدولة الإسرائيلية بعد أن تمزَّق القناع عن جوهرها القائم على الفصل العنصري والإبادة الجماعية. وبينما خرج ملايين الناس في مسيرات تجوب شوارع عواصم العالم مطالبين بفلسطين حرَّة، يطالبنا قادة العالم بأن نتغاضى عن إبادة جماعية، وأن نعود إلى أوهام الماضي.

هل سيتمكَّن الفلسطينيون من البناء على هذا الزخم العالمي من التضامن -هذه اللحظة من الوضوح- لمواصلة تقويض الوعود الزائفة والعنيفة للصهيونية، ودفع النضال قدمًا نحو فلسطين حرَّة؟ Share on X

لا شك في أن وقف إطلاق النار ضروري لأنه يحفظ الأرواح ويفتح المجال للإغاثة الإنسانية، ولكن لا يجوز الخلط بينه وبين العدالة. وكما يؤكد الخبراء الفلسطينيون باستمرار، لا تجلب إعادة الإعمار في ظل غياب السيادة إلا مزيدًا من التبعية. فالاعتراف بدولة فلسطينية مُختَزلة تفتقر إلى السيادة على أراضيها وحدودها يدعم التقسيم ولا يحقق التحرر. ليست هذه سوى إجراءات جوفاء تهدف إلى احتواء الفلسطينيين، والدليل على ذلك أن أيًّا من هذه الإجراءات لا يأخذ في الاعتبار ضرورة الاستعجال في محاسبة مرتكبي الإبادة الجماعية على جرائم الحرب التي ارتكبوها، بوصف ذلك شرطًا أساسيًّا لوقف العنف المنفلت ضد الفلسطينيين. تهدف كل خطوة من هذه الخطوات إلى إعادة الأمور إلى سابق عهدها، إلى يوم 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عندما كان الفصل العنصري مقبولًا والنكبة منسية. ومع ذلك، لا يمكن إعادة إحياء هذا الوهم، إذ أصبحت بنية العنف جليةً أمام العالم بوضوح لا يُمكن تغافله.

حماس: ستار إلهائي في الخطاب الإسرائيلي

يتمركز محور هذا المسعى الرامي إلى إعادة النظام القديم حول التركيز المفرط في حماس. فتُستَخدم الدعوة إلى “تدمير حماس” ذريعةً لتنفيذ الإبادة الجماعية. ويَسمح هذا لإسرائيل وحلفائها بإعادة تأطير الحرب الشعواء ضد الفلسطينيين بوصفها مكافحةً للإرهاب، تجعل من أي مقاومة فعلًا إجراميًّا. وفي ظل هذا المنطق الاستعماري، تغدو كلُّ أشكال المقاومة -سواءٌ كانت مسلحة أو قانونية أو ثقافية أو دبلوماسية- غير شرعية لأنها تأبى الخضوع.

إنَّ التركيز في حماس ليس إلا ستارًا، فعندما يتحدث النظام الإسرائيلي عن القضاء على حماس، فهو يقصد القضاء على الفلسطينيين جميعًا. لقد تكبدت حماس خسائر كبيرة بلا شك، إذ خسرت كثيرًا من قياداتها وعناصرها، وتضرَّر جزء كبير من بنيتها التحتية ضررًا بالغًا. غير أنه لا يمكن اختزال حماس في أعضائها فقط، فهي تمثل فكرة وأيديولوجيا متجذرة في مقاومة الاحتلال.

إنَّ التركيز في حماس هو تركيز في ردِّ الفعل لا في جوهر المأساة. فحتى لو فُكِّكت حماس غدًا، فإن الإبادة الجماعية وحصار غزة ونظام الفصل العنصري وحرمان الفلسطينيين من حق العودة سيستمر. وفي الوقت نفسه، ستُعيد المقاومة تشكيل نفسها بطرقٍ جديدة، نظرًا إلى استمرار وجود السبب الكامن وراءها، وهو الهيمنة الاستعمارية. وعليه، لا تصبح الدعوة إلى القضاء على حماس خطةً للسلام، بل تعبيرًا صريحًا عن السعي لإخماد كل أشكال الإرادة السياسية الفلسطينية. بهذا المعنى، تُستخدم حماس غطاءً لتشتيت الانتباه، بما يُمكِّن إسرائيل من الاستمرار في حملتها الإبادية بزعم الدفاع عن النفس، متجنبةً بذلك المساءلة عن النظام الذي أنتج المقاومة في المقام الأول.

بالنسبة إلى الفلسطينيين، تحمل هذه اللحظة خطرًا وأملًا في آنٍ معًا. فالتاريخ عَلَّمنا أنْ لا ضمانة لانتصار الشعوب المستعمَرة، فقد أبادت الأنظمة الاستعمارية بعض الشعوب الأصلية، بينما نجت شعوب أخرى ولكن مع مكابدة عبء الصدمة المستمرة والممتدة عبر الأجيال. إنَّ تحرير فلسطين ليس حتميًّا، لكنه ممكن ويقع على عاتق الفلسطينيين تحقيقه. تضعنا هذه اللحظة على مفترق طرق تاريخي حاسم، حيث فقدت الصهيونية جزءًا كبيرًا من جهازها الدعائي وتراجعت هيمنتها على السردية، وتكشفت هشاشة النظام الإسرائيلي، ولكن هل سيتمكَّن الفلسطينيون من البناء على هذا الزخم العالمي من التضامن -هذه اللحظة من الوضوح- لمواصلة تقويض الوعود الزائفة والعنيفة للصهيونية، ودفع النضال قدمًا نحو فلسطين حرّة؟

انكشاف العقلية الاستعمارية الغربية

لأن الشعب الفلسطيني يعاني الاستعمار، فإنه سيواصل مقاومة القوى التي تقمعه وتسلبه أرضه سواء في غزة أو في أي مكان آخر. فلم تعُد قضية تحرير فلسطين محلية أو إقليمية، بل صارت محورًا أخلاقيًّا وسياسيًّا لوعي عالمي ناشئ جديد. هذا وتؤدي الجاليات الفلسطينية في الشتات دورًا حاسمًا في هذا التحوَّل. فمن خلال تشتت الفلسطينيين في مختلف القارات، نجدهم يُسهمون في صياغة الخطاب داخل الجامعات والبرلمانات وفي الشوارع. ويتشابك نضالهم مع حركاتٍ عالمية تسعى إلى تحقيق العدالة المناخية والمساواة العرقية والقضاء على الاستعمار. وتُظهر المحاولات الرامية إلى تجريم خطابهم -سواءٌ بالعقوبات أو الرقابة أو حملات التشويه- تنامي تأثيرهم. ومن خلال تأكيد فلسطينيي الشتات على مفردات التحرير، جنبًا إلى جنب مع حركة التضامن الأوسع، فإنهم يُسهمون في تفكيك الأسس الخطابية للإمبريالية نفسها.

هذا تحديدًا ما يعنيه تحرير فلسطين: تفكيك نظام الفصل العنصري، واستعادة فلسطين عبر فتح أفقٍ لمستقبل من الحرية والعدالة بين النهر والبحر Share on X

لقد كشف السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الامتدادات الاستعمارية الكامنة في النظام العالمي، إذ دلَّلت استجابات الحكومات الغربية لهجوم إسرائيل على غزة -من توفير الدعم العسكري والغطاء الدبلوماسي وقمع التضامن مع فلسطين- على استمرار وجود الإمبريالية تحت الغطاء الليبرالي. لقد تحوَّلت المؤسسات التي أُنشئت بعد الحرب العالمية الثانية لضمان الحقوق العالمية إلى وسائل للحفاظ على السلطة والهيمنة. فعندما يُطبَّق القانون الدولي انتقائيًّا، يفقد طابعه القانوني ليصبح لغةً للهيمنة.

وهكذا، صارت الإبادة الجماعية في غزة مرآةً يواجه فيها العالم حقيقته، فهي تعكس البنية العرقية للقوى العالمية التي تربط تجريد الفلسطينيين من حقوقهم بأنظمة أوسع من الاستغلال والسيطرة، بما فيها سرقة الموارد وعسكرة الحدود ومراقبة المهاجرين. فلسطين ليست أزمة منفصلة، بل هي الجبهة الأمامية للصراع العالمي بين القوى الاستعمارية والسعي إلى العدالة الشاملة. إن المطالبة بحرية فلسطين تعني المطالبة بإنهاء النظام الاستعماري الذي يُعيد إنتاج الاستغلال حول العالم. ينبغي على الفلسطينيين الاستمرار في التعبير عن التحرر ضمن إطار أجندة عالمية موحدة. إنَّ الحديث عن الحرية من النهر إلى البحر يشير إلى أفقٍ عالمي للعدالة. وفي حين أن السابع من تشرين الأول/ أكتوبر قد أتاح تصور هذه الرؤية، فإن التحدي الحالي يتمثل في استدامتها.

الخاتمة

لم يستحدث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر سياسات جديدة، بل كشف حقيقة السياسات القديمة، لكنه فضح الفساد الأخلاقي لنظام عالمي يصف نفسه بـ”الليبرالي” ويدعم إبادة جماعية في الوقت نفسه. كذلك حطَّم الأسطورة القائلة بإمكانية تحقيق السلام دون التصدي لنظام التجريد والمحو نفسه. إنَّ محاولة إعادة إحياء “عملية السلام” هي جهد لطمس هذا الوضوح باستخدام لغة الدبلوماسية.

وختامًا، أدت الإبادة الجماعية إلى موجة راديكالية عالمية. لم يعد بإمكان العالم تجاهل ما شاهده عبر البث المباشر لإبادة تُبرَّر تحت شعار الديمقراطية الليبرالية. لقد أدرك العالم أنه لم يعد بإمكان إسرائيل الاستمرار كدولة فصلٍ عنصري، وهذا تحديدًا ما يعنيه تحرير فلسطين: تفكيك نظام الفصل العنصري، واستعادة فلسطين عبر فتح أفقٍ لمستقبل من الحرية والعدالة بين النهر والبحر.

بالنسبة إلى الفلسطينيين، لا سبيلَ للتراجع، إذ انقلب السائد، ولم يعد تحقيق العدالة ممكنًا من دون تفكيك البُنى التي أتاحت تجريدهم من حقوقهم. ومن الناحية الإستراتيجية، يكمن التحدي في ترسيخ هذا التحوُّل وترجمته إلى مشروعٍ منظم لإنهاء الاستعمار. فلا تقتصر العدالة على قيام دولة تحت الاحتلال، بل ينبغي أن تؤمِّنَ الحقوق الفلسطينية جميعها: الحق في العودة والمساواة والسيادة. ويستلزم هذا إعادةَ تأسيس المؤسسات السياسية الفلسطينية على ركائز التحرر وليس التبعية للمانحين، والحرص على أنها تجسِّد التطلعات الجماعية للفلسطينيين أينما كانوا.

طارق بقعوني هو رئيس مجلس إدارة الشبكة. عَمِلَ زميلًا سياساتيًا للشبكة في الولايات المتحدة في الفترة 2016-2017. وعَمِلَ في رام الله لدى مجموعة الأزمات الدولية...

أحدث المنشورات

استخدمت الإمبراطوريات الأوروبية الإرساليات المسيحية لإضفاء الشرعية على غزواتها في إفريقيا وخدمة مصالحها الإمبريالية، ما أسَّس لظهور شكل سياسي من الصهيونية المسيحية. وقد اضطلع الإنجيليون البريطانيون بدور محوري في تحويل الصهيونية المسيحية من معتقد لاهوتي إلى أداة للإستراتيجية الإمبريالية، عبر الترويج لإعادة توطين اليهود في فلسطين بوصفه وسيلة لتعزيز النفوذ البريطاني. ولا يزال هذا التزاوج بين الأيديولوجيا الدينية والطموح الإمبريالي قائمًا في الحركات المعاصرة للصهيونية المسيحية، التي تُقدِّم إسرائيل على أنها تحقُّق للنبوءات التوراتية، وتُعيد تأطير الوجود الفلسطيني باعتباره عقبة أمام نظام مُقدَّر إلهيًّا. يسلَّط هذا الموجز السياساتي الضوء على سبل ترسُّخ هذه السرديات وآثارها في السياسات العامة داخل الجنوب العالمي، بما في ذلك جنوب إفريقيا. وفي هذا السياق، يعتمد النظام الإسرائيلي بشكل متزايد على شبكات الصهيونية المسيحية بهدف إضعاف التضامن التاريخي مع الشعب الفلسطيني وتعبئة الدعم للاحتلال.
Al-Shabaka Fathi Nimer
فتحي نمر· 07 ديسمبر 2025
 السياسة, الاقتصاد
في مختبر السياسات هذا، نستضيف الأستاذتين مروة فطافطة وإسلام الخطيب، وبمشاركة الميسر فتحي نمر، في جلسة تحليلية تبحث في استخدام الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات في قمع وابادة الشعب الفلسطيني.
في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، اعتمد مجلس الأمن القرار رقم 2803 الذي يزكِّي الخطة ذات العشرين بندًا التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة. وقد فُرض التصويت بعد أسابيع من الضغوط الأمريكية، ليُقرَّ إنشاء هيئتين يُفترض أنهما انتقاليتان لتولي السيطرة على غزة: "مجلس السلام" المكلف بالإشراف على توزيع المساعدات، وإعادة الإعمار، والإدارة اليومية، و"قوة دولية لتحقيق الاستقرار في غزة"، المكلفة بتولي الشؤون الأمنية ونزع سلاح حركة حماس. ومن اللافت أن القرار لا يشير إلى الإبادة الجماعية التي فتكت بغزة خلال العامين الماضيين، ولا يتطرق إلى المساءلة عنها. توضح هذه المذكرة السياساتية كيف يعيد القرار تغليف السيطرة الاستعمارية على الشعب الفلسطيني في غزة، ويُكافئ الولايات المتحدة -وهي شريكة في الإبادة الجماعية- بالسيطرة على غزة وعلى عملية إعادة الإعمار التي قد تدرّ أرباحًا كبيرة، بينما يُعفي في الوقت نفسه النظام الإسرائيلي من جميع مسؤولياته كقوة احتلال غير قانونية. وبذلك، يُقوِّض مجلس الأمن مرة أخرى مبادئ الأمم المتحدة القانونية تحت ضغط الولايات المتحدة، بدلًا من أن يدفع في اتجاه العدالة.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 20 نوفمبر 2025